نيوز عربي – جنيف
أقر المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر، بيير كرينبول، أن معاناة سكان غزة ستظل وصمة في ضمير العالم لعقود قادمة. وأضاف في مقابلة مع صحيفة لوتان السويسرية أن منظمته تواجه أزمة تمويل خانقة، مشيدًا في الوقت ذاته بأهمية القانون الإنساني الدولي رغم تكرار انتهاكه.
أزمة تمويل وتحديات إنسانية
أوضح كرينبول أن اللجنة تأثرت بشكل خاص بانخفاض التمويل القادم من المانحين الأوروبيين والأميركيين، لكنها لم تتأثر بعد بتخفيضات إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. وأشار إلى أن الدعم الأميركي يمثل نحو ربع ميزانية اللجنة، وأن فقدان هذا التمويل ستكون له تداعيات كبيرة. لذلك، باشرت المنظمة اتخاذ تدابير وقائية، من أبرزها تجميد التوظيف.
وأعرب عن تفهمه لمطالب مراجعة أداء المنظمات الإنسانية في ظل تراجع التمويل العالمي، مشددًا على ضرورة تحقيق أقصى فاعلية بموارد أقل، ومساءلة العاملين في هذا المجال عن أدائهم.
الوقاية أهم من المساعدات
انتقد كرينبول الطريقة التي تتعامل بها الدول مع النزاعات، قائلاً: “لا يكفي فقط إرسال المساعدات بعد اندلاع الصراعات، بل يجب التركيز على الوقاية والسعي لحل النزاعات قبل أن تتفاقم“. ودعا إلى مزيد من الاستثمار في منع الحروب بدلًا من الاقتصار على معالجة تداعياتها.
وعند سؤاله عن إلغاء مؤتمر سويسري حول اتفاقية جنيف الرابعة، رفض كرينبول التعليق المباشر، واكتفى بالتأكيد على أن اللجنة أجرت حوارات متعددة الأطراف لتذكير الدول الأطراف بأهمية القانون الإنساني كوسيلة لتجاوز الانقسامات السياسية.
غزة: صورة للجحيم المعاصر
تحدث كرينبول بألم عن الواقع في غزة، واصفًا الوضع هناك بـ”الجحيم المطلق”. وقال: “تخيل ولو للحظة ما يعيشه سكان غزة. آلاف العائلات هجّرت، المئات قتلوا، وآخرون أصيبوا أو بترت أطرافهم. النظام الصحي انهار، والمعاناة لا توصف”.
وأضاف: “في غزة، الناس فقدوا الأمل. لا يعرفون كيف يعتنون بأطفالهم أو بكبار السن. هناك آلاف المفقودين لا نعرف مصيرهم. هذا الواقع سيظل يطاردنا، لأن لا أحد يستطيع القول إنه لم يكن يعرف. كل شيء موثق، الصور موجودة، والبيانات منشورة”.
القانون الإنساني.. رغم الانتهاكات
ورغم الفظائع، أكد كرينبول أن القانون الإنساني الدولي لا يزال أداة ضرورية. وقال: “صحيح أنه كثيرًا ما يُنتهك، لكن عندما يُحترم، ينقذ الأرواح، ويسهل الوصول إلى المعتقلين، ويساهم في إطلاق سراح الرهائن“.
وختم بالقول إن اتفاقيات جنيف لم تكن من صنع مثاليين، بل جاءت نتيجة مفاوضات بين سياسيين وعسكريين أدركوا فظائع الحروب، خصوصًا بعد الحرب العالمية الثانية، مشددًا على أن التمسك بهذه القواعد هو ما يبقي إنسانيتنا قائمة.
