السياحة الإيرانية تشهد انتعاشًا خلال رمضان بفضل تزامن العشر الأواخر مع رأس السنة الفارسية
طهران – على عكس التراجع النسبي الذي شهدته السياحة الإيرانية في الأشهر الرمضانية السابقة، شهدت السياحة هذا العام انتعاشًا ملحوظًا بفضل تزامن العشر الأواخر من رمضان مع عطلة رأس السنة الفارسية، مما أسهم في تنشيط السياحة الرمضانية. ويعد الاعتدال الربيعي، الذي يتزامن مع بداية فصل الربيع في 20 مارس/آذار من كل عام، من أبرز فترات الذروة السياحية في إيران، حيث يتساوى تقريبا طول الليل والنهار في معظم أنحاء الكرة الأرضية.
وقد أعلن مصطفى فاطمي، المدير العام لدائرة تنمية السياحة الداخلية في وزارة السياحة والتراث الثقافي، عن تسجيل أكثر من 17 مليون زيارة حتى اليوم الثالث من السنة الإيرانية الجديدة (التي بدأت في 21 مارس)، على الرغم من تزامن إجازة عيد النيروز مع شهر رمضان، بالإضافة إلى هطول الأمطار الغزيرة في بعض المحافظات الإيرانية.
تشير هذه الأرقام إلى أن الاعتدال الربيعي هذا العام قد أصبح نقطة جذب رئيسية للسياح المحليين والأجانب، ويعكس تحولًا في نمط السياحة الإيرانية خلال شهر رمضان، إذ تزايد الإقبال على الوجهات السياحية، مما يدعم التوقعات بتسجيل موسم سياحي مميز في الأشهر القادمة.

السياحة الإيرانية تشهد نمواً ملحوظاً خلال العطلة الوطنية واحتفالات رأس السنة الفارسية
طهران – في تصريح صحفي نقلته وكالة أنباء تسنيم الإيرانية، أكد مصطفى فاطمي، المدير العام لدائرة تنمية السياحة الداخلية في وزارة السياحة والتراث الثقافي، أن محافظات مازندران وكيلان (شمال) وخوزستان (جنوب غرب) وخراسان الرضوية (شمال شرق) وهرمزكان (جنوب) قد تصدرت قائمة المحافظات الأكثر جذباً للزوار خلال الفترة الحالية.
من جهة أخرى، أشار سعيد رسولي، مساعد مدير شؤون النقل في وزارة الطرق والتنمية الحضرية، إلى زيادة السياحة الداخلية بنسبة 4% حتى اليوم الرابع من عطلة عيد النيروز مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتوقع رسولي، في تصريحات نقلتها وكالة أنباء إرنا الرسمية، ارتفاع مؤشرات السياحة خلال الأسبوع الثاني من العطلة الوطنية.
إجازة وطنية
وفي مطار مهرآباد غربي العاصمة طهران، تحدث لطيف، المواطن العربي البالغ من العمر 43 عامًا والذي يعمل مدرسا للغة العربية، قائلاً إنه يستغل إجازة رأس السنة الفارسية كل عام لزيارة أقاربه في مدينة الأهواز جنوب غربي إيران. وأضاف لطيف في حديثه لـ نيوز عربي، أنه بفضل تزامن إجازة رأس السنة الإيرانية مع شهر رمضان هذا العام، تمكن هو وأسرته من إحياء ذكريات الماضي، حيث كانوا يقضون عادة عطلة عيد الفطر في مدينتهم ذات الأغلبية العربية.
تستمر هذه الفترة في جذب السياح الإيرانيين، مما يعكس قوة السياحة الداخلية في إيران ويعزز التوقعات بتحقيق نمو ملحوظ في أعداد الزوار خلال الأيام المقبلة.

أما الحاج محمد علي (62 عاما) وزوجته فاطمة (57 عاما) فيحرصان على الاحتفال بعيدي النيروز والفطر في مدينة مشهد، لأنها تجمع بين الروحانية والمعالم الثقافية والتراثية، ويؤكد محمد وزوجته في تصريح للجزيرة نت أن هذه المدينة التي تعتبر العاصمة الدينية للبلاد تحظى بمكانة مميزة، بفضل احتضانها مرقد علي بن موسى الرضا الإمام الثامن لدى الشيعة.
أما مهرداد (48 عاما) الذي يعمل أستاذا بجامعة تبريز فيرى في تزامن الشهر الفضيل وعطلة رأس السنة الإيرانية “توفيقا إجباريا” للإقامة 10 أيام في العاصمة ليتمكن من إتمام صلاته وصيامه خلال فترة السفر، مضيفا -في حديث للجزيرة نت- أنه لا يحتمل المكوث في طهران طيلة السنة، بسبب تلوث أجوائها وزحمة السير فيها، لكنه يتوق لتفقد معالمها خلال إجازة رأس السنة حيث يخرج ملايين السكان منها.
الحكم الشرعي
وبحثا عن الحكم الشرعي للصائم في السفر لدى الإيرانيين، توجهت الجزيرة نت بالسؤال إلى الأستاذ في حوزة قم العلمية الشيخ مهدي مسائلي، والذي قال إن “الشخص الذي يقصد المكوث لفترة لا تقل عن 10 أيام في منطقة محددة فإن صلاته كاملة، وليست قصرا وعليه فإن الصوم سيكون واجبا عليه”.
وأضاف عالم الدين الإيراني أنه “لا يجوز صوم المسافر عندما يتوجب عليه القصر في الصلاة، فيجب عليه القضاء بعد ذلك”، موضحا أن المسافر الذي يتم في صلاته، سواء كان كثير السفر أو يقيم في وطنه ومسقط رأسه أو يقصد البقاء 10 أيام على أقل تقدير في مدينة أخرى فإن صومه صحيح وصلاته كاملة.
وختم الشيخ مسائلي بالقول إن مراجع الدين الشيعة يكاد يجمعون على أن الصوم صحيح عند قصد الصائم البقاء 10 أيام أو أكثر في منطقة محددة، شريطة عدم تجاوزه حد الترخص أثناء تلك الفترة، موضحا أن حد الترخص الشرعي هي المسافة التي تتوارى عنها جُدران بيوت المدينة ويخفى فيها صوت الأذان.
الشركات تتسابق
ومن أجل تنشيط السياحة الرمضانية وتسهيل البقاء 10 أيام متتالية على الصائمين، تتسابق الشركات السياحية على إطلاق حملات سياحية تتناسب والأجواء الرمضانية وظروف الصائمين؛ فتعد خططا متكاملة لإقامة الصائمين لفترة لا تقل عن 10 أيام، وتحرص على إثراء الحملات بفعاليات دينية ومهرجانات شعبية وطقوس فلكلورية.

كما تحرص البلديات الإيرانية على إطلاق فعاليات سياحية وثقافية بالمجان خلال ساعات النهار وبرامج دينية تبدأ مع موعد الإفطار، وتستمر حتى ساعات متأخرة من الليل، كما تحث هذه البلديات الفنادق والمطاعم على تقديم عروض خاصة في شهر رمضان المبارك، لتكون الفترة الممتدة من الإفطار حتى السحور نابضة بالحياة.

فعلى سبيل المثال، أطلقت بلدية طهران 100 محطة لاستقبال السياح وبسط موائد الإفطار في ربوع العاصمة، فضلا عن فعاليات دينية أخرى تقتصر على الأماكن المقدسة لدى الشيعة (العتبات)، وكبريات المساجد والحسينيات لتنشيط الحياة الليلية فيها.
في السياق نفسه، يقول أمين لجنة السياحة في بلدية طهران أمير قاسمي إن البلدية أطلقت 30 حملة سياحية مجانية بشكل يومي طيلة إجازة رأس السنة والعشر الأواخر من رمضان، لكي يزور الإيرانيون المعالم التراثية والمتاحف ومعارض القوميات.
ورغم الانتعاشة التي تشهدها إيران بفعل ما يسمى السياحة الرمضانية خصوصا في العشر الأواخر، إلا أن السياحة في البلاد لا تزال تعاني تراجعا منذ ما يعرف باحتجاجات مهسا عام 2022.