المقاومة تصعّد عملياتها في غزة وإشارات لتغير في الموقف الأميركي
صعّدت المقاومة الفلسطينية من عملياتها ضد القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، في وقت يستعد فيه جيش الاحتلال لتوسيع هجومه البري. ويصف خبراء هذه الإستراتيجية بأنها تهدف إلى دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب نحو وقف الحرب أو على الأقل كسر سياسة التجويع التي يتبعها الاحتلال.
وأعلن جيش الاحتلال صباح اليوم السبت عن إصابة 9 جنود، بينهم قائد الكتيبة 6310 ونائب قائد الكتيبة 252، جراء انفجار عبوة ناسفة في حي الشجاعية شمالي القطاع. وجاء ذلك بعد الإعلان عن مقتل جنديين آخرين في اشتباك جنوبي غزة.
وفي ظل هذا التصعيد، بدأت الولايات المتحدة باستخدام نبرة جديدة، حيث صرّحت متحدثة باسم الخارجية الأميركية بأن “الحرب والمجازر الجماعية لن تكون حلاً”.
تراجع التأييد لحكومة نتنياهو
على الصعيد الداخلي، تتصاعد الدعوات داخل إسرائيل لوقف الحرب، في ظل تراجع حاد في التأييد الشعبي والسياسي لحكومة بنيامين نتنياهو. ووفق مراسل نيوز عربي في فلسطين، إلياس كرام، تشير آخر استطلاعات الرأي إلى أن الائتلاف الحاكم خسر نحو 20 مقعدًا من أصل 68، ما يعكس فقدانه للشرعية السياسية.
وبحسب استطلاع صادر عن معهد الأمن القومي، فإن 71% من الإسرائيليين لا يثقون في نتنياهو، و56% يرون أن الحرب أصبحت مسيّسة، فيما يؤيد 69% التوجه نحو وقف القتال والتوصل إلى اتفاق، خاصة في ظل محاولات نتنياهو تمرير قانون يعفي الحريديم من الخدمة العسكرية.
المقاومة تفرض معادلة جديدة
يرى المحللون العسكريون الإسرائيليون أن العمليات الأخيرة تُظهر جهوزية المقاومة لأي اجتياح بري محتمل، بعد أن أوقعت نحو 8 قتلى و40 جريحًا بين جنود الاحتلال خلال الأسبوع الماضي.
الخبير العسكري العميد إلياس حنا وصف الكمين الذي وقع في الشجاعية بأنه جزء من تصعيد مدروس من جانب المقاومة، يستهدف تكبيد الاحتلال أكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية. وبيّن أن العملية استهدفت وحدة استطلاع، ما يشير إلى نية الاحتلال شن هجوم بري في المنطقة.
وأضاف حنا أن الخسائر المتزايدة رغم استخدام إسرائيل لأقصى قدر من قوتها، تؤدي إلى تراجع معنويات الجنود، وتعزز قناعة بأن الحرب لم تعد مجدية، وهو ما يزيد من صلابة المقاومة.
الداخل الإسرائيلي في حالة انقسام
وفي قراءة للمشهد الداخلي الإسرائيلي، يرى الباحث في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى أن غياب الإجماع الشعبي والسياسي على الحرب يعكس تحوّلًا عميقًا في المزاج العام. ويُعزى ذلك إلى فقدان الثقة في الحكومة وتغليبها لمصالحها الخاصة، إضافة إلى رغبة الشارع الإسرائيلي في استعادة الحياة الطبيعية.
وبحسب مصطفى، فإن خيار التهجير أو الحرب الطويلة لم يعد مقبولًا لدى غالبية الإسرائيليين، بخلاف ما كان عليه الوضع بعد السابع من أكتوبر 2023. ويعتقد أن وقف الحرب أصبح مرهونًا بضغط حقيقي من الرئيس ترامب على نتنياهو.
المقاومة تراهن على زيارة ترامب
وفي السياق، يعتقد الباحث السياسي سعيد زياد أن تصعيد المقاومة يأتي في سياق استغلال زيارة ترامب للمنطقة، في محاولة لإقناعه بعبثية الحرب. ويضيف أن اللهجة الأميركية المتغيرة، وإلغاء زيارة وزير الدفاع الأميركي لتل أبيب، قد تشكل مؤشرات على وجود فرصة للضغط باتجاه وقف الحرب.
وترى المقاومة -وفق زياد- أن استمرار العمليات العسكرية لن يؤدي إلى الحسم، وأنه قد يكون بالإمكان التوصل إلى مفاوضات لا تشترط نزع سلاح حماس، خلافًا لما تسعى إليه حكومة نتنياهو.