• Home  
  • ماذا وراء إصلاح صناديق التقاعد في المغرب؟
- اقتصاد

ماذا وراء إصلاح صناديق التقاعد في المغرب؟

الرباط- عاد ملف إصلاح أنظمة التقاعد في المغرب ليطفو مجددا على السطح وسط تصاعد الضغط المالي على الصناديق وصعوبة توازن مواردها مع التزاماتها المتزايدة.وخلق هذا الوضع حالة من الحذر والترقب لنتائج الحوار الاجتماعي المنتظر، خشية أن تمس التعديلات حقوق المتقاعدين المكتسبة أو تقلص من قيمة معاشاتهم. وتتحدث الحكومة عن إصلاح شامل يهدف إلى ضمان استدامة […]

ماذا وراء إصلاح صناديق التقاعد في المغرب؟
الرباط- عاد ملف إصلاح أنظمة التقاعد في المغرب ليطفو مجددا على السطح وسط تصاعد الضغط المالي على الصناديق وصعوبة توازن مواردها مع التزاماتها المتزايدة.وخلق هذا الوضع حالة من الحذر والترقب لنتائج الحوار الاجتماعي المنتظر، خشية أن تمس التعديلات حقوق المتقاعدين المكتسبة أو تقلص من قيمة معاشاتهم.

وتتحدث الحكومة عن إصلاح شامل يهدف إلى ضمان استدامة الأنظمة المالية للصناديق وحماية السلم الاجتماعي، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على تنافسية الاقتصاد الوطني.

خطوط حمراء

في المقابل، ترفع النقابات “خطوطا حمراء”، مهددة بالتصعيد إذا تم المساس بحقوق المتقاعدين أو بإجراءات مثل رفع سن التقاعد أو تقليص نسبة المعاشات. ويستعيد الجميع في ذاكرتهم تجربة الإصلاح السابق، الذي رغم محاولاته، رافقه تذمر واسع وأثار احتجاجات.

وقد كشفت دراسة رسمية عن مؤشرات مالية “مقلقة” في صناديق التقاعد الأساسية شملت:

  • تسجيل نظام الصندوق المغربي للتقاعد -المعاشات المدنية (القطاع العام)- عجزا تقنيا بلغ 7.2 مليارات درهم (720 مليون دولار) في 2024، رغم زيادة الاشتراكات والمزايا.
  • انخفاض الاحتياطيات بنسبة 7.1% مقارنة بعام 2023.
  • بلغ العجز التراكمي منذ 2014 ما يقارب 60.3 مليار درهم (6 مليارات دولار)، نصفها فقط في السنوات الخمس الأخيرة.
  • سجل النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (المؤسسات العمومية والجماعات الترابية) فائضا بـ1.2 مليار درهم (120 مليون دولار).
  • سجل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (القطاع الخاص) فائضا بـ4 مليارات درهم (400 مليون دولار) سنة 2024، لكنهما لا يزالان يعانيان من نقص في التسعير.
  • أما الصندوق المغربي المهني للتقاعد (نظام تكميلي)، فقد حافظ على أداء إيجابي بفائض 8.2 مليارات درهم (820 مليون دولار).

ولم يتجاوز معدل النمو السنوي للصناديق 1.2% خلال 5 سنوات، مما يعكس هشاشة التوازن المالي العام للنظام ويطرح إشكالية الاستدامة المستقبلية.

أسماء الأنباري: الإصلاحات السابقة كانت تستند إلى المعيارية (نيوز عربي)

جذور الأزمة

قامت الحكومة المغربية بإصلاح أنظمة التقاعد سنتي 2016 و2021 من أجل وضع حد للاختلالات الناتجة عن سوء التدبير لسنوات طويلة.

وتؤكد الباحثة في الحماية الاجتماعية أسماء الأنباري -للجزيرة نت- أن الإصلاحات السابقة كانت تستند إلى “المعيارية”، أي تعديل المقاييس مثل رفع سن التقاعد أو زيادة الاشتراكات، من دون تغيير جوهري في هيكل النظام، مما أدى إلى تأجيل استنزاف الاحتياطيات فقط دون معالجة الدين الضمني، وهو الالتزامات المستقبلية للنظام، وذلك يعني استمرار هشاشة الوضع المالي.

بدوره، يقول المحلل الاقتصادي المغربي محمد جدري -للجزيرة نت- إن هذه الإجراءات أجلت العجز من 2022 إلى 2028 فقط، من دون حلول جذرية. ويرى أن التأخير في إصلاح أنظمة التقاعد يكلف المغرب خسائر مالية يومية تقدر بملايين الدراهم، مشيرا إلى أن ضعف الحوكمة وعدم استثمار الأموال في مشاريع إنتاجية ذات عوائد مرتفعة يمثلان أحد الأسباب الجوهرية في إفلاس الصناديق.

وحسب جدري، فإن القيود القانونية التي تحد من حرية الاستثمار، خصوصا في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تلعب دورا في تقليص مردودية الأموال، حيث توضع في صندوق الإيداع والتدبير بعائد ضعيف يبلغ فقط حوالي 3%.

الخبير الاقتصادي محمد جدري
محمد جدري: الإجراءات السابقة أجلت العجز من 2022 إلى 2028 فقط من دون حلول جذرية (نيوز عربي)

وقال رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، خلال اجتماع اللجنة الوطنية لمتابعة ملف التقاعد في يوليو/تموز الماضي، إن “إصلاح أنظمة التقاعد ضرورة ملحة لضمان الاستقرار المالي وحماية حقوق المتقاعدين، مع الحفاظ على السلم الاجتماعي”.

من جانبها، شددت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي على أهمية التوازن بين الإصلاحات المالية والاجتماعية في إطار رؤية شاملة، موضحة أن “تحدي التقاعد يقتضي مقاربة متكاملة تحافظ على تنافسية الاقتصاد الوطني دون المساس بحقوق العاملين”.

في المقابل، يؤكد محمد بوزكيري عضو المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد -للجزيرة نت- أنه لم يتم إطلاع المجلس الإداري لا على خلاصات الاجتماع ولا على تفاصيله. وتساءل: “هل هناك فعلا عزيمة لإحداث إصلاح حقيقي في آخر شهور ولاية هذه الحكومة، أم هو تكتيك حكومي لتأجيل الإصلاح إلى ما بعد 2026؟”.

خالد السطي
خالد السطي يرفض تحميل العمال أعباء الأزمة (نيوز عربي)

حلول ممكنة

واقترحت دراسة سابقة على الحكومة بناء نظام تقاعدي جديد بقطبين، مع رفع إسهامات الأجراء والمشغلين، وتسقيف المعاشات، واحتساب الأجر المرجعي على كامل المسار المهني بدل آخر 8 سنوات، مع ضبط معادلة المساهمة بين الأجير والمشغل.

ويؤكد المستشار البرلماني عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب خالد السطي رفضه تحميل الشغيلة أعباء الأزمة، “لأن اختلالات صناديق التقاعد ليست مسؤوليتها، بل نتيجة سياسات عمومية خاطئة”. وعبّرت النقابات الممثلة في الحوار الاجتماعي (الاتحاد المغربي للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل)، في بيانات منفصلة عن رفضها أي مساس بحقوق المتقاعدين.

وتتباين الحلول المقترحة بين إصلاحات معيارية تركز على تعديل بعض مقاييس النظام مثل رفع سن التقاعد وزيادة نسبة الاشتراكات أو تقليص المعاشات، وبين إصلاحات هيكلية تعيد التفكير في آلية التمويل نفسها.

ويرى السطي ضرورة توحيد أنظمة التقاعد ضمن إصلاح هيكلي شامل يضمن الاستدامة والعدالة الاجتماعية، مع الالتزام بعدم المساس بالحقوق المكتسبة وحماية كرامة المتقاعدين. ويبرز ضرورة فتح حوار اجتماعي مسؤول مع الفرقاء الاجتماعيين، بدل فرض حلول جاهزة تؤدي الشغيلة تكلفتها.

بينما يؤكد جدري أهمية مراعاة خصوصية المهن الشاقة، داعيا إلى إصلاح جبائي يقلل العبء الضريبي على الأجراء، مع تعزيز الحوكمة والشفافية في إدارة الصناديق.

من ناحيتها، توضح الخبيرة الاقتصادية أسماء الأنباري أن الإصلاحات الممكنة قد تتجاوز الحل المعياري إلى أخرى هيكلية تشمل الانتقال إلى أنظمة الرسملة أو نماذج هجينة تجمع بين التوزيع والرسملة، وربط المعاشات بعوامل مثل أمد الحياة ومتوسط الأجور، كما هو معمول به في بعض الدول.

وتشير الأنباري إلى أن اختيار السيناريو المناسب قرار سياسي، يتطلب دراسة معمقة للوضع الاقتصادي والديمغرافي.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من نحن

“نحن في موقع نيوز عربي نولي اهتمامًا كبيرًا بتجربة المستخدم، حيث يتم تحسين المحتوى والعروض الترويجية بناءً على تحليلات دقيقة لاحتياجات الزوار، مما يسهم في تقديم تجربة تصفح سلسة ومخصصة.”

البريد الالكتروني: [email protected]

رقم الهاتف: +5-784-8894-678