أكدت رئاسة النيابة العامة على أهمية تدبير برقيات البحث باعتبارها إجراء قانونيا استثنائيا يمس بحرية الأشخاص، داعية جميع المصالح القضائية والأمنية إلى التقيد بالضوابط القانونية والإدارية المنظمة لها.
ووجه السيد هشام بلاوي الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة دورية للوكلاء العامين للملك ووكلاء الملك من أجل حماية حرية الاشخاص وذلك عبر عدم نشر برقية البحث في حق الاشخاص الا في حالة الضرورة والعمل على تحيينها وإلغاء المتقادم منه
وأوضحت الرئاسة في الدورية أن برقية البحث تستعمل لضبط الأشخاص المطلوبين من طرف العدالة المتواجدين في حالة فرار، أو للاشتباه في ارتكابهم أفعالًا جرمية، أو تنفيذاً لأوامر إلقاء القبض الصادرة في حقهم في إطار التحقيق الإعدادي أو المسطرة الغيابية، أو لإيقاف الأشخاص المطلوبين لتنفيذ الإكراه البدني في مواجهتهم، أو المحكومين بعقوبات سالبة للحرية بموجب مقررات قضائية حائزة لقوة الأمر المقضي به.
وأكدت الرئاسة أن برقية البحث تُعمم على كامل التراب الوطني وتستمر سارية المفعول إلى حين ضبط الشخص المبحوث عنه، مما يجعلها بطبيعتها إجراءً مقيدًا لحرية الأفراد، إذ يظل الشخص مهددًا بالإيقاف، ما قد يؤثر على مصالحه الشخصية والمهنية والعائلية. ومن هذا المنطلق، اعتبرت الرئاسة أن تفعيل برقيات البحث يجب أن يكون استثنائيًا ويقتصر على الحالات الضرورية التي يقتضيها القانون، مشددة على ضرورة توفر أسباب جدية قبل إصدار تعليمات بنشر البرقيات، مع القيام بمراجعة دورية لجميع البرقيات السارية لضمان استمرار موجبات إبقائها.
وأبرزت الرئاسة أن جهود المصالح القضائية والأمنية في تطبيق هذه التوجيهات أسفرت عن إلغاء عدد مهم من البرقيات للتقادم أو لأسباب أخرى، حيث بلغ مجموع البرقيات الملغاة 153,461 برقية خلال الفترة الممتدة بين 2021 و2023.
كما تم إلغاء 42,234 برقية محررة في إطار ملفات الإكراه البدني بسبب تقادم الغرامة أو عدم استيفاء الشروط القانونية للإكراه البدني. ويأتي ذلك انسجامًا مع التعليمات الواردة في الدورية رقم 11 س/ رن ع بتاريخ 12 أبريل 2021، والدورية رقم 21 س/ رن ع بتاريخ 8 يوليوز 2022، والدورية رقم 12 س/ رن بتاريخ 28 فبراير 2018، والدورية رقم 15 س/ رن ع بتاريخ 8 مارس 2018، والدورية رقم 20 س/ رن ع بتاريخ 23 مايو 2019.
وشددت الرئاسة على أن تدبير برقيات البحث يجب أن يتم وفق مجموعة من الضوابط الواردة في “الدليل العملي بشأن تجويد الأبحاث الجنائية” المنجز بشراكة مع المديرية العامة للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني وقيادة الدرك الملكي، والتي تشمل: وجوب توفر وسائل إثبات كافية على ارتكاب الفعل الجرمي قبل نشر البرقية، وضبط لوائح الأشخاص المبحوث عنهم وتحــيينها بشكل دوري، والمبادرة إلى إلغاء البرقية تلقائيًا بمجرد تقديم الشخص أمام النيابة العامة أو الإحالة على قضاء التحقيق أو قضاء الحكم.
ودعت الرئاسة إلى استمرار تفعيل التعليمات الصادرة بشأن تدبير برقيات البحث، وعدم اللجوء إلى إصدار البرقيات إلا عند توفر الأسباب القانونية، مع إمكانية التحرير الشفوي في حالات الاستعجال أو التلبس.
كما أكدت على ضرورة المراجعة التلقائية للبرقيات للتحقق من استمرار موجبات إبقائها، وإلغاء تلك التي طالها التقادم أو التي تم حفظ المسطرة بشأنها أو إحالتها على القضاء، إضافة إلى دراسة طلبات الإلغاء المقدمة والمبادرة إلى الاستجابة لها عند توفر الشروط.
كما حثت الرئاسة على التنسيق مع الشرطة القضائية لتحيين وحصر البرقيات المستحقة للإلغاء، وتفعيل مضامين الدليل العملي بشأن تدبير برقيات البحث، وفق ما ورد في الدورية رقم 03 رن ع/ س/ ق 2025/1 بتاريخ 5 مايو 2025.
واختتمت الرئاسة التعميم بالتأكيد على أن هذه التعليمات تمثل أولوية قصوى لضمان احترام حرية الأفراد المكفولة دستورياً، داعية جميع المصالح إلى التقيد بها وتنفيذها بجدية وحزم، مع موافاة الرئاسة بنتائج التحـيين المحققة على مستوى المحاكم قبل نهاية شهر أكتوبر 2025، مع الرجوع إليها في حال وجود أي صعوبات تعترض التنفيذ.