سجّل اليورو ارتفاعًا ملحوظًا أمام الدولار الأمريكي، ليصل إلى أعلى مستوياته خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ما أثار تفاعلات كبيرة في الأوساط الاقتصادية التركية، خاصة مع اعتماد أنقرة الكبير على اليورو في عمليات التصدير نحو الأسواق الأوروبية.
ويرى الخبراء أن هذا الصعود في قيمة اليورو سيكون له أثر إيجابي مباشر على الصادرات التركية، خصوصًا في ظل التباطؤ الاقتصادي العالمي الناتج عن السياسات الحمائية التي يتبناها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي ساهمت في زعزعة الاستقرار النقدي للأسواق.
في هذا السياق، تراجع مؤشر الدولار — الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات العالمية، من بينها اليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني — إلى 99.014 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ ثلاث سنوات. وقد اختبر زوج اليورو/الدولار مستوى 1.1474 قبل أن يستقر عند 1.1365، وفق تقارير الأسواق المالية.
وصرّح خبراء لـ”نيوز عربي” أن المستثمرين بدؤوا في الابتعاد عن الدولار، متجهين نحو عملات أكثر استقرارًا كالـيورو، نتيجةً لتصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، الأمر الذي جعل اليورو يظهر كـ”ملاذ آمن” في نظر الأسواق.
صادرات تركيا في ازدهار
تشير بيانات مجلس المصدرين الأتراك (TİM) إلى أن صادرات تركيا بلغت 65.3 مليار دولار في الربع الأول من العام، حيث استحوذت الدول الأوروبية على 51% من هذه الصادرات بقيمة بلغت 33.07 مليار دولار.
في هذا الإطار، يقول الدكتور رحمي إنجيكرا، أستاذ الاقتصاد في جامعة بهشة شهير، إن “الارتفاع الحالي في قيمة اليورو سيُمكّن المصدرين الأتراك من جني مزيد من الدولارات مقابل كل وحدة يتم تصديرها، مما سيعزز الميزان التجاري ويدعم الاقتصاد التركي”.
وأضاف إنجيكرا أن “ضعف الدولار الناتج عن المخاوف من الركود الأمريكي دفع المستثمرين للجوء إلى عملات بديلة أكثر استقرارًا”، مؤكدًا أن الشركات التركية التي تستورد بالدولار وتُصدّر باليورو هي المستفيد الأكبر من هذا التغير في سعر الصرف.
تأثيرات سياسات ترامب مستمرة
أما الخبير الاقتصادي إسماعيل دميركول، مؤسس شركة “بارتيتيرم للاستشارات”، فأوضح أن تداعيات السياسات الجمركية التي تبناها ترامب، دفعت الصين لتحويل احتياطاتها إلى الذهب، مما أضعف الدولار وزاد من جاذبية العملات الأخرى، مثل اليورو.
وأشار دميركول إلى أن ارتفاع قيمة اليورو دعم القدرة التصديرية لتركيا وساعد في تقليص العجز التجاري، متوقعًا أن يستمر التأثير الإيجابي إذا استمرت هذه الديناميكية في الأسواق، رغم احتمالية عودة الدولار للارتفاع مع استقرار التوترات العالمية.
