تصريحات روتو تثير الجدل
واجه الرئيس الكيني وليام روتو أزمة سياسية واقتصادية بعد أن حاول طمأنة شعبه بأن السودان لا يزال يستورد الشاي الكيني. وأكد أن السوق السودانية تفضل نكهة الشاي الكيني رغم قرار الحكومة السودانية بوقف استيراده. لكن في اليوم التالي، نفت الخرطوم تلك التصريحات علنًا، مما دفع وسائل الإعلام الكينية لاتهام روتو بالكذب. صحيفة “ستاندارد” وصفت روتو على صفحتها الأولى بأنه “الرئيس الكاذب”.
الصراع السياسي يسكب مزيدًا من الزيت على النار
لطالما كانت كينيا متهمة بدعم قوات الدعم السريع في السودان. وارتفعت وتيرة هذه الاتهامات هذا الأسبوع حين اتهم نائب الرئيس الكيني السابق ريغاثي غاتشاغوا، الرئيس روتو علنًا، بتقديم دعم لوجستي ومالي لتلك القوات. وأكد في مقابلة تلفزيونية أن روتو كان على علم بالأنشطة العسكرية المرتبطة بالدعم السريع.
قرار سوداني يضرب الاقتصاد الكيني
ردًا على تلك الاتهامات، ألغت حكومة السودان بقيادة البرهان سلسلة التوريد التجارية مع كينيا. وشكل القرار ضربة موجعة للاقتصاد الكيني، إذ كانت السودان تحتل المرتبة الثانية في استيراد الشاي الكيني على مستوى القارة.
كينيا تصدّر ما يقارب 10% من إنتاجها السنوي من الشاي إلى السودان. كما تمثل الخرطوم بوابة استراتيجية نحو العالم العربي. لذلك، فإن هذه الأزمة تهدد مكانة نيروبي التجارية في المنطقة.
خسائر فادحة لتجار الشاي الكينيين
أكدت صحيفة “ستاندارد” الكينية أن 207 حاويات من الشاي الكيني لا تزال عالقة في سلاسل التوريد، وتبلغ الخسائر المحتملة أكثر من 10 ملايين دولار. الشحنات متوقفة حاليًا في ميناء مومباسا، أو داخل المستودعات، أو حتى في البحر.
في الوقت نفسه، يضغط التجار الكينيون على الحكومة للبحث عن تسوية دبلوماسية. فهم يرون أن المقاطعة السودانية تهدد مكتسباتهم الاقتصادية وتغلق منفذًا حيويًا للصادرات الكينية.
السودان: أزمة سياسية ومائدة تفتقد الشاي
في المقابل، يعاني السوق السوداني من تبعات القرار أيضًا. الشاي الكيني يعد مكونًا أساسيًا في الحياة اليومية للسودانيين، ويصعب استبداله. ومع فقدان هذا المنتج، تتضرر مائدة الأسرة السودانية في لحظة يعيش فيها السودان على وقع صراعات داخلية وأزمات اقتصادية خانقة.
يحاول التجار السودانيون حاليًا البحث عن بدائل من الهند وباكستان والصين، لكن تكلفة النقل والوقت اللازم قد يفاقمان الأزمة.
البرمكية السودانية… جلسات شاي شتّتها الحرب
عرف السودانيون جلسات الشاي، أو “البرمكية”، كتقليد اجتماعي وثقافي راسخ. هذه الجلسات تتميز بالهدوء والحميمية، وتشكل محورًا للحوار بين أفراد المجتمع. ومع اندلاع الحرب، تفرقت العائلات، وتقلصت هذه اللقاءات.
الشاي يمثل عنصرًا مهمًا في الاقتصاد المحلي أيضًا، خصوصًا أن الكثير من النساء، مثل الأرامل والمطلقات، يعملن في بيعه لإعالة أسرهن. لذلك، لا تؤثر الأزمة على الذوق الشعبي فقط، بل تطال الاقتصاد والمجتمع معًا.
إلى أين تتجه الأزمة؟
في ظل هذا التصعيد، يبقى مصير العلاقة التجارية بين السودان وكينيا غامضًا. فالأزمة الحالية تتجاوز مجرد خلاف اقتصادي، وتمتد إلى اتهامات سياسية ودعم عسكري. ويبقى السؤال: هل ستعود أكواب الشاي الكيني إلى المائدة السودانية؟ أم سيستمر الصداع في كلا البلدين إلى أن تجد الدبلوماسية منفذًا يعيد الشاي إلى فناجين السلام؟