واستندت حملة التحريض التي قادتها حسابات تتبع ناشطين بارزين وتحظى بملايين المتابعين على منصة “إكس” إلى ادعاءات عكف اليمين المتطرف على ترديدها، مثل سعي المسلمين إلى تقلّد مناصب الحكم في الولايات المتحدة لأسلمة البلاد، حسب زعمهم.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsend of list
وأعلنت رواء رمان النائبة في مجلس ولاية جورجيا ترشحها لمنصب حاكم الولاية يوم الاثنين الفائت لتصبح -إذا فازت- أول مسلمة ذات أصول فلسطينية في هذا المنصب.
Now is the time to be brave. Republicans in Georgia have controlled our state for over 20 years leading to underfunded schools, closing hospitals, & low wages stuck at $5.15.
I’m running for Governor to change that. pic.twitter.com/E37ZDQgCb6
— Ruwa Romman (@ruwaromman) September 29, 2025
وأجرى فريق “نيوز عربي تحقق” تحليلا شبكيا للتغريدات التي افتعلت وشاركت في حملة التحريض على منصة “إكس” في الفترة ما بين 30 سبتمبر/أيلول ومطلع أكتوبر/تشرين الأول، وجمع تغريدات شملت أكثر من 2800 حساب، وما يزيد عن 3 آلاف تفاعل ما بين إعادة نشر وتعليق وإعجاب.
وقد أظهرت خريطة التفاعلات الرقمية أن النقاش لم يكن عشوائيا، بل قادته حسابات يمينية مؤثرة ذات قاعدة جماهيرية واسعة أعادت تدوير المحتوى التحريضي لتضخيم أثره.
وكان أبرز هذه الحسابات حساب “إند ووكنس” (End Wokeness) المعروف بخطابه الشعبوي، حيث تصدر المشهد وجذب خلفه آلاف التفاعلات، مستحوذا وحده على نحو 44% من الحسابات التي شملها التحليل.
“I am as Georgia as they come” – Rep. Ruwa Romman launches bid for GA governor pic.twitter.com/ejX1m3Iit1
— End Wokeness (@EndWokeness) September 30, 2025
كما أظهر أن التغريدات الأكثر تداولا لم تقتصر على انتقاد المرشحة من زاوية سياسية، بل اتخذت طابعا تحريضيا مباشرا يستهدف هويتها الدينية وأصولها الفلسطينية، فقد رددت تلك الحسابات مضامين تشكك في أهليتها لشغل منصب حاكم الولاية، عبر ربطها باتهامات فضفاضة بالانتماء إلى منظمات إسلامية أو دعم أجندات خارجية، في محاولة لتأطير ترشحها باعتباره تهديدا للأمن القومي.
وذهب بعض الناشطين اليمينيين أبعد من ذلك حين أعادوا إنتاج سرديات قديمة عن “غزو المسلمين” أو مشروع “أسلمة الولايات المتحدة” وهي روايات متكررة يوظفها الخطاب الشعبوي اليميني عند أي حضور سياسي بارز لمسلمين في المشهد الأميركي.
وقد شكّلت هذه المزاعم العمود الفقري لحملة التحريض، إذ جرى تضخيمها عبر آلاف الحسابات التي أعادت نشرها وأدخلتها في سياق أوسع من التخويف الثقافي والديني.

وتصدّر المشهد حساب الناشطة اليمينية لورا لومر، المقربة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي عُرفت بخطابها المعادي للمسلمين والمهاجرين، فقد شنّت هجوما مباشرا على حساب رواء رمان، الأمر الذي أظهرته تحليلات فريقنا بوضوح من خلال تموضع حساب رمان داخل نفس الدائرة الرقمية التي تقودها لومر، بما يعكس حجم التداخل بين خطاب التحريض والتفاعلات الموجهة ضدها.
ونشرت لومر تغريدة حصدت أكثر من مليون ونصف مليون مشاهدة، زعمت فيها أن ترشح رواء يندرج ضمن ما سمّته “غزو المسلمين لأميركا” في استدعاء مباشر لخطاب “الاستبدال الكبير” الذي يشكّل ركيزة أساسية في دعاية اليمين المتطرف.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل عززت لومر خطابها بتغريدات أخرى تمس الثقافة الإسلامية بشكل عام، لتتحول الحملة من جدل انتخابي إلى موجة كراهية أوسع ذات بعد أيديولوجي.
A Palestinian woman who wears a hijab just launched a campaign for Governor of Georgia. Her name is @ruwaromman. Her entire selling point for why people should vote for her is “I’m a Palestinian refugee.” This is completely un-American.
America has been invaded by Muslims. pic.twitter.com/7rreAVCZET
— Laura Loomer (@LauraLoomer) September 30, 2025
وفي تغريدة أخرى، وسّعت لومر دائرة التحريض بالانتقال من مهاجمة رواء إلى الطعن في الثقافة الإسلامية ككل، إذ وصفتها بأنها “فاسدة” في تعميم نمطي يشيطن المسلمين ويحول النقاش السياسي إلى مواجهة هوياتية.
ولم تكتفِ بذلك، بل استحضرت صورة نمطية عن غزة، زاعمة أن “الأطفال هناك يرجمون الكلاب حتى الموت كنوع من التسلية” في محاولة لإثارة مشاعر الاشمئزاز وربط المرشحة الفلسطينية الأصل بسرديات سلبية عن مجتمعها.
كما سخرت من الحجاب، واصفة إياه بأنه “خرقة إرهاب” وهو توصيف يعكس لغة الإسلاموفوبيا التي طالما استخدمها اليمين المتطرف لشيطنة الرموز الدينية الإسلامية.
وقد ساهم هذا الخطاب في تحويل الحملة الانتخابية إلى ساحة لتغذية الكراهية ضد المسلمين، وتثبيت صورة مشوهة عن الإسلام أمام جمهور واسع تجاوز المليون ونصف مليون مشاهدة.
Tasting human grade dog food to prove to animal lovers that it’s HUMAN grade is more relatable to American culture than your depraved culture where people like you beat and abuse dogs. Your Islamic culture teaches that Dogs are dirty and in places like Gaza, children stone dogs…
— Laura Loomer (@LauraLoomer) September 30, 2025
وردّت رواء على موجة التحريض بتغريدات مضادة حظيت بتفاعل واسع لم تقتصر على أنصارها بل لاقت صدى لدى قطاع من الجمهور الأميركي المتابع للانتخابات.
وأكدت في ردودها تمسّكها بمبادئها الديمقراطية وهويتها كمسلمة من أصول فلسطينية، معتبرة أن تجربتها الشخصية وسجلها في العمل التشريعي والنضال من أجل العدالة الاجتماعية دليل على أهليتها لقيادة ولاية جورجيا.
كما شددت على أن حملات الكراهية لن تثنيها عن خوض السباق الانتخابي، بل تزيدها إصرارا على تمثيل الأميركيين كافة “بلا تمييز”.
وقد ساهم هذا الخطاب الدفاعي في إعادة صياغة النقاش حول ترشحها، من هجوم شخصي على هويتها إلى معركة مبدئية حول قيم المواطنة والمساواة بالمجتمع الأميركي.
Bless your heart. These are my dogs. We adore them! And I didn’t need to eat their treats to check if it’s human grade. I suggest spending a little less time fomenting hatred against communities and a little more time with people in the real world. Goodbye 👋 pic.twitter.com/m2Q4ztHAob
— Ruwa Romman (@ruwaromman) September 30, 2025
ولم يخل المشهد من أصوات معارضة لحملة التحريض، إذ برزت تغريدات رافضة لمزاعم اليمين المتطرف حول المرشحة، وحظيت هذه التغريدات بانتشار واسع ومشاهدات عالية، مما يعكس وجود جمهور غير قليل يتعامل مع الخطاب المعادي للمسلمين بسخرية وانتقاد.
فقد أرفقت إحدى المتفاعلات صورة حاخامات يهود داخل المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، ساخرة من فكرة “سيطرة المسلمين على البلاد” ومبينة التناقض في خطاب اليمين في أميركا.
كما عبرت أخرى عن أن حملة لومر التحريضية دفعتها شخصيا إلى التعاطف مع المرشحة، بل وإعلان نيتها التصويت لها بالانتخابات المقبلة، بما يحوّل خطاب الكراهية لعامل عكسي يعزز من حضور رواء السياسي ويكسبها تعاطفا إضافيا.
Oh look, Muslims have taken over America! pic.twitter.com/BuQvOzTF2z
— 𝙎👼🏻 (@SZade15) October 1, 2025