وفجّر جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة عشرات الروبوتات بهدف تسريع عمليات مسح الأحياء السكنية بشكل كامل وتحويلها إلى رماد.
آلية التدمير وأماكنها
ويُعرّف ضابط هندسة متفجرات ما بات شائعا بين الفلسطينيين بالروبوت بأنه ناقلة جند أميركية الصنع من طراز “إم 113” أخرجها جيش الاحتلال عن الخدمة تماما عقب عدوانه على قطاع غزة صيف العام 2014، وذلك بعدما تمكّنت المقاومة الفلسطينية من استهدافها وحرقها بسهولة بسبب قدمها وضعف تحصيناتها.
وبحسب الضابط الذي تحدث للجزيرة نت مفضلا عدم كشف هويته، فإن الجيش حوّل هذه الناقلات إلى أجسام مفخخة بعدما لجأ خلال عدوانه على شمال قطاع غزة في نهاية العام الماضي إلى وضع أطنان من المواد المتفجرة داخل هيكل الناقلة، وتحريكها تجاه المناطق السكنية ومن ثم تفجيرها، مما يوقع دمارا هائلا في المباني والبنية التحتية.
ويقدر وزن المواد المتفجرة التي تحملها الناقلة ما بين 3 و4 أطنان يتم التحكم بها عن بعد وقادرة على هدم أجزاء واسعة من البنايات في محيط تفجيرها.
ويشير الضابط إلى أن الاحتلال ينقل تلك المدرعات عبر الجرافات العسكرية، ويضعها داخل الأحياء السكنية ومن ثم ينسحب ويفجرها عن بُعد، وأحيانا يتحكم في تسييرها إلكترونيا عبر طائرات مسيّرة.
ويستخدم الاحتلال إلى جانب تلك الروبوتات -حسب الضابط المختص- براميل متفجرة يتم تحديد موعد انفجارها بين المباني السكنية، في محاولة منه تدمير أكبر مساحات ممكنة من الأحياء، وبما لا يشكل خطرا على حياة جنوده.
تفجير ممنهج
ويعود استخدام الجيش الإسرائيلي الروبوتات المتفجرة خلال حربه المتواصلة على غزة إلى شهر أكتوبر/تشرين الأول 2024 بالتزامن مع تنفيذ ما سماها “خطة الجنرالات” في محافظة شمال القطاع وامتدت لأكثر من 3 أشهر.
ويصف المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل تأثير الروبوتات بالمخيف جدا نظرا للتدمير الهائل الذي يتركه في المربعات السكنية، وما يصاحبه من صوت انفجار مهول وتصاعد ألسنة اللهب.
وقال بصل للجزيرة نت إن جيش الاحتلال استخدم الروبوتات في عمليته البرية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، والتي بدأها في أبريل/نيسان الماضي، حيث دُمّرت أحياء واسعة من الحي حتى إن بعض الربوتات لا تزال موجودة هناك بعدما أصابتها أعطال ولم تنفجر.
وأكد أن الاحتلال يستخدم الروبوتات حاليا في عدوانه على حي الزيتون جنوب مدينة غزة، ويفجّر يوميا بين 3 و4 روبوتات بهدف تسريع وتيرة تدمير الحي، وهو ما يحدث أيضا في حي التفاح شمال شرق المدينة، وكذلك بلدة جباليا شمالي القطاع.
ويتسبب الروبوت في تدمير كلي للمناطق التي ينفجر فيها بقطر 100 متر، ويترك أضرارا جزئية في المباني التي تقع بقطر 300 متر، وتذوب أجساد من يوجدون بهذا المحيط بفعل قوة الانفجار الذي يصاحبه حريق ضخم.
ويشير بصل إلى أن الروبوتات تحوّل المباني إلى رماد، وتحرق طبقة من التربة يتجاوز سمكها 3 سنتيمترات.
وسجّلت طواقم الدفاع المدني تفجير جيش الاحتلال روبوتات بشكل مكثف في الأيام الأخيرة، حوّلت آلاف المباني السكنية إلى ركام، وألحقت دمارا هائلا بمساحات واسعة في محافظة غزة وشمالها.

تدمير كامل
ويسرد مدير الإسعاف بالخدمات الطبية فارس عفانة تفاصيل مرعبة لبداية استخدام الجيش الإسرائيلي للروبوتات أثناء حصاره شمال غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ووصفها بالأنظمة القاتلة المدمرة.
وعبّر عفانة، في حديثه للجزيرة نت، عن صدمته من حجم القتل والدمار الذي خلّفته تلك الروبوتات في المراحل الأولى من تعمد وضعها بين البنايات المكتظة بالسكان، مما دفع الناس للهرب الجماعي من منطقة لأخرى خوفا من انفجارها في أوساطهم.
وقال “جرت العادة أن تتقدم جرافات الاحتلال التي تحمل تلك الروبوتات وتضعها بين المباني السكنية وتغادر، وبعد نصف ساعة أو أكثر يتم تفجيرها عن بُعد، مما يضطر الناس للنزوح سريعا هربا منها”.
جيش الاحتلال يفجر روبوتات مفخخة وسط #جباليا البلد شمالي قطاع #غزة#نيوز عربي_مباشر pic.twitter.com/WtE5JoUM8i
— نيوز عربي مباشر (@ajmubasher) August 24, 2025
وتعامل عفانة مع العديد من الحالات التي أصيبت بفعل الضغط الهائل الذي أحدثته الانفجارات على بعد مئات الأمتار من موقعها، لافتا إلى أن قوات الاحتلال التي حاصرت مستشفى كمال عدوان في ذلك الوقت كانت تتعمد تفجير روبوتات بمسافة لا تبعد عنه سوى 300 متر، مما أحدث دمارا كبيرا في بناياته وتطايرت الأبواب والنوافذ، إضافة لإصابات في صفوف المرضى والطاقم الطبي.
ويعتقد عفانة أنه منذ قرابة العام استخدم جيش الاحتلال الروبوتات لإحداث أكبر عملية تدمير ممنهج في جميع محافظات قطاع غزة في وقت قصير، وذلك في إطار حرب الابادة التي يشنها على أكثر من مليوني فلسطيني.