وفي سياق ذلك، شخص المحلل السياسي واقع المعارضة البرلمانية، مؤكدا أنها ليست معارضة واحدة بل “معارضات” متعددة الاتجاهات؛ فهناك الاتجاه الاشتراكي الديمقراطي الذي يضم حزبي الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية ومن يدور في فلكهما، والاتجاه اليميني الذي يمثله حزب الحركة الشعبية بمرجعيته الأمازيغية، والاتجاه اليميني المحافظ الذي يمثله حزب العدالة والتنمية بمرجعيته الاسلامية، إضافة الى توجهات اخرى وصفها بأنها “لا طعم ولا ذوق لها”.
وكشف الأكاديمي، أن التنسيق الذي جمع أحزاب المعارضة في فترات متقطعة، والذي تمثل في نقاط نظام متشابهة أو بعض المبادرات التشريعية، قد تلقى “ضربة قاضية” بعد مبادرة ملتمس الرقابة، حيث ظهر أن لكل حزب روايته وموقفه الخاص، مما فكك سبل التفاهم وحول الخلاف إلى “صراع لفظي بين القيادات” في تجمعاتها التنظيمية، محذرا من أن هذا التشنج قد ينتقل إلى القواعد ويتحول إلى صراعات محلية وإقليمية.
وحذر الدرويش من أن هذه الصراعات الحزبية، سواء داخل المعارضة أو حتى بين بعض مكونات الأغلبية أحيانا، تتموقع بشكل كامل “خارج هموم وآمال وآلام الاغلبية المطلقة من الشعب المغربي”، مشيرا إلى أن دينامية الأحزاب الداخلية لا تترك أي أثر على ما يقارب 95% من المواطنين غير المنتمين، وأن قرابة 20 مليون مغربي لا يفكرون أصلا في المشاركة بالانتخابات المقبلة، مما يطرح سؤالا عميقا حول جدوى الخطاب السياسي الحالي.
وطالب بضرورة فتح نقاش عميق لمراجعة القوانين الانتخابية لمعالجة اختلالات جوهرية، من بينها محاربة الفساد الانتخابي، وضمان الحياد التام للسلطة، ورقمنة التزكيات، والفصل في جدوى اللوائح الوطنية للشباب والنساء، ووضع حد أدنى من الاشتراطات في البرامج الحزبية لتكون واقعية وتلامس قضايا المواطنين الحقيقية كالبطالة والتعليم والصحة والعدالة الاجتماعية والمجالية.
وأكد أن السياسة في جوهرها “أخلاق” تترجمها الممارسات والمواقف، وأن المواطنة الحقة تقوم على التنافس الشريف في وطن يضمن دستوره الحرية والكرامة والتعددية، مشددا على أن الخلافات السياسية يجب ألا تكون دائمة، وأن المصلحة الوطنية تقتضي تجاوز الحسابات الضيقة والولاءات العمياء التي تضر بالأحزاب نفسها وبمصداقية العمل السياسي.
وجدد في ختام تصريحه نداءه “باسم الفعل السياسي النبيل وباسم الوطن” إلى جميع القيادات الحزبية، راجيا منهم الانضباط لمقتضيات الوقار والتوقير المحفوظة شعبيا ودستوريا للملك وأفراد العائلة الملكية. وشدد على أنه “لا معنى أن نسمع كل مرة هنا أو هناك إقحام الملك في السجال والتدافع السياسي دفاعا عن هذا المشروع أو هجوما على منافس”، مختتما بالقول: “فجلالته ملك كل المواطنات والمواطنين”.