فقد اعتقل جيش الاحتلال، رئيس بلدية القبيبة نافذ حمودة بعد مداهمة منزله وتفتيشه في هذه القرية المحاصرة، الواقعة شمال غرب القدس المحتلة، والتي يُمنع فيها التجول لليوم الثالث على التوالي، وذلك في إطار عقاب جماعي لسكانها بعد تنفيذ أحد أبنائها الاثنين عملية إطلاق النار في حي “راموت” الاستيطاني والتي قُتل فيها 7 إسرائيليين.
وخلال مقابلة أجرتها نيوز عربي مع حمودة أمس الثلاثاء قال إن الأوضاع في قرية القبيبة “من أتعس ما يكون” بسبب الحصار المستمر عليها، والذي عاث الجيش الإسرائيلي خلاله خرابا في منازل القرية التي يقدر عدد سكانها بـ4800 نسمة يعيشون على مساحة 3500 دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع)، بعد مصادرة الاحتلال 2500 دونم من أراضي القرية.
وأضاف حمودة أن الجيش يوجد في محيط منزل منفذ العملية مثنى عمرو على مدار الساعة، وأنه يداهم المنازل ويُحدث فيها حالة من الفوضى العارمة بعد تخريبها، ويمنع خروج الأهالي منها بشكل قاطع.
ولم يكن يعلم رئيس البلدية -الذي عجز عن الوصول إلى مكان عمله منذ وقوع عملية إطلاق النار في القدس- أنه سيكون في عداد المعتقلين من أبناء القرية التي تجاوز عدد المعتقلين فيها 15 مواطنا منذ الإثنين الماضي.
وعلى بعد كيلومتر ونصف من القبيبة اندلعت بعد ظهر اليوم مواجهات عنيفة بين الشبان وقوات الاحتلال في قرية بدّو شمال غرب القدس، ووفقا لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) فإن الجنود أطلقوا خلالها الرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط، والقنابل الغازية والصوتية تجاه الشبان بكثافة.
مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال في بلدة بدو، شمال غرب القدس المحتلة. pic.twitter.com/CiRliIxURv
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) September 10, 2025
حصار متواصل
ومن جهتها أفادت محافظة القدس -في بيان- أن الاحتلال يفرض لليوم الثالث على التوالي حصارا على 9 قرى وبلدات في شمال غرب القدس، عقب عملية “راموت” التي نفذها شابان ينحدر أحدهما من قرية قطنة، والآخر من القبيبة، وأضافت المحافظة أن جيش الاحتلال ضيق على حركة الأهالي ومنع خروجهم ودخولهم إلى هذه المناطق، مع استمرار الاعتداءات عليها.
وأشارت المحافظة إلى أن قوات الاحتلال اعتدت على شاب عند حاجز “النفق” العسكري الواصل بين بلدتي بدّو والجيب، كما أغلقت الطريق الفرعي في بلدة بيت عنان، وطريقا آخر يصل بين هذه القرية وقرية القبيبة، وجميع هذه القرى تقع شمال غرب مدينة القدس.
وورد على موقع وكالة “وفا” أن قوات الاحتلال أغلقت الطريق الواصل بين قريتي بدّو وبيت سوريك ومنعت مرور المواطنين من خلالها، كما أغلقت عددا من الحواجز العسكرية المحيطة بالمدينة المحتلة، ما تسبب بأزمة مرورية خانقة، وعطّل حركة المواطنين.
وشمل الإغلاق كلا من حاجز بيت إكسا، ومزموريا، وقلنديا، والشيخ سعد، والنفق، و300، والعيسوية، حيث مُنع المواطنون من الدخول والخروج من خلالها.
وتنفيذا لتهديدات وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس الذي توعد بهدم أي مبنى “غير قانوني” في المناطق التي خرج منها المنفذون، هدمت جرافات الاحتلال اليوم سورا في قرية قطنة وأخطرت قوات الاحتلال بهدم منتزه بلدية بدّو.
بلدات فلسطينية محاصرة لليوم الثالث في شمالي غرب القدس بذريعة عملية القدس.. ما القصة؟ #حرب_غزة #نيوز عربي #فيديو pic.twitter.com/0dtvakGNM6
— نيوز عربي فلسطين (@AJA_Palestine) September 10, 2025
خروقات جسيمة للقانون الدولي
وتندرج كل هذه الانتهاكات تحت مظلة العقوبات الجماعية التي يرفضها القانون الدولي، إذ تحظر المادة (33) من اتفاقية جنيف الرابعة فرض العقوبات الجماعية وإجراءات التخويف ضد الأشخاص المحميين وممتلكاتهم لقاء جريمة لم يقوموا بارتكابها بشكل شخصي، وفق مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان الذي حذّر -في بيان له اليوم الأربعاء- من “التداعيات الخطيرة التي يتعرض لها سكان قرى شمال غرب القدس، خاصة بعد التصريحات الأخيرة التي صدرت عن وزير الحرب في حكومة الاحتلال، والتي أعلن فيها نيته فرض عقوبات مدنية على المواطنين الفلسطينيين في هذه القرى”.
وتشمل العقوبات إغلاق القرى، وسحب تصاريح العمل، وهدم منازل بُنيت من دون رخص بناء، علما أن معظمها قيد المتابعة القانونية لدى دوائر الإدارة المدنية التابعة للاحتلال وتُعالج كمخالفات لقانون التنظيم والبناء، ولا علاقة لها بأي اعتبار أمني، ولا يجوز هدمها استنادا إلى الأوامر العسكرية تحت مُسمّى “الهدم العقابي”، ويُقدَّر عدد هذه المباني بعشرات المنازل والمنشآت.
واعتبر مركز القدس أن هذه التصريحات ستُشكّل خروقات جسيمة للقانون الدولي الإنساني في حال نُفذت، لأنها تتنافى مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، وأضاف أن هدم المنازل على خلفية انتقامية أو كجزء من سياسة ردع جماعية يعدُّ خرقا للمادة (53) من اتفاقية جنيف الرابعة.
وفيما يتعلق باستخدام تصاريح العمل، التي تُعد من الحقوق الاقتصادية للأفراد، كأداة للانتقام والضغط السياسي، فإن ذلك يشكّل -وفقا للمركز الحقوقي- انتهاكا لمبدأ عدم التمييز ويخالف التزامات دولة الاحتلال بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي يضمن حق كل إنسان في العمل من دون تمييز.
ودعا المركز في نهاية البيان المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف، إلى تحمّل مسؤولياتها والضغط على حكومة الاحتلال للتراجع عن هذه السياسات غير القانونية واحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي.