حذر الكاتب الأميركي ديفيد إغناتيوس، في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست، من تصاعد التهديدات التي تواجه الدولار الأميركي. ويعود ذلك إلى السياسات التجارية “العدوانية” التي اتبعتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، خاصة في ظل استمرار الحرب التجارية مع الصين.
وأشار إغناتيوس إلى أن التوترات المتزايدة دفعت المستثمرين إلى بيع الأصول الأميركية. وشمل ذلك الأسهم، السندات، وحتى الدولار نفسه. بالتالي، انعكس هذا التوجه على الثقة في الاقتصاد الأميركي، والتي بدأت تتراجع بشكل واضح.
علاوة على ذلك، عادت المخاوف بقوة يوم الخميس، بعدما واصلت الأسواق العالمية الانهيار. وجاء هذا الانهيار نتيجة استمرار ترامب في تصعيد الأزمة مع الصين، ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم. لذلك، يرى العديد من المحللين أن الأسواق لن تستعيد استقرارها إلا عندما تُظهر واشنطن رغبة حقيقية في التفاوض مع بكين.
تقليص الاعتماد العالمي على الدولار
من جهة أخرى، اعترف ترامب بأن الأسواق “بدأت تشعر بالغثيان”. وعلى الرغم من محاولات مستشاريه التقليل من أهمية هذه الاضطرابات، إلا أن الإشارات الحالية تؤكد بداية تحول عالمي تدريجي نحو “إزالة الدولرة”. هذا المصطلح يعني خفض الاعتماد على الدولار في الاحتياطات المالية والمعاملات الدولية.
بالإضافة إلى ذلك، أشار صندوق النقد الدولي إلى انخفاض حصة الدولار من احتياطات البنوك المركزية. فبينما كانت تتجاوز 70% في عام 2000، انخفضت إلى أقل من 60% خلال السنوات الأخيرة. في المقابل، بدأت دول كثيرة تتجه نحو الذهب وعملات بديلة، مثل الرنمينبي الصيني، بهدف تنويع الأصول وتقليل المخاطر.
تحديات تضرب مكانة الدولار
وفي هذا السياق، رصد معهد بروكينغز ثلاثة تحديات أساسية تهدد هيمنة الدولار عالميًا. أولًا، الإفراط في استخدام الولايات المتحدة للعقوبات الاقتصادية. ثانيًا، تفاقم العجز والدين العام الأميركي. وثالثًا، التقدم السريع في مجال التكنولوجيا المالية.
إضافة إلى ذلك، تعمل الصين على تسريع هذه التحولات. إذ شرعت، بالتعاون مع عدة دول، في تطوير عملة رقمية بديلة للدولار. ومن خلال هذه الخطوة، تهدف بكين إلى تجاوز نظام “سويفت” المالي العالمي، الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة.
ورغم تحذير بعض الخبراء من مخاطر الاعتماد الكامل على عملة رقمية تصدرها دولة سلطوية، فإن الاتجاه العالمي بات واضحًا. فهناك رغبة متزايدة في تنويع أدوات الدفع وتقليل الاعتماد على الدولار الأميركي.
هل يفقد الدولار مركزه العالمي؟
ختامًا، يؤكد إغناتيوس أن السياسات المتقلبة والاستفزازية التي اتبعتها إدارة ترامب قد تؤدي تدريجيًا إلى تآكل الثقة في الدولار. وبالتالي، إذا استمرت هذه السياسات دون تعديل، فإن الدولار قد يخسر مكانته المركزية في النظام الاقتصادي العالمي.