• Home  
  • أوراق الأكراد التي يسعون للربح بها في سوريا
- سوريا - سياسة

أوراق الأكراد التي يسعون للربح بها في سوريا

تتصاعد بشكل ملحوظ، نبرة التصعيد الكردي تجاه الحكومة المركزية في دمشق، عبر المماطلة بتنفيذ مندرجات اتفاق 10 مارس/آذار الماضي، الموقعة بين الرئيس أحمد الشرع، وقائد قوات “قسَد” مظلوم عبدي، ومحاولة إبراز تفسيرات مختلفة تخالف مضمون الاتفاق ومقاصده. ولا سيما في مسألة دمج الهياكل العسكرية التي شكلها الكرد في السنوات السابقة ضمن أطر وزارة الدفاع السورية، […]

أوراق الأكراد التي يسعون للربح بها في سوريا

ولا سيما في مسألة دمج الهياكل العسكرية التي شكلها الكرد في السنوات السابقة ضمن أطر وزارة الدفاع السورية، وتسليم المؤسسات التابعة للدولة، والسماح لها ببسط سيطرتها على المناطق الواقعة تحت سيطرة التنظيم الكردي.

وقد تواترت مؤخرا تصريحات المسؤولين الأكراد التي تصر على الإبقاء على الإدارة الذاتية، والتأكيد على أن الكرد لن يقبلوا إلا بالحل اللامركزي. ومحاولة التحدث باسم الأقليات في سوريا، وتحويلهم إلى جبهة موحدة في مواجهة السلطة السورية.

فضلا عن إعلان استعدادهم لكل الخيارات في سبيل التمسك بالمكاسب التي حققوها عبر السنوات السابقة، حتى لو أدى ذلك إلى طلب الاستقلال عن الدولة السورية.

وهو ما يعني إبراز التحدي بشكل علني للإدارة السورية الجديدة، والذهاب بالأمور إلى حدها الأقصى، الأمر الذي يطرح السؤال عن الأسباب الحقيقية التي تدفع الكرد للوصول إلى هذه العتبة، ومن خلال سياق التطورات الجارية في سوريا، فإن الإدارة الذاتية الكردية تستند في تصعيدها إلى جملة من المعطيات الحاصلة في سوريا:

  • أولا: ما وصلت له الأوضاع في السويداء: ليس سرا أن الإدارة الذاتية ساهمت بشكل أو بآخر في تصميم المشهد السوري الحالي، سواء من خلال الدعم والمشورة، أو عبر تشجيعها للأطراف على طلب اللامركزية.

وفي السويداء وصلت الأمور إلى حد الذروة مع المطالبة بالاستقلال، لكن تيار الزعيم الروحي حكمت الهجري، الذي يتبنى مشروع الانفصال، معرض للانتكاسة، ولن يطول الوقت حتى تظهر معارضة داخلية له، بعد خروج الناس من الصدمة، ولملمة القوى الوطنية في السويداء شتاتها واشتداد عودها، ولا سيما أن الأخطاء في إدارة الموارد والمساعدات بدأت تبرز بشكل واضح، ما يعني، بالنسبة للإدارة الذاتية الكردية، أن إمكانية الاستفادة من زخم أحداث السويداء ستتراجع.

وبالتالي لا بد من إبقاء حالة شد العصب عبر فتح جبهة جديدة تضمن استمرار الوضع، كما أن الأوضاع في الساحل عادت تتفعل بشكل ملحوظ، وإذا شعر الساحل والسويداء بتراجع لدى الإدارة الذاتية، فقد يؤدي ذلك إلى تراجع الزخم لديهما بشكل كبير.

  • ثانيا: تجربة السويداء كشفت أن الظروف مناسبة لتحقيق أهداف كبيرة بأقل قدر من الخسائر، صحيح أن الدروز خسروا مئات من عناصرهم في مواجهة الحكومة، لكنهم الآن بموقف تفاوضي قوي، وحققوا إلى حد ما إدارة ذاتية مستقلة.

ولنا أن نتصور لو أن الدروز قاموا بهذه الخطوة في غير هذه الظروف، لكانت الخسائر غير محتملة، وبحسابات الأرباح والخسائر، تستطيع الإدارة الذاتية التضحية حتى بالآلاف من عناصرها في سبيل تحقيق هدف كبير مثل تحقيق الانفصال عن سوريا.

وأحيانا في حسابات الفاعلين السياسيين، قد يكون خيار الذهاب للتصعيد، برغم مخاطره، الطريقَ لتحقيق أهداف إستراتيجية كبرى، بحجم تحقيق دولة كردية، طالما شكلت حلما تاريخيا لأجيال عديدة.

  • ثالثا: استثمار أن العديد من أبناء العشائر لا يزالون تحت إمرة الإدارة الذاتية الكردية، في إطار ما يسمى قوات ” قسَد”، وهؤلاء يمكن أن يكونوا وقودا للحرب مع إدارة الشرع، قبل أن تذهب الأمور بمسار آخر، ويصبح هناك فرز عرقي، ويخرج العرب من الأطر التي تجمعهم بالإدارة الذاتية الكردية.

ويستثمر الكرد حالة الانقسام بين العشائر العربية، لا سيما أن هناك كتلة وازنة من هذه العشائر لا تزال حذرة في التعامل مع إدارة الشرع، إما بسبب تأييدها للنظام السابق، أو بسبب انخراطها في علاقات مصلحية مع الكرد.

  • رابعا: الاستفادة من الورقة المسيحية: حيث ينضوي ضمن أطر الإدارة الذاتية الكردية، ولا سيما العسكرية، بعض المسيحيين الآشوريين والسريان، وبعد حصول تغير في الموقف المسيحي عموما في سوريا بشكل إيجابي من السلطة، لا بد أن “قسد” ستكون حذرة من تمدد الموقف إلى المكونات المسيحية في شرق سوريا.

وبالتالي تخسر الوجود المسيحي- الذي من الممكن أن تستثمره في الضغط على الأميركيين والأوروبيين، عبر تصوير حصول جرائم إبادة بحقهم- ما يحرمها من الاستفادة من ضغط المتطرفين الأميركيين في الكونغرس والبنتاغون والخارجية، ومؤسسة الاستخبارات، الذين يكنون العداء للإسلاميين، ولا يتفقون مع موقف إدارة ترامب، ويشنون حملة إعلامية على مبعوثه لسوريا توم باراك، على حساب المكونات العلمانية والديمقراطية في سوريا.

  • خامسا: الاستفادة من قوة حكومة نتنياهو وقدرتها على تحدي إدارة ترامب؛ بذريعة فرض رؤيتها الأمنية في المنطقة، ووجود كتلة كبيرة من المؤيدين لنتنياهو داخل دوائر صنع القرار الأميركي، ترغب بإعطائه فرصة لترتيب الأوضاع في الشرق الأوسط وعدم التدخل، وتركه يشكل أمرا واقعا وخرائط جديدة للمنطقة.

ويشكل وجود نتنياهو والتيار الإسرائيلي المتطرف وخططه الجيوسياسية على صعيد المنطقة، فرصة تاريخية في نظر القادة الكرد يجب استثمارها، ولا سيما في ظل إعلان حكومة نتنياهو عزمها حماية الأقليات في سوريا، ما يعني أن إسرائيل ستكون غطاء وشريكا لأي تحرك كردي ضد الإدارة السورية.

رهانات الكرد

يراهن الكرد، في سياق قيامهم بالتصعيد السياسي والعسكري مع الإدارة الجديدة، على بعض الأوراق التي يعتبرون أن لها وزنا مهما لدعم تحركهم، وتملك قدرة كبيرة على صنع المعادلة الجديدة التي يطمحون لإرسائها في الواقع السوري، ومن هذه الأوراق:

  • حدود قوة الإدارة السورية: بسبب ضعف موقف إدارة الشرع، الدبلوماسي والإعلامي، بعد حوادث السويداء، والرهان على أن الشرع لن يذهب بعيدا في عمل أي شيء خطير ضد الإدارة الذاتية الكردية، وسيضطره ذلك إلى البحث عن خيارات أخرى، لن يكون من بينها خيار المواجهة العسكرية.
  • وحدة الساحات: إمكانية التنسيق مع القوى والفصائل في السويداء والساحل؛ لإطلاق عمليات منسقة ومتزامنة، وتعمل إسرائيل على تغطيتها، وذلك لإرباك الإدارة السورية إلى أبعد حد.

وفرض أمر واقع في ثلاث مناطق سورية، سيضعف إلى حد بعيد موقف الإدارة المركزية، ويجعلها تقبل بما لا تقبل به الآن، هذا إن لم يصل الأمر فعلا إلى حد إعلان الانفصال التام عن سوريا، ولا سيما إذا أقدمت إسرائيل على تدمير مراكز القيادة والسيطرة وخطوط الإمداد.

  • القدرة على التأثير بالموقف الأميركي: تستفيد الإدارة الذاتية من التناقض الموجود بين قيادات البنتاغون والاستخبارات المركزية، ووزارة الخارجية، حيث ترغب الأولى في الاستمرار بلعب دور مؤثر في المنطقة، في حين تذهب وزارة الخارجية لتنفيذ أوامر ترامب بالانسحاب من المنطقة.

والمعلوم أن تأثير المؤسستين؛ الأمنية والعسكرية في سياسات إدارة ترامب أكبر من تأثير الخارجية، ويواجه التيار المؤيد لدمج الإدارة الذاتية الكردية ضمن هياكل الدولة السورية مشكلة في إقناع الكرد بتنفيذ اتفاق 10 مارس/آذار؛ بذريعة أن أحداث السويداء أوجدت نوعا من المخاوف لدى الكرد من احتمال تعرضهم لما تعرض له الدروز في جنوب سوريا.

ليس سرا أن الإدارة الذاتية الكردية ترتبط بشبكة علاقات محلية وإقليمية ودولية، وهي تتخذ قراراتها بالتنسيق مع هذه الأطراف جميعا، وستبني قرار التصعيد بناء على حسابات وتقديرات هذه الشبكة.

لذا لا بد لإدارة الشرع من اتباع إستراتيجية أكثر حكمة في مواجهة التطورات القادمة في شرق سوريا، حتى لا يتم جرها إلى حرب يريدها الطرف الآخر وتجهز لها جيدا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة نيوز عربي.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من نحن

“نحن في موقع نيوز عربي نولي اهتمامًا كبيرًا بتجربة المستخدم، حيث يتم تحسين المحتوى والعروض الترويجية بناءً على تحليلات دقيقة لاحتياجات الزوار، مما يسهم في تقديم تجربة تصفح سلسة ومخصصة.”

البريد الالكتروني: [email protected]

رقم الهاتف: +5-784-8894-678