يعاني تدريس الأدب العربي في الجامعات من أزمة لا تتعلق بجمال النصوص أو أهميتها، بل بطريقة تقديمها للطلاب. إذ يفقد الطالب صلته بالأدب عندما يُقدَّم له كحصة جامدة مليئة بالحفظ والتحليل السطحي، دون ربط حقيقي بحياته واهتماماته.
النص الأدبي ليس مادة للحفظ فقط
يتعامل كثير من الأساتذة مع النصوص الأدبية على أنها محفوظات تُلقّن للطلاب، لا تجارب حية تُناقَش وتُفهم. بينما يمكن للأستاذ أن يُشرك طلابه في تحليل النصوص بطريقة حوارية، تُشجعهم على التعبير عن آرائهم وفهم السياق التاريخي والثقافي للعمل الأدبي.
ضعف المهارات النقدية يحدّ من التفاعل
يعتمد كثير من الطلاب على ملخصات الإنترنت الجاهزة دون تطوير أدواتهم النقدية. كما أن غياب التدريب على الكتابة التحليلية يُساهم في إنتاج معرفي سطحي لا يُلامس جوهر النصوص. لذلك، يجب على المدرسين أن يُعززوا لدى الطلاب القدرة على النقد الذاتي والبحث الأكاديمي.
الرواية والمسرح أدوات لفهم الذات والعالم
تُتيح الروايات والمسرحيات فرصة لفهم النفس البشرية والصراعات الاجتماعية. لذا، بدلاً من سرد الأحداث، يمكن للمدرّس أن يطلب من الطلاب تحليل الشخصيات والرموز والعلاقات. على سبيل المثال، تُقدّم رواية “اللص والكلاب” صورة عن الظلم الاجتماعي، بينما تطرح “هاملت” أسئلة وجودية تتعلّق بالهوية والانتقام.
الشعر بوابة إلى الإبداع والتعبير
عندما يتحول الشعر إلى تمارين تحليلية جافة، يفقد جماله وتأثيره. أما إذا طُلب من الطلاب كتابة قصائدهم الخاصة أو إلقاء الشعر بصوت عالٍ، فسيتواصلون معه بطريقة جديدة. هذا الأسلوب يُنمّي التذوق الفني ويُشجّع على الإبداع.
المسرح يعيد الحياة للنصوص الأدبية
يمكن للمدرسين أن يُدخلوا عنصر الأداء المسرحي في الدروس. على سبيل المثال، يُمكن تمثيل مشاهد مختارة من نصوص أدبية لفهم اللغة والرمزية بشكل أعمق. هذه الطريقة تزيد من تفاعل الطلاب وتقرّبهم من النص.
الحاجة إلى تحديث المناهج
لا تزال معظم مناهج تدريس الأدب تكرّس الحفظ والتلقين. ومن الضروري اعتماد طرق حديثة تقوم على النقاش، والمقارنة، والتحليل الحر. كما يُستحسن أن يُمنح الطلاب حرية اختيار النصوص، وتشجيعهم على كتابة مقالات نقدية بدلاً من تلخيصات مكررة.
الأدب يُدرّس كفن لا كقواعد
يعكس الأدب العربي تجارب إنسانية عميقة، ويجب تدريسه بروح الفن لا كقواعد لغوية جافة. عندما يكتشف الطالب أن الأدب يُعبّر عن واقعه ومشاعره، فسيتفاعل معه بصدق، ويتعلّم كيف يقرأ الحياة من خلال النصوص.