انتصار مفاجئ وسط ظروف غير مواتية
في تحول غير متوقع، فاز نيكوسور دان، رئيس بلدية بوخارست، في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الرومانية، متفوقًا على منافسه اليميني المتطرف جورج سيميون. فقد حصل دان على 53.6% من الأصوات، رغم أن استطلاعات الرأي السابقة كانت ترجح فوز خصمه.
مشاركة جماهيرية واسعة
شهدت الانتخابات إقبالًا مرتفعًا من المواطنين، حيث ارتفعت نسبة المشاركة بـ12 نقطة بين الجولتين. وبالتالي، اعتُبرت هذه الانتخابات اختبارًا حاسمًا بين المعسكر الأوروبي الديمقراطي من جهة، والقوى السيادية المناهضة للقيم الليبرالية من جهة أخرى.
ردود فعل أوروبية إيجابية
في الواقع، لم يتأخر الرد الأوروبي على هذا الفوز. فقد سارعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى تهنئة دان، مشيدة باختيار الرومانيين لـ”دولة منفتحة ومزدهرة ضمن أوروبا قوية”. ومن ثمّ، اعتبر العديد من القادة الأوروبيين هذا الانتصار انتصارًا للقيم الديمقراطية في المنطقة.
موقف داعم لأوكرانيا والناتو
علاوة على ذلك، يُعرف نيكوسور دان بموقفه الثابت تجاه دعم أوكرانيا. في المقابل، كان منافسه جورج سيميون يعارض هذا التوجه، بل وعبّر عن مواقف متشددة ضد الاتحاد الأوروبي. نتيجة لذلك، فإن فوز دان شكّل ارتياحًا كبيرًا في كييف والعواصم الغربية.
رومانيا: لاعب محوري في الأمن الأوروبي
تجدر الإشارة إلى أن رومانيا تلعب دورًا مهمًا في الأمن الأوروبي. فهي، من ناحية، ممر رئيسي لإيصال المعدات العسكرية الغربية إلى أوكرانيا. ومن ناحية أخرى، تستضيف على أراضيها نحو 5,000 جندي من قوات الناتو، وتستعد لبناء أكبر قاعدة عسكرية للحلف في أوروبا.
خلفية أكاديمية لافتة
وُلد نيكوسور دان في مدينة فاجاراس لعائلة بسيطة، حيث كان والده عاملًا وأمه محاسبة. ومع ذلك، برز منذ صغره كعالم رياضيات موهوب، إذ فاز بالأولمبياد الدولي للرياضيات عامي 1987 و1988. بعد ذلك، واصل تعليمه العالي في فرنسا، حيث نال الدكتوراه من جامعة السوربون، ثم عاد إلى رومانيا كباحث وأستاذ جامعي.
يجيد الفرنسية ويدافع عن البيئة
إضافة إلى خلفيته الأكاديمية، يتقن دان اللغة الفرنسية بطلاقة. بل إنه استخدمها خلال كلمته للصحفيين الفرنسيين ليلة فوزه، حيث قال: “دعونا نستمتع بهذا المساء، ومن الغد سنبدأ إعادة بناء رومانيا”. كذلك، يُعرف بدفاعه المستمر عن البيئة وحقوق المرأة، وهو ما يُعد جزءًا أساسيًا من خطابه السياسي.
مكافحة الفساد في صلب مشروعه
منذ عام 2006، بدأ دان نشاطه السياسي من خلال تأسيس جمعية “أنقذوا بوخارست”، التي سعت لحماية المباني التاريخية والمساحات الخضراء. ثم، في عام 2016، أسّس حزب “اتحاد إنقاذ رومانيا”، الذي رفع شعار مكافحة الفساد. ورغم انسحابه من الحزب لاحقًا، ظلّ ملتزمًا بنفس الأهداف.
مواجهة التطرف والتدخل الأجنبي
دخل دان السباق الرئاسي بعد أن أُلغيت نتائج انتخابات سابقة، فاز فيها مرشح شعبوي مثير للجدل بدعم من حملات على تيك توك وتدخلات روسية محتملة. لذلك، رأى كثيرون في ترشح دان استعادة للمسار الديمقراطي وتحصينًا للبلاد ضد التأثيرات الخارجية.
فرحة شعبية ورسالة لأوكرانيا
أخيرًا، خرج آلاف المواطنين الرومانيين إلى الشوارع فور إعلان النتيجة، وهتفوا “روسيا تذكّري، رومانيا ليست لك”. أما الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فقد وصف فوز دان بـ”النجاح التاريخي”، الذي يعزز من دعم بوخارست لكييف في وجه العدوان الروسي.
.