هل سمعت يومًا عن “سياحة السرعة”؟ ليست كما تظن!
عندما نسمع عن أنواع السياحة، غالبًا ما تتبادر إلى أذهاننا السياحة الترفيهية، الثقافية، العلاجية أو الاستكشافية. لكن هناك نوعًا جديدًا آخذ في الانتشار بين عشاق الأدرينالين ومحبي القيادة… إنه ما يُعرف بـ “سياحة السرعة”.
ماذا تعني سياحة السرعة؟
لا يقصد بسياحة السرعة أن تُنهي عطلتك بأقصى سرعة، بل تعني أنك ستقود سيارتك بأقصى سرعة ممكنة، وفي بيئة آمنة ومخصصة لذلك، دون قلق من كاميرات المراقبة أو قوانين المرور الصارمة.
إنها تجربة تمنحك شعورًا غير مسبوق بالحرية والانطلاق، أشبه بالتحليق على الأرض!
الحلم الذي يراود عشاق السيارات
لك أن تتخيل اللحظة التي ترى فيها عداد السرعة يلامس حدوده القصوى، وأنت تُمسك بالمقود بإحكام، تشعر بكل جزء من السيارة ينبض بالحياة. إنها لحظات تخطف الأنفاس وتُطلق العنان للأدرينالين.
هذه ليست مجرد “قيادة”، بل تجربة شعورية كاملة — مزيج من التحرر، الحماسة، والمتعة المطلقة.
ليست للسيارات الخارقة فقط!
المثير في الأمر أن الحلم لا يقتصر فقط على مالكي السيارات الرياضية الفاخرة، بل يشمل حتى من يملك سيارات عادية. ففكرة القيادة الحرة على حلبات السباق أو في مناطق مخصصة تمنح الجميع فرصة عيش التجربة، مهما كانت قوة السيارة.
لكن بالطبع، لأصحاب السيارات الخارقة، تكون التجربة أكثر جنونًا، مع أصوات المحركات العالية، والتسارع الصاروخي، والتقنيات الدقيقة في التحكم.

بالطبع كل القوانين تجرم ذلك، فالحد الأقصى للسرعة القانونية على الطرق السريعة لا يتعدى الـ 140 كلم/ساعة، وذلك في أحسن الأحوال في بعض البلدان.
لكن هناك دولة واحدة ووحيدة في العالم جعلت من حلم الشباب حقيقة، ورحبت بعشاق السيارات الرياضية الفارهة والسريعة من حول العالم، وقالت لهم مرحبا بكم في موطن “اللا حدود”.
لا قيود، ولا مخالفات للسرعة، انطلق بقدر ما تستطيع مركبتك الوصول إليه، وأطلق العنان لشغفك، فالحد الوحيد هو قدرة محرك سيارتك.
إنها ألمانيا، وتحديدا “الأوتوبان” (Autobahn).
رمز التفوق الألماني
تعتبر ألمانيا موطنا للإبداع الهندسي والتكنولوجيا المتقدمة وتشتهر بصناعة كل ذي جودة، وهي مرجع عالمي في صناعة السيارات والبنى التحتية، فألمانيا تعني أولَ من اخترع السيارات، وتعني السيارات الأشهر والأفخم والأسرع مثل “مرسيدس” و”بي إم دبليو” و”بورش” و”أودي” وفولكس فاغن”.

لا يمكننا أن نتحدث “سياحة السرعة” دون ذكر ألمانيا وطريق “الأوتوبان”، ويقصد بالأخير شبكة الطرق السريعة التي تربط جميع أنحاء البلاد، والتي لا تخضع لحدود السرعة في العديد من أجزاء هذه الطرق.
فبالنسبة لعشاق القيادة والسيارات، يمثل “الأوتوبان” تجربة سياحية فريدة لا مثيل لها، ومصدرا للبهجة والحرية.
وجهة مثالية لعشاق السيارات
السياحة في ألمانيا ليست فقط لزيارة القلاع التاريخية أو تذوق النقانق البافارية، بل تمتد لتشمل تجربة قيادة فريدة تجذب محبي السيارات من جميع أنحاء العالم. يجتمع عشاق السرعة من مختلف الجنسيات في ألمانيا لتحقيق حلم القيادة بسرعة “غير محدودة” على طرق “الأوتوبان”.

ويمكن خوض تجربة سياحة السرعة بطريقتين:
- استئجار سيارة رياضية: يمكن لمحبي السرعة وعشاق السيارات بمختلف جنسياتهم السفر لألمانيا كي يستأجروا سيارة رياضية لقيادتها على طريق “الأوتوبان” بسرعة غير محدودة، ليحققوا حلما في الأغلب لن يتحقق سوى مرة واحدة في العمر. إنها تجربة تحبس الأنفاس وترفع الأدرينالين وتوجد النشوة.
- شحن السيارات لألمانيا: يحرص الأثرياء من مختلف بلدان العالم على شحن سياراتهم الخارقة مثل فيراري، لامبورغيني، وبوغاتي إلى ألمانيا خصيصاً لتجربة “الأوتوبان”. هنا يكمن المعنى الحقيقي لـ “سياحة السرعة”، فالسفر هنا أتى لغرض واحد فقط وهو رفع الأدرينالين لأقصى حد، وذلك بخوض التجربة بأقوى أداء للسيارات الرياضية الفائقة على سطح الأرض.
صنعت تلك السيارات لهذا الهدف، لكن هناك إحصائية تقول إن أغلبية الأثرياء لم يجربوا أقصى أداء لسياراتهم الرياضية باهظة الثمن ولو لمرة واحدة في العمر، فالبعض يحب التملك فقط، والبعض الآخر لم تتح له الفرصة لخوض تلك التجربة الحماسية.

بالنسبة لعشاق السيارات، القيادة ليست مجرد وسيلة تنقل، بل هي شغف ومتعة وإثارة. ولهذا السبب، يقوم العديد من الأثرياء والمشاهير بشحن سياراتهم الرياضية الفائقة إلى ألمانيا لخوض تجربة قيادة لا تُنسى على الأوتوبان. وهناك أمراء ورجال أعمال من الخليج العربي ينتهزون أشهر الصيف من كل عام للاستمتاع بسياراتهم السريعة على “الأوتوبان”، متنقلين بين المدن الألمانية بسرعة تفوق الخيال.
إيطاليا مصنعة أسرع سيارات في العالم مثل باغاني وفيراري ولامبورغيني لا تجد فسحة لإطلاق العنان لسياراتهم إلا على “الأوتوبان”، ليس لتُعرض في صالات العرض، بل لتنطلق بحرية مطلقة في أبهى صور الأداء الميكانيكي.

لماذا لا يوجد طريق مثيل للأوتوبان؟
رغم أن العالم شهد طفرة في مشاريع الطرق السريعة، فإن الأوتوبان ظل فريدا من نوعه. فتكاليف الصيانة العالية والثقافة المرورية المنضبطة جعلته تجربة لا يمكن تكرارها في أي دولة أخرى.
وبالمقارنة، فإن الطرق السريعة في دول مثل الولايات المتحدة أو فرنسا تفرض حدودا للسرعة (عادة حول 120 كلم/ساعة أو 75 ميلا/ساعة)، ويرجع ذلك بشكل رئيس إلى المخاوف المتعلقة بـ السلامة عند القيادة بسرعات عالية.
ففي البلدان التي تفرض حدودا للسرعة، يُنظر إلى القيادة بسرعة عالية على أنها خطر من ناحية السلامة. ومع ذلك، فإن ثقافة ألمانيا جعلت الأوتوبان بيئة آمنة للسرعات التي تعتبر غير آمنة في أماكن أخرى للأسباب التالية:

أولا- القوانين والأنظمة المرورية الصارمة
على الرغم من عدم وجود حد للسرعة بشكل عام، فإن الأوتوبان يعمل بموجب مجموعة من القواعد الصارمة المصممة للحفاظ على النظام والسلامة، بما في ذلك:
- انضباط المسارات: يجب على المركبات البقاء في المسار الأيمن ما لم تكن تتجاوز مركبة أخرى، وتُخصص المسارات اليسرى للتجاوز فقط.
- حدود لتناول الكحول: لدى ألمانيا سياسة عدم التسامح مع القيادة تحت تأثير الكحول في بعض الحالات، ويعد الحد القانوني لتركيز الكحول في الدم منخفضا (0.05% للسائقين العاديين و0.00% للسائقين المبتدئين).
- رخصة القيادة: الحصول على رخصة قيادة هو من أصعب الأشياء في ألمانيا، لصعوبة اختبارات القيادة وصرامتها ولرسومها الباهظة.

- فحص السيارات الميكانيكي الدوري: تخضع السيارات في ألمانيا لفحص ميكانيكي سنوي لاختبار سلامة المركبة بشكل دقيق جدا ولا ترخص المركبة إلا بعد إصلاح كل أعطالها بشكل كامل، ولذلك فإنها تظل آمنة على الطرق السريعة.
- تكاليف الصيانة المرتفعة: تنفق ألمانيا على صيانة شبكة الأوتوبان خمسة أضعاف تكلفة الطرق العادية، وتشمل التكاليف إصلاحات دورية وتحديثات، وضمان أعلى معايير السلامة.
- ثقافة المرور والانضباط لدى السائقين: يشتهر السائقون الألمان بالتزامهم الصارم بالقوانين المرورية، مما يجعل الأوتوبان مكانا آمنا للسرعات العالية.
الجدل بين الحرية والسلامة
في داخل ألمانيا، لا يخلو الأمر من الجدل في السنوات الأخيرة حول موضوع السلامة والقيود على السرعة المفتوحة، فقد زادت الأصوات المطالبة بفرض قيود على السرعة في طرق “الأوتوبان”، وذلك لأسباب تتعلق بالسلامة وحفظ أرواح البشر وحماية البيئة من كثرة الانبعاثات الغازية.

🚀 الأوتوبان الألماني.. السرعة بلا حدود وتجارب تحبس الأنفاس!
جدل سياسي حول السرعة في ألمانيا
في وقت تتجه فيه السياسات الأوروبية نحو تقليل انبعاثات الكربون، اقترح بعض السياسيين الألمان فرض حد أقصى للسرعة يبلغ 130 كيلومتراً في الساعة على طرق الأوتوبان الشهيرة. لكن هذا الاقتراح يواجه معارضة شديدة من عشاق السيارات ومن كبرى الشركات الألمانية مثل بي إم دبليو، بورش، ومرسيدس، الذين يعتبرون أن القيادة بسرعة مفتوحة جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية الألمانية.
الأوتوبان.. ملاذ عشاق القيادة الحرة
رغم الشائعة المنتشرة بأن شبكة الأوتوبان الألمانية بأكملها لا تفرض حدودًا للسرعة، فإن الحقيقة هي أن 60% فقط من هذه الشبكة تتمتع بحرية السرعة الكاملة، بينما تُفرض قيود على الـ40% المتبقية لأسباب تتعلق بالسلامة أو البيئة.
وبحسب موسوعة بريتانيكا، تمتد شبكة الأوتوبان لأكثر من 12 ألف كيلومتر، مما يجعلها ثالث أكبر شبكة طرق سريعة في العالم بعد الولايات المتحدة والصين.
🏎️ تجارب حقيقية على الأوتوبان: السرعة القصوى واقع وليست خيالاً
بات الأوتوبان وجهة رئيسية لعشاق القيادة من جميع أنحاء العالم، حيث امتلأت منصات مثل يوتيوب بمقاطع تُظهر تجارب حقيقية لسيارات خارقة تنطلق بسرعات مذهلة، دون خوف من المخالفات أو القيود.
🔹 بوغاتي فيرون – سرعة 400 كلم/ساعة
في عام 2015، حطّم رجل الأعمال التشيكي راديم باسر الرقم القياسي على طريق الأوتوبان عندما قاد سيارته بوغاتي فيرون بسرعة وصلت إلى 400 كلم/ساعة، وهو رقم لم يسبق تسجيله على طريق عام.
🔹 بوغاتي شيرون سوبر سبورت – سرعة 417 كلم/ساعة
عاد باسر في عام 2021 ليحطم رقمه القياسي بسيارة بوغاتي شيرون سوبر سبورت، حيث سجل سرعة قياسية جديدة بلغت 417 كلم/ساعة، لتُصبح هذه أسرع تجربة قيادة على طريق عام في التاريخ.
🔹 تجربة مات واتسون مع شيرون سوبر سبورت
الصحفي البريطاني الشهير مات واتسون، مؤسس قناة Carwow على يوتيوب، وثّق تجربة قيادة لسيارة شيرون سوبر سبورت على الأوتوبان، مبرزًا قدراتها المذهلة في بيئة حقيقية، حيث بلغ التسارع والسرعة مستويات استثنائية.
🔹 لامبورغيني هوريكان – الانطلاق بلا قيود
قدّمت قناة AutoTopNL المتخصصة في تجارب السرعة على الأوتوبان، فيديوهات عديدة أبرزها تجربة قيادة لسيارة لامبورغيني هوريكان، حيث تم اختبار السرعة القصوى للسيارة الإيطالية على الطريق الألماني الشهير.
🔹 فيراري 812 – سرعة 350 كلم/ساعة
في تجربة أخرى لقناة AutoTopNL، تم استعراض قدرات سيارة فيراري 812، التي وصلت إلى سرعة 350 كلم/ساعة، لتؤكد أنها ليست فقط سيارة فاخرة بل وحش طرق سريع.
🔹 باغاني زوندا – تجربة شميي
شميي، صانع المحتوى البريطاني الشهير في مجال السيارات الخارقة، انطلق في مغامرة خاصة على الأوتوبان برفقة صديقه الأميركي ومالك سيارة باغاني زوندا النادرة، حيث استعرضا التصميم الفاخر وأداء السيارة المذهل على الطريق المفتوح.
🛣️ الأوتوبان.. أكثر من مجرد طريق!
يصف كثيرون تجربة القيادة على الأوتوبان بأنها حالة ذهنية، فبمجرد أن تضغط على دواسة الوقود وتسمع هدير المحرك يعلو، تشعر وكأنك تحلق بلا قيود. إنها تجربة لا تُنسى، سواء كنت تمتلك سيارة خارقة أو قررت استئجار واحدة.
في الأوتوبان، لا يوجد سقف للسرعة ولا حدود للشغف. إنه المكان الذي تتحقق فيه أحلام القيادة الحرة، ولو لمرة واحدة في العمر.
نيوز عربي ترصد لكم دومًا أغرب وأمتع تجارب السفر والسياحة حول العالم، فهل تخطط لخوض تجربة الأوتوبان؟ شاركنا برأيك!