وأوضح الخبير أن الجهود التي بذلتها المملكة المغربية خلال الـ 25 سنة الماضية أسهمت بشكل ملموس في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، ما أدى إلى تراجع ملحوظ في الفقر متعدد الأبعاد.
وأضاف جدري أن النقاش الاقتصادي والاجتماعي لم يعد يركز فقط على الفقر، بل انتقل اليوم إلى الحديث عن “الهشاشة”، وهي وضعية يعيشها عدد من المواطنين الذين يصعب تصنيفهم ضمن طبقة اقتصادية محددة، نظراً لتذبذب أوضاعهم المعيشية واعتمادهم في الغالب على أنشطة غير مهيكلة.
وفيما يتعلق بالمجال القروي، أشار الخبير إلى أن الاقتصاد في هذه المناطق لا يزال مرتبطا بشكل كبير بالتساقطات المطرية، وهو ما يفسر ارتفاع نسب الفقر مقارنة بالمجال الحضري، معتبرا أن هذا الأمر طبيعي في ظل هذا الاعتماد المفرط على عوامل مناخية غير مستقرة.
وفي ختام تصريحه، شدد جدري على أن المغرب، رغم تحقيقه نسب نمو اقتصادي مهمة، لا يزال يواجه تحدي التفاوتات المجالية، إذ لا يمكن مقارنة اقتصاد جهة مثل الدار البيضاء – سطات باقتصاد جهة درعة – تافيلالت، داعيا إلى تكثيف الجهود من أجل تقليص هذه الفوارق، مستشهدا بـ “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية” كنموذج ناجح ساهم في خفض معدلات الفقر في عدد من الجماعات المستهدفة.
من جهة أخرى، أشاد الخبير الاقتصادي، رشيد الساري، في تصريح للجريدة، بالمقاربة الجديدة التي اعتمدتها المندوبية السامية للتخطيط في قياس مؤشرات الفقر، مؤكدا أنها تجاوزت المفهوم التقليدي القائم على الدخل والإنفاق فقط، لتشمل جوانب أساسية أخرى كالصحة، والتعليم، والسكن. معتبراً أن هذه المقاربة كان من الواجب اعتمادها منذ البداية، لأنها تعكس بشكل أدق واقع المستوى المعيشي للمواطن المغربي.
وأوضح الساري أن الصعوبات التي يواجهها المواطن في الولوج إلى خدمات التعليم أو الصحة أو الحصول على سكن لائق، تمثل مؤشرا حقيقيا على هشاشة وضعه الاجتماعي، مشيرا إلى أن الاكتفاء بقياس الدخل أو الإنفاق لا يفي بالغرض ولا يعكس الصورة الكاملة.
وفي هذا السياق، نوه الخبير بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، معتبرا أنها، رغم بعض الملاحظات التي طالتها، لعبت دورا مهما في تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للعديد من المواطنين، وساهمت بشكل فعال في خفض معدلات الفقر على مستوى المملكة.
وعلاقة بالمجال القروي، أشار الساري إلى أن ارتفاع نسب الفقر فيه يعود إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، على رأسها قلة التساقطات المطرية، وشح الموارد المالية والطبيعية، وانخفاض منسوب المياه الجوفية، ودعا في هذا السياق إلى إيلاء اهتمام خاص للعالم القروي عبر سياسات تنموية متكاملة تضمن استدامة الموارد وتحسين سبل العيش للسكان.