أكد محللون سياسيون أن المفاوضات الجارية لإنهاء الحرب في قطاع غزة تمر بمرحلة حاسمة. يأتي ذلك في ظل تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن قرب التوصل إلى “صفقة شاملة”، رغم تباين المواقف بشأن تفاصيلها وفرص نجاحها.
تحول في الموقف الأميركي
قال المحلل السياسي أحمد الحيلة لـ”نيوز عربي” إن موقف واشنطن تجاه الحرب في غزة شهد تغيرًا واضحًا. وأوضح أن ترامب، خلال لقائه الأخير برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، شدد على ضرورة التوصل إلى حل سريع ووقف إطلاق النار في غزة.
وأضاف أن زيارة نتنياهو لواشنطن أضعفته سياسيًا، مشيرًا إلى أن الضغوط الأميركية دفعت المفاوضات إلى منحى أكثر جدية.
سرية المفاوضات وصفقة الرهائن
من جانبه، قال جيمس روبنز، كبير الباحثين في المجلس الأميركي للسياسة الخارجية، إن الإدارة الأميركية حرصت على إبقاء المفاوضات سرية حتى نضوجها. وأكد أن الصفقة تتضمن إطلاق سراح الرهائن، ووقف العمليات القتالية، وخطة لإدارة قطاع غزة مستقبلاً، مع استبعاد حماس من القيادة السياسية.
شروط حماس
في المقابل، أشار الحيلة إلى أن حركة حماس لديها ثوابت لا يمكن التنازل عنها، أبرزها انسحاب الاحتلال ووقف إطلاق النار بشكل دائم. وأضاف أن الحديث عن نزع سلاح الحركة أو إخراجها من القطاع يعقّد العملية السياسية.
حسابات داخل إسرائيل
يرى الكاتب المتخصص في الشأن الإسرائيلي، إيهاب جبارين، أن الصفقة الشاملة قد تحمل كلفة سياسية كبيرة داخل إسرائيل. وأوضح أن من غير الواضح ما إذا كان نتنياهو مستعدًا لدفع هذا الثمن في ظل الظروف الحالية.
دوافع واشنطن وتحذيرات ترامب
أوضح الحيلة أن الولايات المتحدة تسعى لتفادي التورط في أزمات الشرق الأوسط، حيث كاد نتنياهو أن يجرها إلى صراعات متعددة. وتساءل: “كيف يمكن لترامب أن يتحدث عن السلام والمشاريع الاقتصادية في الرياض، بينما إسرائيل تواصل قصف الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين؟”
وأضاف أن ترامب كان حاسمًا في لقائه مع نتنياهو، حيث اعتبر أن تركيا “خط أحمر” يجب التعامل معها بعقلانية، وأبلغه أنه يتجه للتفاوض مع إيران، وهو ما شكّل صدمة لنتنياهو الذي يفضل التصعيد العسكري.
إدارة تفاوضية منفردة
أكد جبارين أن نتنياهو يدير المفاوضات بشكل منفرد. وأشار إلى أنه أبعد جهاز الشاباك، وأصوات الأسرى، وحتى المعارضين في الجيش عن العملية التفاوضية.
ورقة الأسرى
أوضح جبارين أن نتنياهو يرى في ملف الأسرى الورقة الوحيدة التي تملكها حماس، ويسعى لإنهائها للانتقال إلى أهداف أخرى. وأضاف أن أي تنازلات تتعلق بالانسحاب أو السيطرة الأمنية أو وجود حماس قد تفكك حكومته.
معضلة الضمانات
قال روبنز إنه يصعب منح حماس ضمانات، باعتبارها بدأت الحرب واحتجزت الرهائن. وأضاف أن على الحركة إظهار حسن نية عبر تسريع إطلاق الأسرى.
في المقابل، رد الحيلة بأن الطرف الإسرائيلي هو من يعرقل التقدم. وأوضح أن حماس التزمت بالاتفاق الأولي، لكن نتنياهو رفض بدء المرحلة الثانية. وشدد على أن الدور الأميركي ضروري لتوفير الضمانات وإلزام إسرائيل.
من يحكم غزة بعد الحرب؟
يرى روبنز أن مستقبل حماس في الحكم بات مرفوضًا أميركيًا وإسرائيليًا. وأكد أن التفاوض مع طرف لا يزال يربط بقاؤه بالرهائن أمر معقد.
لكن الحيلة أشار إلى أن حماس أبلغت مصر العام الماضي بأنها لا تسعى لحكم غزة، بل تدعم تشكيل حكومة تكنوقراط تشرف عليها السلطة الفلسطينية، التي يرفض نتنياهو التعامل معها.
رؤية نتنياهو للمستقبل
أكد جبارين أن نتنياهو يسعى لتكريس مفهوم “الجدار الحديدي”، أي السيطرة الأمنية الكاملة داخل الحدود، من أجل ترك إرث سياسي ثابت. ويرى أن عزل غزة يخدم هذه الرؤية.
التفاؤل الحذر
اختتم الحيلة حديثه محذرًا من الإفراط في التفاؤل. وأوضح أن التجربة مع نتنياهو والمواقف الأميركية المتقلبة تفرض الحذر، رغم وجود مؤشرات على تقدم محتمل.