رام الله– هذا اليوم (27 أكتوبر/تشرين الأول) كان مقررا أن يكون مميزا للصحافية الفلسطينية شذى حمّاد، بتكريمها خلال حفل تقيمه مؤسسة تومسون رويترز في لندن للفائزين بجائزة “كوت شورك” عن فئة الصحافي المحلي، ولكن قرار إدارة الجائزة سحبها أطاح بآمالها.
وسحبت رويترز الجائزة من شذى، بعد يومين من تحريض شنته مؤسسة صهيونية عليها بدعوى معاداة السامية استنادا إلى منشور على صفحتها على فيسبوك عام 2014.
وتقول شذى إنها تلقت في سبتمبر/أيلول الفائت بريدا إلكترونيا من مؤسسة رويترز يبلغها بالفوز بالجائزة لعام 2022 بناء على تقييم 3 مقالات نُشرت على موقع ميدل إيست آي، والذي تعمل لصالحه منذ 3 سنوات.
وخلال الاستعداد للسفر إلى لندن، للمشاركة في حفل التكريم (26-27 أكتوبر/تشرين الأول) تلقت شذى بريدا إلكترونيا آخرا يبلغها بطلب المؤسسة إجراء تحقيق بناء على تهم وجهت لها بمعاداة السامية، وبالتزامن شنت مؤسسة “هونست ريبورتنغ” (Honest Reporting) -المتخصصة بمراقبة الإعلام الدولي والصحافيين الفلسطينيين العاملين فيه- حملة تحريض ضدها ونشر مقالا تطالب فيه بسحب الجائزة منها لـ “معاداتها السامية”.
وارتكزت هذه المؤسسة الصهيونية إلى منشورات سابقة كتبتها شذى قبل سنوات من عملها مع موقع ميدل إيست آي.
وبعد أقل من يوم على المقال التحريضي والتحقيق (18 أكتوبر/ تشرين الأول) صدر قرار رويترز بسحب الجائزة.
ولم يتوقف الأمر عند سحب الجائزة، واستمر ضغط هذه المؤسسة التي احتفلت بـ “الانتصار الكبير” بسرعة استجابة رويترز وسحب الجائزة، دون النظر إلى المهنية التي تبديها شذى في عملها وتغطيتها الصحافية التي استحقت الجائزة بناء عليها. بل تقول الصحافية “يمكن أن أخسر عملي بالكامل”.
وتضيف في حديث مع الجزيرة نت “هناك ملاحقة للصحافي الفلسطيني العامل في الإعلام الدولي لدوره في تقديم رواية فلسطين بمهنية عبر هذه المنصات، بعد أن كانت التغطية مجرد عناوين عامة وغير مؤثرة بالرأي العام”. وتابعت “التخوف في حال استمرت الهجمة وغيابنا كصحافيين محليين قادرين على طرح قضيتنا في المساحات الإعلامية الدولية”.
قائمة طويلة من الملاحقات
وتخوف شذى من خسارة عملها مبني على تجارب لصحافيين آخرين مثل المصور الصحافي حسام سليم من قطاع غزة، الذي فقد عمله بضغط من نفس المؤسسة كمصور صحافي حر لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.
الصحيفة أبلغت حسام بوقف التعامل معه من خلال اتصال “هاتفي قصير” بعد عمل متواصل 4 سنوات، عمل خلالها على تغطية مسيرات العودة مطلع العام 2018، وما تلاها من أحداث على القطاع من ضمنها عدوان 2021.
يقول الصحافي للجزيرة نت: لم يقتصر الأمر على نيويورك تايمز، فربط اسمي بمعاداة السامية أغلق الأبواب للعمل مع أي جهة إعلام دولية أخرى. وتابع “البحث عن اسمي الآن على غوغل يظهر المواقع التي تصفني بمعاداة السامية أكثر من عملي المهني”.
في حالتي شذى وحسام، استندت المؤسسة الصهيونية إلى منشورات سابقة لكل منهما على حسابهما الشخصي على فيسبوك، تماما كما كان الحال مع صحافيين آخرين سابقا.
ففي فبراير/شباط الماضي، أنهت شبكة دويتشه فيله الألمانية عقد الصحافية مرام سالم مع 4 صحفيين عرب على خلفية اتهامهم بـ “معاداة السامية” استنادا لتغريدات قديمة لهم ينتقدون فيها إسرائيل.
ومن قبل دويتشه فيله، فصلت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” (BBC) في يونيو/حزيران 2021 الصحافية تالا حلاوة من مدينة القدس المحتلة بعد 4 سنوات من العمل المنتظم معها على خلفية تغريدة نشرتها قبل سنوات من عملها مع المؤسسة، بتهمة معاداة السامية أيضا.
ملاحقة الصحافيين الفلسطينيين هذه، وخاصة البارزين في المنصات الدولية “الناطقة بغير العربية” جعلتهم يرفعون صوتهم الرافض لسياسات المؤسسات الخاضعة للضغط الصهيوني على حساب عملهم ومستقبلهم المهني.
وفي عريضة حملت أكثر من 300 توقيع، أعلن هؤلاء الصحافيون موقفهم الرافض للمرور “عبر البوابة الصهيونية للتفتيش” والمعدة فقط للصحافي الفلسطيني “الطرف الأضعف بهذا الصراع”.