وقالت رئيسة قسم الشؤون الأوروبية في المجموعة ليزا موسيول إن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين كانت تحجم منذ بداية الحرب عن توجيه أي انتقاد شديد لإسرائيل، لكن لهجتها تغيرت في خطاب حالة الاتحاد الأوروبي، يوم الأربعاء الماضي، حين أكدت أن “ما يجري في غزة يهز ضمير العالم”، وأن على الاتحاد استخدام نفوذه لردع إسرائيل.
وحددت المفوضية الأوروبية خطوات مقترحة في هذا الصدد، من بينها تعليق التعاون الثنائي والمزايا التجارية الممنوحة لإسرائيل وصولا إلى فرض عقوبات مباشرة.
وأشارت مجموعة الأزمات الدولية إلى أن هذا التحول ربما جاء نتيجة الضغوط المتصاعدة من المشرعين داخل الاتحاد الأوروبي والمظاهرات الحاشدة في الشوارع الأوروبية للمطالبة بوقف الحرب فضلا عن الاستياء داخل أوساط المفوضية الأوروبية نفسها.
كما يعكس هذا التحول شعورا عاما لدى كثير من الزعماء الأوروبيين بأنه لم يعد يمكن السكوت على المجازر الإسرائيلية المستمرة وتجويع السكان في غزة.
خطوات مقترحة
بعض الخطوات المقترحة يمكن للمفوضية الأوروبية اتخاذها بشكل أحادي. وقد قررت المفوضية بالفعل تجميد جميع أشكال الدعم المالي لإسرائيل، بما يشمل تعليق تمويل بقيمة 32 مليون يورو لمشروعات مشتركة حتى عام 2027، مع بعض الاستثناءات.
أما الإجراءات الأوسع نطاقا التي اقترحتها المفوضية، فتتطلب تصويت دول الاتحاد الأوروبي، وهنا تبرز انقسامات أوروبية حادة بشأن إسرائيل. ففرض عقوبات أوروبية على وزيري اليمين المتطرف إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وغيرهما من قادة الاستيطان بالضفة الغربية، يحتاج إلى تصويت بالإجماع، أي إن كل دولة عضو سيكون لها حق النقض (الفيتو).
ومن المرجح أن تستخدم دول داعمة لإسرائيل، مثل المجر وألمانيا والتشيك وإيطاليا، هذا الحق لمنع فرض أي عقوبات على مسؤولين بالحكومة الإسرائيلية.
بيد أن الدول الأعضاء قد تتمكن من التوافق على عقوبات ضد “مستوطنين أفراد تورطوا في أعمال عنف أو ضد منظمات استيطانية”.
عقوبات اقتصادية
أما تعليق المزايا التجارية لإسرائيل فيتطلب عتبة تصويت أدنى، وهي الأغلبية المؤهلة: أي تأييد 15 دولة من أصل 27، تمثل ما لا يقل عن 65% من سكان الاتحاد الأوروبي.
ولتحقيق ذلك، يتعين على ألمانيا أو إيطاليا أن تغيّرا موقفهما التقليدي الرافض لاستخدام نفوذهما الاقتصادي للضغط على إسرائيل. ونظرا لاعتماد إسرائيل الكبير على تجارتها مع الاتحاد الأوروبي، فإن أي خطوة من هذا النوع قد تكون لها تبعات قاسية على اقتصادها.
والكرة الآن في ملعب عواصم الاتحاد الأوروبي. فالمسوّغات لفرض إجراءات صارمة ضد إسرائيل باتت قوية، إذ خلص تقييم داخلي للاتحاد إلى أن إسرائيل تنتهك الالتزامات المتعلقة بحقوق الإنسان التي يقوم عليها إطار العلاقة بين الجانبين، في حين أعلنت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة قبل أيام أن إسرائيل ارتكبت جريمة إبادة جماعية في غزة.
ومع ذلك فقد أخفق الاتحاد الأوروبي في السابق في التوافق على إجراءات عملية للضغط على إسرائيل، وإذا أخفق هذه المرة أيضا فإنه سيظل متفرجا على إسرائيل وهي تواصل تدمير حياة الفلسطينيين في غزة وتمضي في تعزيز احتلالها للضفة الغربية.