• Home  
  • مثل البشر.. الفئران تقدم “الإسعافات الأولية” لرفاقها الفاقدي الوعي
- علوم

مثل البشر.. الفئران تقدم “الإسعافات الأولية” لرفاقها الفاقدي الوعي

المقدمة: هل تعلم أن فئران التجارب يمكن أن تظهر سلوكيات مشابهة لتلك التي نقوم بها في حالات الطوارئ؟ دراسة جديدة نُشرت في مجلة “ساينس” تكشف عن سلوكيات استجابة للطوارئ عند الفئران التي تجد رفاقًا فاقدين للوعي، مما يشير إلى أن ميلنا الطبيعي للمساعدة ليس محصورًا بالبشر فقط. تفاصيل الدراسة: في دراسة جديدة قام بها البروفيسور […]

scaled 1742802075

المقدمة:

هل تعلم أن فئران التجارب يمكن أن تظهر سلوكيات مشابهة لتلك التي نقوم بها في حالات الطوارئ؟ دراسة جديدة نُشرت في مجلة “ساينس” تكشف عن سلوكيات استجابة للطوارئ عند الفئران التي تجد رفاقًا فاقدين للوعي، مما يشير إلى أن ميلنا الطبيعي للمساعدة ليس محصورًا بالبشر فقط.


تفاصيل الدراسة:

في دراسة جديدة قام بها البروفيسور لي تشانغ من جامعة جنوب كاليفورنيا، تم توثيق سلوكيات فئران التجارب عند مواجهتها لفئران فاقدة للوعي. على الرغم من أن هذا البحث كان موجهًا لفهم تأثيرات التخدير على الفئران، إلا أن النتائج أظهرت أمرًا غير متوقع: سلوكيات تشبه الإسعافات الأولية.

في البداية، لاحظ البروفيسور تشانغ أن الفئران المقدمة للرعاية تبدأ بشم رفقائها غير المستجيبين. مع مرور الوقت، تطور هذا السلوك ليشمل تفاعلات جسدية أكثر تطورًا، مثل تنظيف الفم، والخدش، وحتى عض الفم واللسان في محاولات لتحفيز الفأر فاقد الوعي.


النتائج والنتائج النهائية:

أظهرت الدراسة أن الفئران قضت وقتًا أطول في التفاعل مع الفئران الفاقدة للوعي مقارنة بالفئران الأخرى. وأدى هذا التفاعل إلى تسريع استجابات الفئران فاقدة الوعي، بما في ذلك تحفيز حركة الذيل. كان تفاعل الفئران المساعدة مركزًا بشكل خاص على الرأس، مما يعكس محاولة لتحفيز استجابة حركية في تلك المنطقة.

وفي حالات معينة، مثل سحب اللسان، أدى هذا التصرف إلى تنشيط بعض الحركات الحركية. ووجد الباحثون أن هذه السلوكيات استمرت حتى في الظلام، مما يدل على أن الفئران تعتمد على إشارات حسية متعددة بخلاف الرؤية للكشف عن رفقائها في حالة الطوارئ.


التفسير العلمي:

البروفيسور تشانغ وفريقه أكدوا أن هذه النتائج تفتح المجال لفهم أعمق حول “الرعاية الطبيعية” التي تقوم بها الثدييات عند مواجهة المواقف الطارئة. هذه السلوكيات تشبه بشكل مذهل جهود الإسعافات الأولية التي يقوم بها البشر، مما يعكس أن غرائز العناية بالمحتاجين ليست مقتصرة على البشر فقط.

السلوكيات هذه اتضح أنها أدت إلى تعجيل تعافي الفئران التي قُدمت لها الرعاية (غيتي)

سلوكيات الإسعافات الأولية

في اختبار منفصل، وضع الباحثون برفق كرة بلاستيكية غير سامة في فم فأر فاقد للوعي. في 80% من الحالات، نجحت الفئران المقدمة للمساعدة في إزالة هذا الجسم، ومع ذلك تم تجاهل الأجسام الموضوعة في مستقيم الفأر أو أعضائه التناسلية.

يقول تشانغ “في الإسعافات الأولية البشرية، يُعد ضمان فتح مجرى الهواء أمرًا بالغ الأهمية، لأن استرخاء العضلات -بما في ذلك عضلات اللسان- قد يُؤدي إلى انسداد”.

أما في الفئران -كما يقول- يؤدي سحب لسان فأر آخر إلى توسيع فتحة مجرى الهواء. في هذه الأثناء، تتم إزالة الأجسام الغريبة التي وُضعت بشكل مُصطنع في فم الفرد الفاقد الوعي (مما قد يُسبب انسدادًا محتملًا في مجرى الهواء) من خلال إجراءات المُنقذ.

الأمر الأكثر إثارة للدهشة أن جهود الاستجابة الطارئة أثمرت مع الفئران الفاقدة الوعي، فقد تمكنت هذه الفئران من التعافي والبدء في المشي مرة أخرى قبل تلك التي تُركت بمفردها بوقت طويل، وبمجرد أن استجابت تباطأت الفئران المساعدِة ثم توقفت عن سلوكها في تقديم الرعاية.

وتشير نتائج الدراسة إلى أن الفئران لا تتفاعل عشوائيا مع رفاقها الفاقدي الوعي فحسب، بل تُركز انتباهها عمدًا على مناطق الوجه والفم، على غرار الطريقة التي قد يفحص بها المسعفون البشريون مجرى الهواء لشخص فاقد الوعي.

ووفقًا لتشانغ، فإن “سلوك التعافي لا يشبه الإنعاش القلبي الرئوي الذي يتطلب تدريبًا متخصصًا، بل أشبه باستخدام أملاح نفاذة الرائحة أو صفعة لإيقاظ شخص ما أو إجراء إسعافات أولية أساسية لضمان قدرة الشخص الفاقد الوعي على التنفس”.

TEL AVIV, ISRAEL - NOVEMBER 12: (ISRAEL OUT) Developer Eran Lumbroso holds a mouse during a demonstration at The 2nd International Conference of Israel Homeland Security expo on November 12, 2012 in Tel Aviv, Israel. Israels Tamar Group has developed an explosives and drugs detection system, named Bio Explorer, using mice. An airport scanner style unit houses three concealed chambers, each containing eight mice. The animals are trained to run into an alarmed chamber upon substance detection. (Photo by Uriel Sinai/Getty Images)
الفئران لا تتفاعل عشوائيا مع رفاقها الفاقدي الوعي فحسب بل تُركز انتباهها عمدًا على مناطق الوجه والفم (غيتي)

الألفة أم الفضول؟

الأكثر من ذلك، وجد الباحثون أن هذه السلوكيات تتأثر بشدة بالألفة، فقد أظهر كل من الفئران الذكور والإناث مستوى أعلى بكثير من السلوكيات الشبيهة بالإنعاش عند مواجهة رفيق مألوف غير مستجيب مقارنة برفيق غريب غير مستجيب، وهو ما يتوافق مع أنواع أخرى من السلوكيات الاجتماعية الإيجابية التي تنطوي أيضًا على تحيز الألفة.

دفعت هذه النتائج تشانغ وفريقه إلى تفسير بديل يتمثل في الاعتقاد بأن الفئران المُقدِّمة للرعاية ربما تحاول بالفعل مساعدة أصدقائها بوعي، ولكن قد يكون فضولها تجاه فأر غير مستجيب موضوع في قفصها أيضًا هو السبب.

لاختبار هذا الاحتمال، كرر الباحثون تجربتهم (تعرض فأر واحد بشكل متكرر للرفيق نفسه الفاقد للوعي) على مدار 5 أيام. اتضح أن الفئران أصبحت في الواقع أكثر اهتماما بإنقاذ رفاقها الفاقدين للوعي خلال تلك الفترة، مما يُشير إلى أن عمليات الإنعاش ليست مجرد أثر جانبي للفضول.

يقول تشانغ “لو كان الفضول هو الدافع، لتوقعنا أن ينخفض ​​مستوى الفضول تدريجيا، لأن حالة الرفيق الفاقد الوعي لم تعد جديدة على الفأر بعد التعرض الأول. ومع ذلك، لاحظنا العكس”.

ويضيف “بناء على نتائج تجربة التعرض المتكرر، أمضى الفأر وقتًا أطول في التفاعل مع الشريك الفاقد الوعي في اليوم الخامس. هذا الدليل يدحض احتمال أن تكون تصرفات الفأر موضوع الدراسة مدفوعة بالبحث عن الجديد فحسب”.

ويعتقد تشانغ أن هذه السلوكيات فطرية وليست مكتسبة، ويعود ذلك إلى أن فئران التجارب كانت بالغة شابة رُبّيت في المختبرات من دون أي تدريب أو خبرة سابقة، أي دون أي اتصال سابق برفيق فاقد للوعي”.

ويوضح أن “إظهار كل من الفئران الذكور والإناث سلوكيات تجاه فرد مألوف فاقد للوعي من النوع نفسه يشير إلى أن هذه السلوكيات غريزية وليست مكتسبة بعد الولادة”.

ويشير تكرار حدوث مثل هذه الأفعال التي تُوازي الجوانب الأساسية لجهود الاستجابة للطوارئ البشرية إلى أنها متجذرة بعمق في الحمض النووي للثدييات.

وثِّقت دراسات سابقة مثل هذه السلوكيات لدى الثدييات ذات الأدمغة الأكبر التي تحاول الاعتناء بأقرانها المنكوبين ومساعدة أفراد عاجزين من نوعها، مثل الشمبانزي الذي يلمس ويلعق أقرانه الجرحى، والدلافين التي تحاول دفع رفيقها المنكوب إلى السطح ليتمكن من التنفس، والفيلة التي تقدم المساعدة لرفاقها المرضى.

ومن المعروف أن الفئران تساعد غيرها من أقرانها عند وقوعها في الفخ، ولكن لم تُدرّس سلوكيات “الإسعافات الأولية” لدى الثدييات الأصغر من كثب من قبل.

لذلك، تشير نتائج هذه الدراسة إلى أن “سلوكيات الرعاية في مملكة الحيوان تلعب دورًا في تعزيز تماسك المجموعة، وقد تكون أكثر شيوعًا بين الحيوانات الاجتماعية مما كنا نعتقد نظرًا لفوائدها المحتملة”.

هرمون المساعدة والرعاية

أخيرًا، درس الباحثون باستخدام تقنيات تصوير متقدمة أدمغة الفئران، ووجدوا أن الخلايا العصبية التي تفرز الأوكسيتوسين تنشط في النواة المجاورة للبطين تحت المهاد، وهي منطقة تُساعد على توجيه السلوك الاجتماعي لدى الفئران المساعدة أثناء تفاعلها مع رفاقها الفاقدي الوعي في القفص.

يشكل هرمون الأوكسيتوسين أساس المساعدة والترابط وسلوكيات الرعاية الاجتماعية الأخرى لدى مجموعة من الأنواع، ونظرًا لانتشاره ودوره في إنتاج هذا السلوك الفطري الشبيه بالإسعافات الأولية، يبدو أنه يلعب دورًا في تنشيط سلوكيات الإفاقة لدى الفئران أثناء تفاعلها مع رفاقها الفاقدي الوعي في القفص.

ولاحظ باحثون آخرون سلوكيات مماثلة لدى فئران التجارب في دراسة مصاحبة أجراها فريق آخر من الباحثين من جامعة كاليفورنيا في فبراير/شباط الماضي، ووصفها أيضًا فريق بحثي ثالث في يناير/كانون الثاني الماضي.

ووجد الباحثون أنه عند عرض الفئران على أقران غير مستجيبين تنشط اللوزة الدماغية الوسطى، وكان هذا مختلفًا عن المنطقة الدماغية التي لاحظها تشانغ وزملاؤه، وهي تنشط عندما يتفاعل الفأر مع رفيق متوتر، مما يشير إلى اختلاف سلوكيات “الإسعافات الأولية”.

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من نحن

“نحن في موقع نيوز عربي نولي اهتمامًا كبيرًا بتجربة المستخدم، حيث يتم تحسين المحتوى والعروض الترويجية بناءً على تحليلات دقيقة لاحتياجات الزوار، مما يسهم في تقديم تجربة تصفح سلسة ومخصصة.”

البريد الالكتروني: [email protected]

رقم الهاتف: +5-784-8894-678