• Home  
  • ما سر هذا الدعم الشرس من مودي وأمثاله لنتنياهو؟
- أخر الأخبار

ما سر هذا الدعم الشرس من مودي وأمثاله لنتنياهو؟

أظهرت حرب الإبادة الإسرائيلية على شعب فلسطين للعالم أن الكيان الصهيوني بات مركز الفاشية والاحتياطي الإستراتيجي للإمبريالية الغربية المتواصلة منذ خمسة قرون. كما أظهرت ارتباط المشروع الصهيوني الوثيق بأقبح ما في التجربة الغربية من استعمار وعنف وعنصرية وفاشية وتوحش رأسمالي، وصناعة القمع وأدوات الإخضاع والإبادة. وتجلى تحالفها الراهن مع مركز الرجعية والأوتوقراطية والأوليغارشية في الغرب […]

ما سر هذا الدعم الشرس من مودي وأمثاله لنتنياهو؟

أظهرت حرب الإبادة الإسرائيلية على شعب فلسطين للعالم أن الكيان الصهيوني بات مركز الفاشية والاحتياطي الإستراتيجي للإمبريالية الغربية المتواصلة منذ خمسة قرون. كما أظهرت ارتباط المشروع الصهيوني الوثيق بأقبح ما في التجربة الغربية من استعمار وعنف وعنصرية وفاشية وتوحش رأسمالي، وصناعة القمع وأدوات الإخضاع والإبادة.

وتجلى تحالفها الراهن مع مركز الرجعية والأوتوقراطية والأوليغارشية في الغرب ضد الديمقراطية والحريات والعدالة الاجتماعية، وتمكين الشعوب. ومن هنا، سيستمر هذا الصراع حتى تنهار جبهة الظلام والفاشية والقهر والاستغلال، وينهار معها المشروع الصهيوني الاستيطاني الإمبريالي الإحلالي.

فكيف تقود الصهيونية موجة الرجعية العالمية حاليا؟

مؤخرا، كتب أنخيل ليوناردو بينيا، وهو ناقد سينمائي وكاتب سيناريو من جمهورية الدومينيكان، أن الصهيونية لم تعد مختبئة بالظل، كما كانت تفعل سابقا، داعمة رجعيي العالم بالتدريب والدعم. لقد أصبحت الآن في قلب الحدث كطليعة اليمين (الفاشي) العالمي، وجميع الرجعيين يتبعونها.

في 9 يونيو/حزيران، زار إسرائيل الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، المعروف بهوسه باستنساخ الكلاب، وحمله المنشار الآلي. وبكى عند حائط البراق، وعانق نتنياهو وهرتسوغ، ووصف الأول بالأخ، وألقى كلمة بالكنيست، معربا عن دعمه المستمر لإسرائيل، مستدعيا كليشيهات توراتية، ومنخرطا في هواية أخرى مفضلة: توبيخ اليسار.

عند عودته إلى الأرجنتين، أعلن أن حكومته ستنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وهي خطوة روج لها ترامب بشكل شائن خلال إدارته الأولى. ويضاف إلى هذا العرض العاطفي البذيء، التزام راسخ بالتعاون في مجالات الأمن والاستخبارات، والتكنولوجيا العسكرية الذي وعد به ميلي بالسنوات الماضية.

لاحقا، منعت حكومة ميلي عائلة فلسطينية من الدخول، رغم أن جميع وثائقهم القانونية سليمة. ميلي هو أكثر القادة تمثيلا لتيار عالمي من اليمين المتطرف يرون إسرائيل تجسيدا لخيالاتهم السياسية الجامحة، ليس باعتبارها فقط كيانا منفلتا بلا مساءلة، بل نموذجا عالميا يحتذى.

أما جورجيا ميلوني، وخِيرت فيلدرز، وجايير بولسونارو، ونجيب بوكيله، ودونالد ترامب، وفيكتور أوربان، وناريندرا مودي، وشخصيات أخرى عديدة في اليمين العالمي، فقد أشادوا بإسرائيل. والأسباب ليست مفاجئة، فبينما تواصل إسرائيل ارتكاب الإبادة الجماعية، يتعزز نفوذها بين اليمين المتطرف.

الإبادة أداة الفاشية والإمبريالية الديمقراطية

يقينا، لعبت الصهيونية دورا هاما وأساسيا، في استمرار هيمنة قوى الرجعية عالميا، بداية بتقديمها الدعم الأمني ​​والعسكري والتقني لحكومات الجنوب العالمي الرجعية، وحاليا كداعم لتحولات أحزاب اليمين المتطرف حول العالم.

منذ نشأتها، اقتطعت الصهيونية رداءها من نسيج طلائع الرجعية الإمبريالية، استعمارا أو فصلا عنصريا أو فاشية، من نموذج هرتزل الاستعماري، وعشق جابوتنسكي للفاشية، وسياسة التطهير العرقي لبن غوريون.

لكن في الماضي، فعلت الصهيونية هذا بالضبط، فاتبعت الاتجاهات الرجعية واستعارت منها لبناء هياكلها الأيديولوجية الخاصة. ما نراه الآن هو أن الصهيونية لم تعد تتبع النماذج الرجعية السابقة، بل تشكل الصيغ الجديدة لليمين العنصري، لتغدو طليعة الرجعية.

يقول بينيا، ليست الإبادة الجماعية أداة الفاشية فحسب، بل أداة الإمبريالية الليبرالية أيضا: ديمقراطيات مثل إنجلترا، وبلجيكا، وفرنسا بالماضي. استعارت الصهيونية من جميع نماذج الرجعية السابقة، ورغم ادعاء البعض أن أحوال الفلسطينيين التي أقامتها الصهيونية انحراف جذري أو “خروج عن المألوف”، فإنها علامة على نماذج فاشية متأخرة أصبحت كارثية، لكن بذرة الإبادة الجماعية الجارية متجذرة دائما بعمق في الصهيونية ذاتها.

استلهام الفاشية والرجعية

بدأت الصهيونية كمشروع سياسي استعماري، روج له هرتزل وأمثاله، ونال دعم الدول الاستعمارية الأخرى لتحقيقه. من نواحٍ عديدة، كانت الصهيونية إعادة إنتاج لمشروعات الاستعمار، بل امتدادا لها بنظر أوروبا.

عندما بدأت الصهيونية تشكل إطارها الأيديولوجي، استعارت كثيرا من الفاشية الإيطالية والألمانية. تكفي قراءة كتابات زئيف جابوتنسكي خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي لفهم مدى تداخل النموذج الأوروبي الفاشي الاستعماري، والنموذج الصهيوني الناشئ كإسقاط استعماري، وارتياب جابوتنسكي من الديمقراطية، وشغفه بالعسكرة، وازدرائه “الآخر”.

فالصهيونية ليست منعزلة في فقاعة؛ بل وجدت، ولا تزال، بؤرة استيطانية للإمبريالية البريطانية والأميركية بالمنطقة. لكن الصحيح أيضا أن الصهيونية، كنموذج أيديولوجي، هي الآن أبرز بؤر الاستيطان الاستعماري والتقليد الإمبريالي، وأن منطقها الداخلي يسعى لتكرار نماذج رجعية أخرى حول العالم.

يعتقد بينيا أن هذا المشروع سيستمر ليس فقط مستلهما الدوائر الفاشية والرجعية، بل مؤازرا طلائع الحركات والمشروعات السياسية الرجعية بكل مكان.

قدمت الصهيونية تدريبا تقنيا وعسكريا لكثير من الطغم العسكرية والدكتاتوريات بأميركا اللاتينية في باراغواي، ستروسنر، وتشيلي، بينوشيه، وأرجنتين فيديلا.

في باراغواي، حيث عرف ستروسنر بميوله النازية، توصل الموساد لاتفاق مع الدكتاتورية الفاشية لإعادة توطين 60 ألف فلسطيني في باراغواي، استمرارا لحملة تطهير عرقي تعهدتها الصهيونية منذ 1947.

دعم الرجعية رغم عدائها للسامية

في هذه الأماكن، ضمت عناصر المعارضة علماء ومثقفين يهودا؛ ولم تكترث الصهيونية لاختفائهم وتعذيبهم، كما موقفها بالماضي. بينما كان اليهود الروس يُقتلون بالآلاف بمذابح أوائل القرن العشرين، كان أعضاء المنظمة الصهيونية العالمية يتوددون إلى المسؤولين القيصريين لدعم المشروع الصهيوني، معززين عداءهم للسامية.

كما وفرت الصهيونية المعرفة العلمية لجنوب أفريقيا إبان نظام الفصل العنصري لتطوير الأسلحة النووية، بينما زودتها الأخيرة باليورانيوم الذي تحتاجه لمواصلة سباقها نحو الكارثة، وهو زواج مبني على القمع والفصل العنصري.

إذًا، وجدت الصهيونية كداعم للحركة الرجعية الدولية، رغم معاداة الأخيرة الشرسة للسامية؛ فقد رأت فيها حليفا محتملا ضد قوى الديمقراطية واليسار التي طالبت بإنهاء الاحتلال. لم يكن هناك تناقض، بالنسبة للصهيونية، بين معاداة السامية والأهداف الصهيونية.

الصهيونية كهيكل ليست كتلة مركزية واحدة. إنها تتنقل من العلمانية إلى الليبرالية إلى الفاشية الدينية، لكن جميعها مبنية على أساس واحد يجمع المتغيرات المختلفة: بناء دولة عِرقية دينية.

تكمن عناصر الصهيونية الجذابة لدى أحزاب اليمين الفاشي المعاصرة في نفس الأفكار التي جذبتهم لنماذج الفاشية السابقة، لكن يعاد إحياؤها الآن تحت ستار وقابلية تطبيق لنموذج سياسي يبدو مستداما مستساغا بالغرب.

لسنوات مديدة، عززت الصهيونية تحالفاتها مع الدول الفاشية، بل ومع حركات أيديولوجية رجعية عالمية، متحالفة مع الإيفانجيليين والقوميين المسيحيين بأنحاء العالم، ومروجة لكراهية الإسلام كمشروع دولة مستدام.

دولة عرقية قومية إقصائية

فبحسب بينيا، لا يمكن واقعيا لحركات الفاشية الجديدة، أو ما بعد الفاشية استعادة هويتها الفاشية الأوروبية الصريحة. لكن بالتدريب الإعلامي وحملات العلاقات العامة، تعلموا أن استنساخ الفاشية القديمة حرفيا يعني هزيمة بصناديق الاقتراع، لكنهم يرون في الصهيونية بديلا ونموذجا في الكلام واللغة مع الاحتفاظ بمبادئ السياسة الرجعية المركزية في خطابهم.

لقد رأى العديد من الأحزاب الأوروبية الرجعية، مثل الجبهة الوطنية بفرنسا، أو حزب فوكس بإسبانيا، قانون الدولة القومية (2018) بإسرائيل، واعتبروه نموذجا لإعادة إنتاجه لديهم. روجت بعض هذه الأحزاب بالماضي لمؤامرات معادية للسامية وإنكار الهولوكوست، لكنها اليوم ترى إسرائيل أعظم حلفائها.

لم تعد الصهيونية لديهم مشروعا “يهوديا”، بل مشروعا قوميا عرقيا، متدثرا بخطاب الدفاع عن الحضارة الغربية ضد جحافل الإسلام البربرية الغازية، في حين يلعبون على مخاوفهم المعادية للسامية، ويتمنون مغادرة مواطنيهم اليهود لإسرائيل.

بالنسبة لهم، لا تناقض. يستدعون إسرائيل رمزا للممانعة الأوروبية ضد هجرة المسلمين وما يعتبرونه تهديد الأسلمة. هنا، غالبا ما ينظر لإسرائيل ليس فقط كدولة يهودية، بل كـ”قلعة” تصطف مع خطابهم الحافل بالإسلاموفوبيا والعداء للمهاجرين.

وجد بينيا أن أولئك الذين يخفون فاشيتهم وكراهيتهم للإسلام تحت ستار القومية يشيدون بإسرائيل نموذجا يحتذى.

في الهند، انخرطت حكومة مودي في هدم آلاف المنازل بأحياء المسلمين، معتبرة ممارسة إسرائيل ذلك عقودا بالضفة الغربية ليس مجرد إطار عمل، بل دليلا على عجز المجتمع الدولي (أو بكل أمانة، عدم رغبته) في وقف هذه الانتهاكات.

منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أبدت الأحزاب اليمينية دعمها لإسرائيل، لدرجة ادعاء أن “إسرائيل هي الغرب في بيئة ترفضه وتحاربه. وعندما نقف بجانب إسرائيل، فإننا ندافع عن طريقة حياتنا”، كما صرح ألكسندر غولاند، الرئيس الفخري لحزب البديل لأجل ألمانيا.

في 8 فبراير/شباط 2025، انعقد حدث بأحد فنادق مدريد الفاخرة، حضره بعض أكبر الأسماء في اليمين الأوروبي. كان سانتياغو أباسكال، وماتيو سالفيني، وفيكتور أوربان، وماري لوبان، جميعهم يهتف بأعلى صوت ضد التسلل الإسلامي لأوروبا. ورُحب بالليكود، بالطبع، كمراقب دولي في هذا التجمع الرجعي.

في مقابلة مع برنامج “الديمقراطية الآن!”، أوضح آدم شاتز هذا الانجذاب اليميني لإسرائيل وللنموذج السياسي الصهيوني.

“أعتقد أن علينا إبراز وجود انجذاب عميق من جانب قادة وحركات اليمين المتطرف لإسرائيل كدولة، لأنها دولة عرقية قومية قائمة على الإقصاء العنصري، وسياسات القمع، والاقتلاع، والفصل العنصري. ولهذا، تتمتع إسرائيل بجاذبية قوية لدى منظمات اليمين وقياداته! وبالنسبة لقادة يعشقون الترحيل وبناء الجدران، تعتبر إسرائيل نموذجا يحتذى”.

وبذلك تتم عولمة النكبة ممارسة ومفهوما، مثل ستاربكس، وأمازون، وكارفور.

نتنياهو وليس ترامب؟!

الصهيونية كيان طفيلي بالنسبة للقوى الرجعية الأكثر رسوخا حول العالم. من الاستعمار إلى الفاشية، تتغذى الصهيونية على دمائهم ودعمهم، وتعلمت من إنجازاتهم بالإبادة الجماعية وأخطائهم.

كانت سعيدة كأداة للإمبريالية العالمية، ووسيطا تقنيا لتسليح وتدريب رؤوس حربة القوى الاستعمارية والرجعية بأميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، وهي الوغد الذي تستدعيه القوى العظمى عندما لا ترغب بتلطيخ يديها.

الآن نمت وتتغذى على دمائها طفيلياتها الخاصة بها. إنها تبني علاقات جديدة مع موجة اليمين العالمي الراهنة، وأصبحت الآن راعيا لشرعية هذه الأحزاب الرجعية.

يلفت بينيا إلى أنه حتى الترامبية تشهد انقساما حاليا، من تيار “أميركا أولا” مثل تاكر كارلسون إلى الصهاينة مثل بن شابيرو وتيد كروز.

عندما يواصل أوربان وسالفيني وكريستيان الضغط لأجل نماذجهم العرقية، لم يعد ترامب مرجعا يشيرون إليه، بل نتنياهو، لدرجة أنه عندما دُعي يوروم هازوني (رئيس معهد هرتزل وزعيم التيار القومي المحافظ) إلى المجر العام الماضي (2024)، اعترف أوربان علنا بإعجابه بالنموذج الإسرائيلي للقومية العرقية والتجانس الثقافي.

لقد حافظت الصهيونية على بقائها بفضل الشرعية التي وفرتها القوى الغربية. فبينما لم تعد الفاشية والاستعمار رائجتين في قاموس السلطة، أثبتت الصهيونية أنها نموذج جدير باستبقاء إرث الرجعية.

الصهيونية وحدها هي الباقية حقا، ومع سنوات من الدعاية والأساطير والدعم المالي، لا تزال تصورها وسائل الإعلام الغربية وحلفاؤها الإمبرياليون بناء سياسيا شرعيا.

يلاحظ بينيا وغيره أن الصهيونية لم تعد تختبئ بالظل، لتؤمن لفاشيي العالم التدريب والدعم، بل تجد نفسها طليعة الطموحات الاستعمارية والإمبريالية. الهجوم الأخير على إيران (الذي سمي مبالغة حرب الـ12 يوما) وقصف دمشق الأخير يثبتان ذلك.

في الماضي، كانت الصهيونية تنتظر وتسعى جاهدة لتهيئة الظروف اللازمة لاستمرارها؛ أما اليوم، فأصبحت محور الاهتمام بطبيعتها الصارخة والعدائية والتدميرية.

بفضل سنوات من التعلم والاستيعاب والمحاكاة، احتلت الصهيونية الآن مكانتها اللائقة كطليعة اليمين الإمبريالي، وعلى جميع الرجعيين والفاشيين الحذو حذوها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة نيوز عربي.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من نحن

“نحن في موقع نيوز عربي نولي اهتمامًا كبيرًا بتجربة المستخدم، حيث يتم تحسين المحتوى والعروض الترويجية بناءً على تحليلات دقيقة لاحتياجات الزوار، مما يسهم في تقديم تجربة تصفح سلسة ومخصصة.”

البريد الالكتروني: [email protected]

رقم الهاتف: +5-784-8894-678