تعرف الأعاصير المدارية بكونها أنظمة عاصفة قوية، تتميز بانخفاض الضغط الجوي، وهبوب رياح عاتية، وأمطار غزيرة. وهي تتشكل فوق مياه المحيطات الدافئة، وخاصة في المناطق الاستوائية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsend of list
وبمجرد أن تتجاوز سرعة الرياح 63 كيلومترا في الساعة، تُعتبر عاصفة استوائية، ويتشكل ما بين 80 و90 إعصارا استوائيا سنويا حول العالم.
وتتحول العاصفة الاستوائية إلى إعصار عندما ترتفع فيها سرعة الرياح فوق 118 كيلومترا في الساعة. وتحافظ العاصفة التي تتحول إلى إعصار على الاسم الذي تعرف به.
وتسمى الأعاصير المدارية، نسبة إلى موقعها، وتعرف أيضا بالتيفونات، ويُستخدم المصطلح الأول تحديدا في الولايات المتحدة الأميركية، إذ يشمل الأعاصير التي تنشأ في المحيط الأطلسي أو شمال شرق المحيط الهادي.
مقياس شدة الأعاصير
يعد مقياس “سافير سيمبسون” للرياح أكثر أساليب تقييم مخاطر الأعاصير شيوعا. وطُوّر هذا المقياس عام 1971 على يد المهندس المدني الأميركي هربرت سافير ومواطنه خبير الأرصاد الجوية روبرت سيمبسون، وطُرح للاستخدام عام 1973.
يُصنّف هذا المقياس الأعاصير إلى 5 فئات، بناء على سرعة رياحها المستمرة. ولتصنيف العاصفة كإعصار، يجب أن تبلغ سرعة رياحها القصوى المستمرة 119 كيلومترا في الساعة في المتوسط لمدة دقيقة واحدة، وهي الفئة الأولى.
ويُمنح أعلى تصنيف حاليا للعواصف التي تهب رياحها بسرعة 252 كيلومترا في الساعة على الأقل، وتصنف من الفئة الخامسة.
ويُقدّر هذا المقياس أيضا مدى الضرر المحتمل على الممتلكات والبنية التحتية وسبل العيش، حيث يُتوقع أن تُسبب الأعاصير من الفئات 3 إلى 5، والمعروفة أيضا بالأعاصير الكبرى، أضرارا وخسائر تتراوح بين “مدمرة” و”كارثية” بسبب قوة رياحها. وتُعرف الأعاصير المدارية التي تتشكل في شمال غرب المحيط الهادي باسم “التايفون”.
وتختلف سرعة الرياح الدنيا اللازمة لتصنيف الإعصار كإعصار، باختلاف المنطقة. وتُصنفه فيتنام واليابان على هذا النحو عندما تصل سرعة الرياح إلى 98.2 كيلومترا في الساعة. أما في جنوب الصين وهونغ كونغ وتايوان، فيجب أن تكون السرعة الدنيا 118 كيلومترا في الساعة.
كما تُصنف الأعاصير أيضا حسب ازدياد سرعتها، فعلى سبيل المثال، تُطلق عليها هونغ كونغ اسم “تايفون” عندما لا تتجاوز سرعة الرياح 149 كيلومترا في الساعة، ثم تُصبح “أعاصير شديدة” (TS). أما عندما تبلغ سرعتها 185 كيلومترا في الساعة أو أكثر، فتُسمى “أعاصير فائقة” (SuperT).

كيف تتشكل الأعاصير المدارية؟
لتتشكل الأعاصير المدارية، تحتاج إلى درجة حرارة سطح بحر لا تقل عن 26 درجة مئوية، وتوفر هذه الدرجة الحرارة والرطوبة اللازمتين لتأجيج العاصفة، على عكس المياه الباردة التي قد تُضعفها أو تُبددها.
وتتشكل الأعاصير، أو التيفونات، عندما تُسخّن مياه المحيطات الدافئة الهواء فوقها، مما يُؤدي إلى ارتفاع الهواء الدافئ الرطب. ومع صعود هذا الهواء، يبرد ويتكثف، مُشكّلا السحب وكذلك منطقة ضغط منخفض تحته.
ويسمح هذا الضغط المنخفض بتدفق المزيد من الهواء من المناطق المحيطة. ومع استمرار تطور النظام، يُمكن أن يُؤدي ذلك إلى تكوّن عواصف رعدية. وإذا لم تكن هناك رياح قوية تُعيق العملية، يُمكن أن تشتد العاصفة وتتطور إلى إعصار، أو تيفون، حسب موقعها.
وغالبا ما تساهم مياه المحيط الدافئة وعدم الاستقرار الجوي وظروف الرياح المواتية في تأجيج الإعصار وجعله أكثر قوة. وعند النظر إليها من الفضاء، تتميز الأعاصير المدارية بأشرطة سحابية حلزونية و”عين”، وهي مركز الإعصار. وفي بعض الحالات، يكون هيكل العين مرئيا أيضا.
والعين عبارة عن منطقة هادئة، صافية عموما، ذات هواء منخفض ورياح خفيفة لا تتجاوز سرعتها 24 كيلومترا في الساعة، ويتراوح عرضها عادة بين 32 و64 كيلومترا. ويبلغ قطر الإعصار المداري عادة ما بين 200 إلى 500 كيلومتر، ولكنه قد يصل أحيانا إلى ألف كيلومتر.

الأعاصير وتغير المناخ
على الرغم من شيوع الأعاصير المدارية كظاهرة مناخية، فقد شهدت العقود الأخيرة زيادة ملحوظة في شدتها، وهو ما تربطه الملاحظات العلمية بتغير المناخ الناتج عن الأنشطة البشرية. وتُعزى هذه الاتجاهات غير الطبيعية بشكل رئيسي إلى ارتفاع درجات حرارة المحيطات جراء الاحتباس الحراري.
وشهدت بحار العالم ومحيطاته ارتفاعا استثنائيا في درجات الحرارة لأكثر من عام، وبلغ متوسط درجة حرارة سطح البحر في يوليو/تموز 2025 نحو 20.88 درجة مئوية، وهو ثاني أعلى مستوى مسجل، ويقل بمقدار 0.01 درجة مئوية فقط عن المستوى القياسي المسجل في يوليو/تموز 2023.
وفي حين أن عدد الأعاصير لا يتزايد بالضرورة، فإن الأعاصير التي تتشكل تزداد تدميرا، مسببة أمطارا غزيرة وعواصف عاتية. كما ازداد احتمال وصول العواصف إلى مستوى الأعاصير الكبرى (الفئة الثالثة أو أعلى) بشكل ملحوظ خلال العقود الماضية.
ويقول بن كلارك، الباحث في معهد غرانثام لتغير المناخ والبيئة التابع لكلية لندن الإمبراطورية: “إن الاحترار العالمي الناجم عن الوقود الأحفوري يُبشر بعصر جديد من الأعاصير الأشد فتكًا”.
وفي دراسة نشرت الشهر الماضي في موقع “إسناد الطقس العالمي” حول إعصار غايمي، الذي ضرب الفلبين وتايوان وشرق الصين في يوليو/تموز، وجد الباحثون أن الإعصار، الذي أودى بحياة أكثر من 100 شخص، قد اشتد بسبب الاحترار العالمي الناجم عن الوقود الأحفوري.
وبلغت سرعة الرياح المستمرة في إعصار غايمي ذروتها عند 233 كيلومترا في الساعة، وهو ما يعادل إعصارا من الفئة 4. ووفقا للتحليل، كانت الرياح أكثر شدة بنحو 14 كيلومترا في الساعة، أي بنسبة 7%، بسبب تغير المناخ الناجم عن أنشطة الإنسان.
كما يكشف تحليل آخر أن تغير المناخ أثر على أنماط هطول الأمطار وشدتها خلال موسم أعاصير شمال الأطلسي لعام 2020. ووجد الباحثون أن تغير المناخ الناجم عن أنشطة الإنسان زاد من معدلات هطول الأمطار الغزيرة كل 3 ساعات بنسبة 10%، وكميات الأمطار المتراكمة الغزيرة كل 3 أيام بنسبة 5%.