• Home  
  • لمعالجة الجفاف في بريطانيا.. الحكومة تطلب من الناس حذف رسائلهم الإلكترونية
- تكنولوجيا

لمعالجة الجفاف في بريطانيا.. الحكومة تطلب من الناس حذف رسائلهم الإلكترونية

Published On 13/9/20 اجتمعت المجموعة الوطنية للجفاف في المملكة المتحدة منتصف الشهر الماضي، وأعلنت أن نقص المياه الحالي في إنجلترا أصبح حالة وطنية طارئة، وصرحت هيلين ويكهام، مديرة المياه في وكالة البيئة ورئيسة مجموعة التنمية الوطنية للصحافة البريطانية قائلة “إن الوضع الحالي له أهمية وطنية، ونحن ندعو الجميع إلى القيام بدورهم والمساعدة في تقليل الضغط […]

اجتمعت المجموعة الوطنية للجفاف في المملكة المتحدة منتصف الشهر الماضي، وأعلنت أن نقص المياه الحالي في إنجلترا أصبح حالة وطنية طارئة، وصرحت هيلين ويكهام، مديرة المياه في وكالة البيئة ورئيسة مجموعة التنمية الوطنية للصحافة البريطانية قائلة “إن الوضع الحالي له أهمية وطنية، ونحن ندعو الجميع إلى القيام بدورهم والمساعدة في تقليل الضغط على بيئتنا المائية”.

ولمحّت ويكهام إلى أن دور المواطن هو مفتاح حل مشكلة الجفاف، ولكن ما لم يكن في الحسبان هو طريقة ترشيد استهلاك المياه حيث قالت “إن الخيارات اليومية البسيطة مثل إغلاق صنبور الماء أو حذف الرسائل الإلكترونية القديمة تساعد بشكل جماعي في تقليل الطلب على المياه والحفاظ على صحة أنهارنا وحياتنا البرية”.

وذكر الموقع الرسمي لحكومة المملكة المتحدة العديد من التوصيات لترشيد استهلاك المياه، وكانت هناك توصية غير مسبوقة لاقت رواجا واسعا وهي حذف رسائل البريد الإلكتروني والصور القديمة، بحجة أن مراكز البيانات تحتاج إلى كميات هائلة من المياه لتبريد أنظمتها. وقد أثار هذا التصريح موجة تساؤلات وانتقادات واسعة في المملكة المتحدة والعالم، فهل يُعد هذا التصريح منطقيا أم سخيفا كما وصفه البعض؟

بحسب تقديرات بارنيت فإن تخزين 5 غيغابايت من البيانات يحتاج إلى 79 ميلي لتر فقط من المياه لتبريد مراكز البيانات (الفرنسية)

كيف يساعد حذف البريد الإلكتروني في توفير المياه؟

وفقا لصحيفة “ميترو” البريطانية فإن الشخص العادي يتلقى حوالي 121 رسالة بريد إلكتروني يوميا، ومعظم هذه الرسائل لا تُقرأ ويتراكم عليها الغبار وتبقى مخزنة في السحابة الإلكترونية، وخدمات التخزين هذه تعمل بواسطة مراكز بيانات ضخمة مليئة بالأقراص الصلبة، التي بدورها تستهلك كميات كبيرة من الطاقة.

وتبريد هذه المراكز يحتاج إلى كميات هائلة من المياه، فبعض المراكز الكبيرة قد تستهلك حتى 22 مليون لتر من الماء يوميا، أي ما يعادل استهلاك منطقة يبلغ عدد سكانها 10 آلاف شخص، ومع تفاقم تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة في إنجلترا وجفاف المياه، لم يعد المسؤولون متأكدين من مصدر كل هذه المياه.

ولمساعدة شركات المياه على التعامل مع أزمة الجفاف، حظرت بعض الشركات مثل “يوركشاير ووتر” (Yorkshire Water) و”ثيمز ووتر” (Thames Water) وغيرها استخدام الخراطيم لتقليل استهلاك العملاء.

وتعقيبا على الأمر، قالت الدكتورة جيس نيومان، أستاذة مشاركة في علم الهيدرولوجيا بجامعة ريدينغ: “إن نجاح حظر الخراطيم يعتمد على التزام الناس، فإن التزامهم يمكن أن يقلل الاستهلاك بنسبة 3-8%، وهذه الإجراءات تزيد الوعي بأهمية ترشيد استخدام المياه، فالأفعال الصغيرة يمكن أن توفر كميات كبيرة من المياه”.

ومن هذا المبدأ ترى الحكومة البريطانية أن الإجراءات البسيطة مثل حذف البريد الإلكتروني والصور القديمة يمكن أن يقلل ما تُخزنه مراكز البيانات، وبدوره يقلل من الحرارة الناتجة عنها ويقلل الحاجة لاستهلاك المياه في التبريد.

ماذا يقول الخبراء

صرح غاري بارنيت المحلل مخضرم في مراكز البيانات وكبير المحللين التقنيين في شركة الاستشارات “غلوبال داتا” (GlobalData) لصحيفة “ذا تايم” البريطانية بأن اقتراح وكالة البيئة يشتت الانتباه عن الإجراءات الفعّالة لمواجهة الجفاف، وقال إنه من الغبي جدا القول إن حذف الرسائل الإلكترونية قد يساعد في حل أزمة الجفاف، وإن الناس سيتوجب عليهم حذف عشرات الآلاف من الرسائل الإلكترونية فقط لمعادلة ثانية واحدة إضافية في الاستحمام، حسب وصفه.

وبحسب تقديرات بارنيت فإن تخزين 5 غيغابايت من البيانات -أي ما يعادل عشرات آلاف الرسائل الإلكترونية- يحتاج إلى 79 مليلترا فقط من المياه لتبريد مراكز البيانات، وذكر أن الاستحمام لمدة ثانية واحدة يستهلك ما بين 10 و15 لترا من الماء، فإذا أنهيت استحمامك قبل ثانية واحدة فقط، فإنك توفّر ما يكفي من الماء لتبريد 5 غيغابايت من البيانات.

وذكر بارنيت أنه منزعج لأن الحكومة وضعت قائمة بالطرق المعقولة التي ترشد الناس لتوفير المياه، مثل تجنب ري الحدائق وإصلاح المراحيض التالفة وإغلاق الصنبور أثناء تنظيف الأسنان، لكنها أضافت هذه الحماقة في النهاية، وأضاف “المشكلة هي عندما يقولون شيئا سخيفا كهذا، فإنه يشتت الانتباه عن الرسالة الأساسية”.

ومع تزايد عدد سكان بريطانيا، قدّرت وكالة البيئة أن البلاد قد تواجه نقصا يبلغ 5 مليارات لتر من المياه يوميا بحلول عام 2055، ولتجنب هذا النقص، أوصت الوكالة الناس بتقليل استهلاكهم اليومي للمياه بمقدار 15 لترا ليصل إلى 110 لترات يوميا، وقدّرت الحكومة أن حذف ألف رسالة بريد إلكتروني مع المرفقات سيوفر 0.2 لتر من الماء يوميا.

وتستهلك مراكز البيانات في بريطانيا ما يقارب 10 مليارات لتر من المياه سنويا على الأقل، لكن بارنيت جادل بأن تخزين الرسائل الإلكترونية من بين أقل الأنشطة استنزافا للمياه، وقال: “صحيح أن مراكز البيانات الضخمة ستفرض طلبات كبيرة جدا على شبكات الطاقة وعلى إمدادات المياه، لكنني لا أعتقد أن صور عيد ميلاد الجدة هي السبب”.

ومن جهته قال كريس بريست، أستاذ الاستدامة وأنظمة الحوسبة في جامعة بريستول: “إن العديد من رسائل البريد الإلكتروني المُرسلة في بريطانيا تُخزن في مراكز بيانات في دول أخرى، مما يُستنزف المياه في أماكن أخرى، وإن حذف رسائل البريد الإلكتروني من المُرجح أن يزيد من استهلاك المياه، لأن الوصول إلى البريد الإلكتروني يستهلك طاقة أكبر من تخزينه”.

تستهلك مراكز البيانات في بريطانيا ما يقارب 10 مليارات لتر من المياه سنويا على الأقل (رويترز)

قرار الحكومة البريطانية يلقى انتقادات واسعة

لاحظ بعض الناشطين أن هذه التوصية تبدو فارغة بعض الشيء عند مقارنتها بالتزام حكومة المملكة المتحدة بتسريع النمو باستخدام الذكاء الاصطناعي، ورغم أن مراكز البيانات تستهلك كميات كبيرة من المياه من خلال التبريد، فإن الغالبية العظمى من استهلاك الطاقة هذا يأتي من عمليات حساب وحدات المعالجة المركزية ووحدات معالجة الرسومات، وليس من تخزين الصور ورسائل البريد الإلكتروني.

وامتلأت منصات التواصل -أبرزها منصة “ريديت” (Reddit)- بانتقادات لاذعة، إذ قال مستخدم يُدعى وكافينسكي “المشكلة ليست في رسائل البريد الإلكتروني لأنني ما زلت أتلقى رسائل إلكترونية منذ 20 عاما، ولكن مشكلة نقص المياه ناتجة عن تسرب مليارات اللترات من الأنابيب كل يوم، وهو أمر يزداد يوما بعد يوم”.

وقال مستخدم يدعى كوبلماو: “احذف ذكرياتك حتى لا تضطر إلى الاستثمار في الخزانات”، وقال آخر: “يستهلك مركز البيانات ما بين 11 مليونا و19 مليون لتر من المياه يوميا، وشركة “ثيمز ووتر” فقدت وحدها 570.4 مليون لتر من المياه في عام 2024، أي ما يزيد قليلا عن 30 مركز بيانات تعمل بكامل طاقتها، تُفقد يوميا بسبب التسريبات من قبل شركة مياه واحدة فقط، وهذا يسلط الضوء على المشكلة الحقيقية”.

وقال جيريمي ألبرتس مستندا إلى موقع “أنديماسلي.سابستاك” (andymasley.substack) “لتوفير 39 لترا من الماء، ستحتاج إلى حذف حوالي 81 مليونا و510 آلاف رسالة بريد إلكتروني، وهذا غير منطقي بتاتا”.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من نحن

“نحن في موقع نيوز عربي نولي اهتمامًا كبيرًا بتجربة المستخدم، حيث يتم تحسين المحتوى والعروض الترويجية بناءً على تحليلات دقيقة لاحتياجات الزوار، مما يسهم في تقديم تجربة تصفح سلسة ومخصصة.”

البريد الالكتروني: [email protected]

رقم الهاتف: +5-784-8894-678