في أواخر مارس/آذار الماضي، أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على إعدام الشاب المقدسي محمد أبو حماد من بلدة العيزرية شرقي القدس المحتلة، قبل أن تحتجز جثمانه، وتمنع عائلته من دفنه، في استمرار لسياسة احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين، والتي تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.
ووفقًا لما نشرته نيوز عربي، يعيد هذا الحادث إلى الأذهان ملفًا إنسانيًا بالغ الحساسية يتمثل في احتجاز الاحتلال لجثامين الشهداء، سواء في مقابر الأرقام أو في ثلاجات الموتى، منذ عقود طويلة، في محاولة لفرض عقوبات جماعية على عائلاتهم وحرمانهم من وداعهم الأخير.
⚖️ اتفاقيات دولية تنتهكها إسرائيل
بحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة، فإن اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 تنص بوضوح في المادة 130 على وجوب احترام جثامين المتوفين أثناء الاحتجاز، ودفنهم بشكل لائق، مع الحفاظ على قبورهم وتحديد مواقعها بدقة لتسهيل التعرف عليهم لاحقًا.
كما تنص الاتفاقية على ضرورة تقديم قوائم بأماكن دفن المتوفين بمجرد انتهاء الأعمال العدائية، وتشترط دفنهم في مقابر فردية، إلا في حال وجود ظروف قهرية تستدعي استخدام مقابر جماعية.
لكن الاحتلال الإسرائيلي تجاهل هذه المبادئ الإنسانية مرارًا، وواصل احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين، متجاوزًا بذلك كل الأعراف الدولية والمواثيق الأممية التي تضمن كرامة الإنسان بعد وفاته.
📍 سياسة قديمة وحديثة
منذ بداية الاحتلال، استخدمت إسرائيل ما يعرف بـ”مقابر الأرقام”، وهي مناطق سرية يُدفن فيها الشهداء دون الكشف عن هويتهم أو السماح لذويهم بزيارتهم أو معرفة مواقع دفنهم بدقة. ومع تطور وسائل الضغط السياسي، تحوّلت بعض الجثامين إلى ورقة مساومة، في تجاهل تام للجوانب الإنسانية.
حالة محمد أبو حماد ليست استثناءً، بل تأتي ضمن سلسلة طويلة من الانتهاكات، وتثير مجددًا دعوات مؤسسات حقوق الإنسان لمحاسبة إسرائيل، وإلزامها بالإفراج عن الجثامين، والامتثال الكامل للقانون الدولي.

في حديث خاص مع حسين شجاعية، منسق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء الفلسطينيين، تحدث عن سياسة الاحتلال الإسرائيلي في احتجاز جثامين الفلسطينيين كوسيلة لضغط ومساومة في الصفقات السياسية، وأكد أن هذه الممارسات ليست مجرد انتهاك لحقوق الإنسان، بل هي محاولة للسيطرة على الفلسطينيين حتى بعد وفاتهم.
✨ تأسيس الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء
تأسست الحملة في عام 2008 استجابةً للحاجة الماسة إلى وجود جسم مؤسسي يعمل على استرداد جثامين الشهداء الفلسطينيين المحتجزة. ومنذ انطلاقها، كانت الحملة تسعى لتوثيق جثامين الشهداء والعمل القانوني لاستردادها، بالتعاون مع مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان.
⚖️ الاحتلال وانتهاك الحقوق الإنسانية
شجاعية أوضح أن احتجاز الجثامين يمثل انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية مثل اتفاقيات جنيف، حيث يضمن القانون الدولي لجميع الأفراد حقًا إنسانيًا في دفن موتاهم وفقًا للطقوس الدينية والعادات المتبعة، وهو ما تنتهكه سلطات الاحتلال بشكل ممنهج.
وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلي يتبع سياسة احتجاز جثامين الشهداء في مقابر الأرقام أو ثلاجات الموتى، وهو ما يحرّم عائلات الشهداء من حقها في الدفن والعزاء.
🏛️ قرارات الاحتلال حول احتجاز الجثامين
يتخذ قائد المنطقة الإسرائيلي قرار احتجاز جثامين الشهداء، وفقًا لقرارات الكابينت الإسرائيلي، وكذلك قانون الطوارئ البريطاني. وتُحتجز الجثامين في أماكن مثل معهد أبو كبير للطب الشرعي أو مقابر الأرقام المنتشرة في مناطق مختلفة بفلسطين.
📊 عدد الجثامين المحتجزة
حتى تاريخ الحوار، الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء وثّقت 684 جثمانًا محتجزًا، من بينها 428 جثمانًا منذ عام 2015، وذلك بسبب عودة سياسة احتجاز الجثامين.
أما القدس، فقد تم توثيق احتجاز 47 جثمانًا، منهم 6 شهداء في مقابر الأرقام، و41 شهيدًا في الثلاجات الإسرائيلية.
💬 أهداف الاحتلال من احتجاز الجثامين
كما أفاد شجاعية، فإن الهدف من احتجاز الجثامين من قبل الاحتلال يتمثل في استخدامهم كأوراق ضغط في أي صفقة تبادل، ومحاولة ردع الفلسطينيين عن مقاومة الاحتلال. وأكد أن الاحتلال يسعى للتحكم في الفلسطينيين حتى بعد وفاتهم، ليظلوا خاضعين لسيطرته.
⏳ أقدم وأحدث الجثامين المحتجزة
من أقدم الجثامين المحتجزة، جاسر شتات، الذي قُتل عام 1968، وتحتجز سلطات الاحتلال جثمانه في مقابر الأرقام. أما أحدث الجثامين، فهو محمد أبو حماد من بلدة العيزرية في القدس، الذي أُعدم في مارس 2025.
📜 الجهود القانونية لاسترداد الجثامين
وإلى جانب العمل الإنساني، تسعى الحملة من خلال الإجراءات القانونية لاستعادة الجثامين المحتجزة، حيث يتم تقديم مراسلات للمطالبة بالإفراج عنها، ولكن الاحتلال يواصل تعقيد الإجراءات بشكل متزايد، ما يضعف فرص تحرير الجثامين.
🔥 تصاعد الأوضاع في 2024
منذ بداية العام 2024، شهدت الأوضاع تصعيدًا في عدد الجثامين المحتجزة، حيث تم احتجاز 192 جثمانًا حتى الآن، في حين وثقت الحملة استرجاع 516 جثمانًا خلال الحرب الأخيرة. وتشهد المقابر الجماعية الفلسطينية ازديادًا في استخدام الجثامين مجهولة الهوية بسبب عجز العائلات عن التعرف على أحبائها.