في مقالها الذي نُشر مؤخرا على موقع “ذا كونفرزيشن”، تقول تيريز أوسوليفان، وهي أستاذة مساعدة في التغذية وعلم التغذية، حاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة كوينزلاند الأسترالية، وتشارك في أبحاث لمساعدة الأمهات الجدد على الرضاعة الطبيعية: ربما يعرف الكثيرون المثل القائل إن المرأة “تأكل لشخصين” أثناء الحمل، في إشارة إلى أن الاحتياجات الغذائية تزداد خلال الحمل “لدعم نمو الجنين”. لكن ما لا يعرفه معظم الناس، أن “احتياج المرأة للسعرات الحرارية، يكون أعلى قليلا أثناء الرضاعة الطبيعية، منه أثناء الحمل”.
فحليب الأم سائل حيوي، يتغير تركيبه من الكربوهيدرات والدهون والبروتينات والفيتامينات والمعادن، طوال فترة الرضاعة، وحتى بين الرضعات؛ “بناء على ما تأكله الأم، والعوامل البيئية، واحتياجات الطفل”.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsend of list
فعلى سبيل المثال، “إذا مرض الطفل، فإن حليب الأم يتكيف ليشمل المزيد من كريات الدم البيضاء، باعتبارها خلايا مناعية تُحارب العدوى”.
وهذا يجعل تغذية الأم أثناء الرضاعة الطبيعية، “قد تسبب بعض الحيرة والارتباك، بخصوص ما ينبغي تناوله، وما يجب اجتنابه، ومدى تأثير نظام الأم الغذائي على الطفل”.
ويجعلنا نبحث عن إجابات الخبراء فيما يتعلق بأهم الأسئلة بشأن ما يجب أن تتناوله المرأة المرضعة؟ وكيف يؤثر نظامها الغذائي على التركيب الغذائي لحليب الرضاعة؟
أهمية زيادة الاحتياجات الغذائية أثناء الرضاعة الطبيعية
وفقا لبحث نُشر في عام 2023، “يمكن للأمهات المرضعات إنتاج حوالي 800 مليلتر من الحليب يوميا خلال الأشهر الستة الأولى بعد الولادة”، أي ما يعادل حوالي 3 كيلوجول لكل غرام من الطاقة.
وبعد احتساب استهلاك الدهون الزائدة المخزنة أثناء الحمل، تحتاج الأمهات في المتوسط إلى 2000 كيلوجول (حوالي 500 سعرا حراريا) إضافية لدعم إنتاج الحليب.
وهو ما يمكن الحصول عليه من “إضافة شطيرة جبن وحفنة من المكسرات وحبة موز، إلى النظام الغذائي المعتاد”، بحسب أوسوليفان.
والكيلوجول هو وحدة من 1000 جول، لقياس كمية الطاقة التي نحصل عليها من استهلاكنا للطعام والشراب، تُستخدم عادة في مجال التغذية، بالتبادل مع السعرات الحرارية؛ حيث يُعادل الجول الواحد حوالي ربع سعر حراري. ويعتمد مقدار الكيلوجول على كميات الكربوهيدرات والدهون والبروتينات الموجودة في الأطعمة.
احتياجات المُرضع لا تقل بعد تناول الطفل الأطعمة الصلبة
من المثير للاهتمام أن الاحتياجات الغذائية للأم، لا تنخفض بعد بدء الطفل بتناول الأطعمة الصلبة، رغم الاعتقاد بأن إنتاج الحليب ينخفض إلى 600 مليلتر يوميا في المتوسط، مع بدء الأطفال بتناول الطعام في الأشهر الستة الثانية.
لكن الواقع أن احتياجات الأم من الطاقة الإضافية تبقى كما هي، نظرا لنضوب مخزون الدهون لديها في هذه المرحلة.
لهذا، تؤكد أوسوليفان على أهمية بعض العناصر الغذائية بشكل خاص أثناء الرضاعة الطبيعية، بما في ذلك البروتين والكالسيوم والحديد واليود والفيتامينات.
وتوضح أن احتياجات المرأة من البروتين -على سبيل المثال- تزداد بمقدار النصف تقريبا أثناء الرضاعة الطبيعية (من 0.75 غراما، إلى 1.1 غراما، لكل كيلوغرام من وزن الجسم يوميا)، مقارنة بغير الحامل وغير المرضع.
وفي الوقت نفسه، تتضاعف احتياجاتها من اليود المهم لوظائف الغدة الدرقية، الذي يمكن أن يؤثر على نمو الطفل وتطور دماغه (من 150 ميكروغراما يوميا، إلى 270 ميكروغراما يوميا).
أطعمة يجب أن تتناولها الأمهات المرضعات
تقول أوسوليفان، “يجب أن تتناول النساء المرضعات مجموعة متنوعة من الأطعمة لإنتاج الحليب”، تشمل:
- الأطعمة الغنية بالبروتين (اللحوم والأسماك والبيض والمكسرات والبذور والبقوليات مثل الفاصوليا والعدس).
- منتجات الألبان أو بدائلها (بشرط التأكد من تضمين الكالسيوم).
- الحبوب الكاملة.
- الفواكه والخضروات.
- شرب المزيد من الماء (يُنصح بشرب حوالي 2.5 لتر يوميا، أو أكثر إذا كان الجو حارا أو مع ممارسة الرياضة).

محاذير في تغذية الأمهات المرضعات
لأن ما تستهلكه الأم “قد ينتقل إلى حليب الرضاعة”، وفقا لأبحاث نُشرت عام 2017، ووجدت أن “الأطفال الذين شربت أمهاتهم كميات صغيرة من عصير الجزر أثناء الرضاعة، كانوا أكثر تقبلا لحبوب الإفطار بنكهة عصير الجزر، مقارنة بالأطفال الذين شربت أمهاتهم الماء”؛ على سبيل المثال. لذلك:
- من المهم الحد من الكافيين وغيره من المشروبات التي يمكن أن ينتقل تأثيرها إلى الطفل عن طريق حليب الرضاعة. لكن الباحثون أشاروا إلى أن “ما يصل إلى 200 مليغراما من الكافيين يوميا (تعادل كوبا من القهوة، أو مشروب كولا، أو 4 أكواب من الشاي) يُعد آمنا للرضاعة الطبيعية.(7)
- رغم أن الأمهات المرضعات قد لا يحتجن إلى استبعاد أي أطعمة معينة من نظامهن الغذائي لمنع إصابة أطفالهن بالحساسية الغذائية. لكن، في حالات الاشتباه في طعام معين مثل “البيض، الحليب الحيواني، الفول السوداني، المكسرات، السمسم، الصويا، القمح، والسمك”؛(8) من خلال أعراض مثل المغص أو الغازات أو الارتجاع أو الطفح الجلدي.
تنصح أوسوليفان باستبعاد الأطعمة المشتبه بها من تغذية الأم، “لمدة 3 أسابيع على الأقل”، تحت إشراف أخصائي تغذية معتمد متخصص في الحساسية، لضمان استمرار تلبية الاحتياجات الغذائية للأم بشكل صحيح.
نصائح للأمهات المرضعات
4 نصائح في غاية الأهمية، تسديها أوسوليفان للأمهات المرضعات، تتلخص في:
- إجراء فحص دم للتحقق من مستويات فيتامين “دي”، وعنصر الحديد، إذ قد تنخفض هذه المستويات خلال فترة الحمل، وهي ضرورية للرضاعة الطبيعية؛ وإذا اتضح أنها منخفضة، يجب مراجعة للطبيب.
- تناول مكمل اليود بجرعة 150 ميكروغراما يوميا، لأن الاحتياجات من اليود تزداد بشكل ملحوظ أثناء الرضاعة الطبيعية، “لدعم نمو الرضيع وتطوره العصبي”.
- الحرص على توفير مجموعة متنوعة من الوجبات الخفيفة المغذية التي يمكنك تناولها بيد واحدة للرضاعة في وقت متأخر من الليل؛ مثل البيض المسلوق، أو شطيرة زبدة فول سوداني على خبز من الحبوب الكاملة، أو الأفوكادو والجبن، أو أي حلوى مصنوعة منزليا تتضمن الشوكولاتة الداكنة والمكسرات والبذور والفواكه المجففة.
- الاحتفاظ بزجاجة ماء قريبة أثناء الرضاعة الطبيعية.