خطة تدمير ممنهجة
كشفت منظمة “كسر الصمت” عن مخطط إسرائيلي منهجي لتدمير مساحات كبيرة من قطاع غزة. ووفق التقرير الذي حصلت عليه “نيوز عربي”، فإن جيش الاحتلال نفذ عمليات تدمير شاملة على عمق يتراوح بين 800 متر و1.5 كيلومتر داخل الأراضي الفلسطينية، لإنشاء منطقة عازلة خالية تماماً من السكان.
استند التقرير إلى شهادات جنود إسرائيليين شاركوا في التوغل البري، حيث أكدوا أنهم تلقوا أوامر واضحة بهدم المنازل واستهداف كل من يقترب من “البرميتر”، أي المنطقة العازلة المفترضة.

أوامر بالقتل والتدمير بلا تمييز
وفقاً للشهادات، بدأت الخطة منذ الأيام الأولى للحرب، حيث طُلب من الجنود تسوية الأرض بالكامل داخل نطاق “المحيط”، وتم اعتبار أي حركة بشرية تهديداً مباشراً. أحد الجنود قال بصراحة: “كل من يقترب من دبابتي هو إرهابي”.
كما أشار آخرون إلى أن التعليمات كانت بإطلاق النار فوراً على أي شخص، حتى لو كان يحمل حقيبة أو يبحث عن طعام. إذ تحول الخوف المفرط والاشتباه الدائم إلى مبرر لتدمير كل شيء.
المدنيون ليسوا مستثنين
الصدمة الأكبر تمثلت في غياب التمييز بين المدنيين والمسلحين. فقد اعتبر الجنود أن “لا وجود لأبرياء” في تلك المنطقة. أحد الشهود روى أن فلسطينيين كانوا يركضون نحو الجيش بحثاً عن نبات “الخبيزة”، وتم إطلاق النار عليهم فقط لأنهم يحملون أكياساً.

خريطة تدمير بالألوان
كشف التقرير أن “فرقة غزة” التابعة للجيش الإسرائيلي أعدت خريطة ملونة تحدد المباني حسب درجة استهدافها. وبحسب الشهادات، تم تدمير أكثر من 80% من مباني المنطقة العازلة، بما فيها المنازل، المزارع، والمصانع. وكان التدمير يُستخدم كـ”مؤشر للنجاح”، حيث يتفاخر القادة بمدى خضرة الخريطة، أي عدد المباني المهدمة.
لا تعليمات واضحة لإطلاق النار
الجنود أكدوا أن قواعد الاشتباك غامضة أو معدومة، ما أدى إلى التعامل مع أي حركة على أنها تهديد. لم تكن هناك علامات واضحة توضح حدود المنطقة العازلة، وكان الفلسطينيون غالباً لا يعرفون أنهم دخلوا “منطقة محظورة”، ما عرضهم لخطر القتل.

خطة لتوسيع العزل حتى رفح
بالتزامن مع نشر شهادات الجنود، كشفت صحيفة “هآرتس” أن الجيش الإسرائيلي يستعد لتوسيع المنطقة العازلة لتشمل مدينة رفح بالكامل، ما يعني السيطرة على نحو 75 كيلومتراً مربعاً – أي خُمس قطاع غزة.
الهدف من هذا التوسيع، وفق التقرير، هو فصل غزة جغرافياً عن الحدود المصرية وتحويلها إلى جيب مغلق خاضع بالكامل للسيطرة الإسرائيلية.
ضغوط سياسية وعسكرية
وفق مراسل “هآرتس”، فإن التحول في نهج الجيش يعود لتوجيهات سياسية مباشرة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي أعلن نيته السيطرة على “مناطق واسعة” داخل غزة.
ويُنظر إلى إدراج رفح في المنطقة العازلة كوسيلة ضغط إضافية على حركة حماس، خاصة في ظل تعثّر الجهود العسكرية وتراجع الدعم الدولي لحكومة نتنياهو.
خاتمة: كارثة إنسانية وتحذيرات دولية
يمثل التقرير توثيقاً خطيراً لسياسة إسرائيلية تنتهك القانون الدولي الإنساني، وتُعرّض المدنيين للخطر المتواصل. بينما تتواصل التحذيرات الدولية من تحويل غزة إلى منطقة مدمرة بالكامل، يبقى المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية لوقف هذه الممارسات.