يقول سليمان عبد الباقي الذي يقود “أحرار جبل العرب” بمدينة السويداء، إنه كان متحالفا مع هيئة تحرير الشام التي قادت عملية إسقاط بشار الأسد، وهو متمسك بكون المدينة ذات الغالبية الدرزية جزءا من سوريا.
وحسب ما قاله عبد الباقي في برنامج “مع تيسير”، فإن تصوير الزعيم الروحي الدرزي حكمت الهجري، زعيما ثوريا كان واحدا من الأخطاء الكبيرة التي ارتكبها هو وحكومة الرئيس أحمد الشرع.
فقد لعب تجمع “أحرار جبل العرب” أدوارا كبيرة في الثورة السورية طوال سنواتها الـ14، وتحالف مع هيئة تحرير الشام التي يقول إنها وفرت الحماية للهجري عندما قرر الانسلاخ من نظام بشار الأسد والتحالف مع الثورة.
ولم تكن السويداء منفصلة عن الثورة، حيث تخلف 60 ألفا من رجالها عن الخدمة في جيش بشار الأسد ووصل الأمر إلى أن المجموعة التي يقودها عبد الباقي كانت تختطف ضباطا من النظام لتبادلهم مع من تم سجنهم من أهالي المدينة بسبب رفضهم الخدمة العسكرية.
ويرى قائد “أحرار جبل العرب” أن تقدم هيئة تحرير الشام لإسقاط نظام الأسد، وتسلّم دمشق حمى سوريا من فوضى داخلية ربما كانت ستستمر 50 عاما أخرى، لكنه يرى أيضا أن الدولة لا تقوم بدورها اللازم لفرض السيطرة على السويداء.
فقد حرصت إدارة الشرع منذ إسقاط النظام على التوصل لتفاهم مع السويداء وقدمت تنازلات لمنع وقوع صدام لكن الهجري الذي رحب بوجود قوات الأمن والجيش في المدينة لم يلبث أن تراجع عن كلامه واعتبر الانضمام للقوات الحكومية خيانة للدروز، كما يقول عبد الباقي.
الهجري رفض كل الحلول
ورفض الهجري كل الحلول التي قدمتها الحكومة السورية الحالية، لإدارة المدينة وبدأ بث الفتن الطائفية والدينية والاحتماء بعصابات ومجرمين للسيطرة على المدينة.
فعندما بدأت الدولة تشكيل مؤسساتها تركت للهجري اختيار المكونات الأمنية والإدارية للسويداء، “وكان يطرح الأسماء اليوم ثم يطالب بتغييرها غدا، وفي النهاية طلب إعادة الاستعانة بمن كانوا يخدمون في عهد الأسد”.
ولم يتطلب الأمر وقتا، حتى جمع الهجري حوله من يصفهم عبد الباقي بالعصابات والمطلوبين جنائيا الذين يهتفون باسمه وقيادته، وأدار صفحات لنشر الخلافات الطائفية والقبلية عبر الإنترنت.
ووفقا لعبد الباقي، فقد استعان الهاجري في هذه الأمور بثلاثة أشخاص يعيشون في كندا وألمانيا وهولندا، قاموا بنشر رسائل تسب الرسول صلى الله عليه وسلم، عبر مجموعات في واتساب.
ولا يوجد ما يثبت مسؤولية الهجري عن هذه الصفحات لكن عبد الباقي يقول إنه كان شيخ العقل الدرزي الوحيد الذي لم يدن هذا السلوك، بل ويتهمه بتحريك الصفحات “التي جيشت من يدافعون عن “بني عامر” و”بني أمية” و”بني هاشم””.
ووصف عبد الباقي سلوك الهجري بالخيانة، وقال إن ابنه سلمان، قاد جماعات لنشر الفوضى والسرقة في السويداء، وقال إن هذا السلوك هو الذي أفضى لقطع طريق الشام على الناس وسرقتهم واختطافهم، وانتهى بالمواجهات التي حدثت قبل 3 أشهر في المدينة.
وقد تجلت نية الهجري -بحسب عبد الباقي- في دعوته قوات الحكومة لفرض الأمن في المدينة ثم عاد ودعا لحمل السلاح في مواجهتهم مما أدى لوقوع مواجهات بين الجانبين أوقعت قتلى وجرحى.
بيد أن الدولة التي فتحت كل الأبواب للهجري لكي يصل إلى تفاهم لم تتخذ الإجراءات المطلوبة لبسط سيطرتها، وهو ما أدى لوقوع انتهاكات كبيرة خلال الأحداث الأخيرة التي وقعت بين الدروز والعشائر.
وفتحت هذه الأحداث الباب أمام إسرائيل لقصف سوريا وطرح نفسها كحامية للدروز، بعد أن نجح الهجري في تدجين المدينة والسيطرة على عقلها وتوجيهها طائفيا ومذهبيا، وساعده في ذلك الانتهاكات الكبيرة التي وقعت من العشائر ومن بعض القوات التابعة للحكومة، حسب قول عبد الباقي.
انتهاكات موثقة
ولم ينكر المتحدث وقوع اعتداءات من جانب قوات الحكومة والعشائر بحق المدنيين في السويداء، وقال إن البيوت تعرضت لانتهاكات كبيرة جعلت الناس يتعاملون مع من يهاجمون الحكومة على أنهم الحامي لهم.
لذلك، يعتقد عبد الباقي أن السلوك العسكري الذي لجأت إليه الدولة لحل الصدام الذي وقع في السويداء، وفتح الطريق أمام العشائر لدخول المدينة، لم يكن صحيحا، ويرى أنه أسهم في تعزيز حالة التباعد التي يسعى لها الهجري.
ورغم سعي الحكومة لوقف العديد من حملات التحريض فإن المجازر التي وقعت فتحت الباب أمام اللعب على المذهبية والاحتماء بإسرائيل، رغم تأكيد عبد الباقي جدية الدولة في محاسبة المتورطين بالانتهاكات واعتقالها نحو 100 منهم.
وقد أكد المتحدث بَذل الدولة بما فيها الرئيس أحمد الشرع جهودا مضنية لحل هذه الخلافات وتوحيد الصف، لكنه يعتقد أن حل هذه المشكلة يبدأ من محاسبة من تورطوا في انتهاكات ضد المدنيين، وتنحية الطائفية والتجييش الحاصل وإعادة من تم إخراجهم إلى بيوتهم، وحماية الدروز والعشائر على حد سواء.
ويتطلب الحل أيضا تفعيل عمل أبناء السويداء في الجيش والأمن والحفاظ على خصوصية المدينة تحت سقف القانون، لأن ما جرى عزز مكانة إسرائيل كـ”أم حنون” للدروز، كما يقول عبد الباقي، الذي أشار إلى أن معالجة هذا الملف وطنيا “سيعري حقيقة الهجري الذي حرص على إفشال كل حل، وتلقى أموالا من تل أبيب”.
Published On 22/9/2025
|