“في رحاب الشام” يزور درعا للتعرف على مساجدها وكنائسها العتيقة

[ad_1]

عمر بن الخطاب وحوران: التاريخ العريق لمسجد درعا ومكانته الإسلامية

عندما وصل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى حوران في طريقه إلى بيت المقدس، خرج أهل درعا لاستقباله وهم يحملون السيوف، فطلب من أصحابه منعهم، لكن القائد أبو عبيدة بن الجراح أوضح له أنها مجرد عادة متوارثة لديهم.

ووفقًا لما ورد في حلقة 30 مارس 2025 من برنامج “رحاب الشام”، قرر عمر بن الخطاب السماح لأهل درعا بممارسة عاداتهم، بعد أن حذره أبو عبيدة من أن منعهم قد يُفسَّر على أنه نقض للعهد المبرم معهم.

وبعد أن نال أهل حوران إعجاب أمير المؤمنين وارتاحوا له، أمر ببناء أول مسجد في المدينة، وهو “المسجد العمري” الذي لا يزال قائماً حتى يومنا هذا، حاملاً اسمه رضي الله عنه.

المسجد العمري: رمز ديني ومعلم أثري

يُعد المسجد العمري من أبرز المعالم الإسلامية في حوران، وهي منطقة تمتد بين جنوب دمشق والأردن، وعُرفت قديمًا باسم “أورانتيس” في العهد الروماني.

أما درعا، عاصمة حوران، فيقال إن اسمها مشتق من الآرامية ويعني “الحصون” أو “الكهوف”، وفقًا للمؤرخ باسل الجهاني، مدير شعبة آثار الصنمين.

عندما وصلت الجيوش الإسلامية إلى سهل حوران، تمكنت من فتح معظم مدنه صلحًا دون قتال، مثل درعا وبصرى، ليكون ذلك مقدمة لفتح الشام ومن ثم بيت المقدس، التي أصر كهنتها على تسليم مفاتيحها للخليفة عمر بن الخطاب شخصيًا.

المسجد العمري وطريق الحجاز

يُعتبر المسجد العمري واحدًا من أقدم المساجد في الإسلام، وهو مبني من الحجارة البازلتية السوداء التي تتميز بصلابتها في مواجهة العوامل الجوية. يتكون المسجد من صحن واسع، وقاعة مستطيلة للصلاة، ومئذنة يبلغ ارتفاعها 20 مترًا، حيث يمكن لمن يصعد إليها رؤية درعا بالكامل. ورغم تعرضها للتلف خلال قصف نظام بشار الأسد، أعاد أهل المدينة ترميمها للحفاظ على هذا الإرث التاريخي.

إلى جانب المسجد، تحتضن درعا العديد من المباني القديمة المبنية من نفس الأحجار، والتي لا تزال قائمة منذ مئات السنين.

درعا ومحطة قطار الحجاز

تنقسم مدينة درعا إلى قسمين: “درعا البلد” وهي البلدة القديمة، و”درعا المحطة” التي بُنيت حديثًا، وسُميت نسبةً إلى محطة قطار الحجاز، التي كانت تربط بين أوروبا وسوريا ولبنان وفلسطين ومكة المكرمة خلال الحقبة العثمانية.

يُذكر أن سكة حديد درعا كانت جزءًا من خط سكة الحديد العثماني الذي أُنشئ في عهد السلطان عبد الحميد الثاني عام 1900، بهدف تسهيل رحلة الحجاج إلى مكة، إلا أن هذا الطريق تعرض للتدمير في سياق انهيار الدولة العثمانية.

المعالم التاريخية في درعا

يؤكد العديد من الباحثين أن تحت المدينة الحالية توجد مدينة أخرى قديمة مكونة من بيوت صخرية وأنفاق، وقد أشار إليها ياقوت الحموي في كتابه “معجم البلدان”. كما ذُكرت درعا في أشعار العديد من الشعراء، بمن فيهم امرؤ القيس.

من أبرز المعالم في درعا “قصر عابدين”، الذي يقع على بُعد 16 كيلومترًا من مركز المدينة، ويعود بناؤه إلى عام 200 ميلادي تقريبًا. يُعتبر القصر مثالًا رائعًا للهندسة المعمارية الرومانية والبيزنطية، وقد سكنته عائلة زين العابدين حتى عام 1992، قبل أن يتحول إلى موقع أثري بارز.

وفي المدينة أيضًا توجد الكنيسة البيزنطية، التي تُعد من أقدم الكنائس في المنطقة، والتي استُوحي تصميم كنيسة “آيا صوفيا” في تركيا منها.

درعا عبر التاريخ

ذُكرت درعا، أو “إزرعا”، في الإنجيل والتوراة، حيث أرسل السيد المسيح -عليه السلام- اثنين من تلاميذه إليها، وهما يعقوب وبرثولماوس، كما أقام فيها بولس الرسول لمدة ثلاث سنوات، وفقًا للمؤرخ يوسف شحادة.

أما مدينة نوى، التابعة لدرعا، فتُعرف بكونها مسقط رأس الإمام النووي، صاحب “الأربعين النووية”، والذي تعرض قبره للتدمير قبل أن يعيد أهل المدينة بناؤه.

درعا: مدينة الكرم والتعايش

تشتهر درعا بكرم أهلها، حتى أنها لُقبت بـ”أم اليتامى”، إذ عُرف سكانها ببناء المساجد، ومنها عدة مساجد تحمل اسم عمر بن الخطاب تقديرًا لمكانته. كما تضم المدينة العديد من الكنائس التي تعكس تعايش الأديان فيها.

تظل درعا شاهدًا على عراقة التاريخ الإسلامي والعربي، وحافظةً لإرثها الحضاري، رغم التحديات التي مرت بها عبر العصور.

[ad_2]