تتجه الأنظار في تونس نحو الجلسة الثالثة من المحاكمة المثيرة للجدل في قضية “التآمر على أمن الدولة”، المقررة في 18 أبريل/نيسان الجاري. ويزداد القلق داخل الأوساط السياسية والحقوقية، في ظل تمسك المحكمة بإجراء الجلسات عن بعد، ورفض المتهمين المشاركة بهذه الطريقة.
❗ أجواء مشحونة واتهامات بـ”محاكمة جائرة”
شهدت المحكمة الابتدائية بتونس، الجمعة الماضية، توتراً حاداً خلال الجلسة الثانية من المحاكمة. احتج أهالي المعتقلين والنشطاء أمام المحكمة، تنديداً بمنعهم من دخول القاعة. واعتبروا الإجراءات المتبعة “غير عادلة” وتمثل “استهدافاً واضحاً للمعارضة”.
وقالت منية إبراهيم، زوجة القيادي عبد الحميد الجلاصي، لـ”نيوز عربي” إن السلطات منعت معظم أهالي الموقوفين من الحضور، وسمحت فقط بشخص واحد عن كل عائلة. ووصفت القضية بأنها “ملف مفبرك” يهدف لتصفية المعارضين وإسكات صوت المعارضة.

🎙️ الصحفيون ممنوعون والمحامون يحتجون
منع الأمن دخول عدد من الصحفيين، من بينهم زياد الهاني، الذي احتج بشدة، قائلاً إن “السلطة تخشى كشف تجاوزاتها أمام الإعلام”. من جانبها، طالبت نقابة الصحفيين بمحاكمة علنية، معتبرة ما حدث تعديًا خطيرًا على حرية الصحافة.
في قاعة الجلسة، تمسك المحامون بضرورة حضور المتهمين بشكل مباشر، معتبرين المحاكمة عن بعد “خرقاً جسيماً” لمبادئ العدالة. وأكدت المحامية دليلة مبارك أن “السلطة تخطت حدودها” وأن هذه المحاكمة تمثل “وصمة عار”، وتعكس نية مبيتة لإصدار أحكام قاسية.
⚖️ معارضون يصفون القضية بـ”الوهمية”
نجيب الشابي، زعيم جبهة الخلاص وأحد المتهمين في القضية، أعلن مقاطعته للمحاكمة عن بعد. وقال في تصريح لـ”نيوز عربي”: “لن أكون جزءاً من محاكمة صورية”. وأكد أن الملف يفتقر للأدلة، ويعتمد على “اتهامات ملفقة” من مخبرين لم يُكشف عن هويتهم.
المحامون شددوا على أن القضية لم تناقش أصل الاتهامات بعد، بل اقتصرت على مرافعات شكلية، في ظل انقطاع متكرر للجلسة التي رُفعت ثلاث مرات.

🔒 رفض الإفراج والمحاكمة مستمرة عن بعد
رغم المطالبات المتكررة من الدفاع، رفضت المحكمة الإفراج عن المعتقلين أو استدعاءهم لحضور الجلسة. وأكدت أن قرار المحاكمة عن بعد يستند إلى “دواعٍ أمنية”، بناءً على الفصل 73 من قانون مكافحة الإرهاب والفصل 141 مكرر من مجلة الإجراءات الجزائية.
🛑 تداعيات سياسية وحقوقية مقلقة
منذ فبراير 2023، شنت السلطات حملة اعتقالات شملت شخصيات سياسية بارزة، من بينها راشد الغنوشي وعصام الشابي، بتهم تتعلق بـ”التآمر على أمن الدولة”. وتُجرى المحاكمات بموجب قانون الإرهاب، الذي يسمح بأحكام قاسية قد تصل للإعدام.
ويرى مراقبون أن استمرار هذه المحاكمات يهدد مستقبل الديمقراطية في تونس. فبحسب تقديرهم، قد تضعف هذه الإجراءات الثقة في النظام القضائي وتزيد من عزلة تونس دوليًا بسبب تدهور سجلها في حقوق الإنسان.