في خيمة صغيرة بمعسكر النزوح جنوب قطاع غزة، يعيش البروفسور غانم العطار، أستاذ القانون الدستوري الدولي، بين عشرات العائلات التي أنهكتها المجاعة وشح المياه.
ويقول الرجل الذي فقد ابنته وأحفاده في الحرب الأخيرة، إن ما يعيشه اليوم يفوق كل محطات الألم السابقة في حياته.
ويروي العطار أن رحلة النزوح من منزله إلى مسقط رأسه لم تكن سوى البداية، قبل أن تصل إليه أنباء استشهاد ابنته وأبنائها في مايو/أيار الماضي، ثم جاءت المرحلة الأشد قسوة مع اندلاع “حرب التجويع” التي قطعت سبل الحياة الأساسية من غذاء وماء.
ووفق ما يؤكده الأكاديمي الفلسطيني، فإن المخيمات تواجه أزمة غير مسبوقة في المياه بعد استهداف إسرائيل لخط الإمداد القادم من مصر، إلى جانب محطات التحلية وآبار المياه داخل القطاع. ويضيف أن الأطفال وكبار السن هم الأكثر عرضة للموت جوعا وعطشا في ظل غياب أي ممرات إنسانية فعلية.

ويصف العطار المشهد في المخيم بأنه “حياة على حافة الفناء”، حيث يلهث النازحون وراء جرعة ماء أو كسرة خبز، بينما يزداد عدد الضحايا يوما بعد يوم.
وقد انتشر على منصات التواصل الاجتماعي مقطع مصوَّر للعطار وهو يبحث عن المياه وسط ركام الحصار، في مشهد اختزل المأساة الإنسانية التي يعيشها النازحون في غزة، وأعاد تسليط الضوء على أزمة العطش المتفاقمة.

ورغم الفقدان والمأساة، يصر العطار على أن البقاء في مسقط الرأس هو خيار لا رجعة عنه، وأن أهالي غزة لن يغادروا أرضهم مهما اشتدت الظروف.
وفي رسالة يوجهها إلى العالم، يدعو العطار المجتمع الدولي، ولا سيما الدول العربية والإسلامية، إلى التدخل العاجل لوقف المجاعة وإنقاذ أرواح المدنيين، محذرا من أن صمت العالم يشرعن سياسة التجويع ويجعل من الأطفال والشيوخ وقودا لجريمة بطيئة الإيقاع.
ومن خيمة النزوح، تتحول كلمات العطار إلى شهادة حية تختصر مسار النكبة المستمرة: نزوح، فقدان، ثم مجاعة محاصرة بالصمت الدولي.