• Home  
  • سوريا تعود للساحة النفطية بتصدير 600 ألف برميل من طرطوس
- اقتصاد - سوريا

سوريا تعود للساحة النفطية بتصدير 600 ألف برميل من طرطوس

تصدير سوريا مؤخرا 600 ألف برميل من ميناء طرطوس (غربي البلاد) تحقق نتيجة تراكم فائض من عدة حقول، إلى جانب التفاهمات التي بدأت مطلع 2025 بين الحكومة وقوات سوريا الديمقراطية، والتي سمحت بتزويدها بكميات من النفط الخام. ومطلع الشهر الجاري أعلنت وزارة الطاقة السورية عن تصدير 600 ألف برميل من النفط الثقيل عبر المصب النفطي […]

سوريا تعود للساحة النفطية بتصدير 600 ألف برميل من طرطوس
تصدير سوريا مؤخرا 600 ألف برميل من ميناء طرطوس (غربي البلاد) تحقق نتيجة تراكم فائض من عدة حقول، إلى جانب التفاهمات التي بدأت مطلع 2025 بين الحكومة وقوات سوريا الديمقراطية، والتي سمحت بتزويدها بكميات من النفط الخام.

ومطلع الشهر الجاري أعلنت وزارة الطاقة السورية عن تصدير 600 ألف برميل من النفط الثقيل عبر المصب النفطي في طرطوس على متن الناقلة نيسوس كريستيانا (Nissos Christiana) لصالح شركة “بي سيرف إنرجي”.

وتُعتبر هذه الخطوة الأبرز منذ سنوات في قطاع الطاقة السوري، الذي عانى من تراجع حاد في الإنتاج والتصدير نتيجة الحرب والعقوبات والدمار الذي لحق بالبنية التحتية على مدار 14 عاما.

وتشير وزارة الطاقة إلى أن العملية تأتي في إطار خطط الحكومة لإعادة تنشيط القطاع النفطي واستعادة جزء من دوره في دعم الاقتصاد الوطني. كما تعكس رغبة السلطات في فتح الباب أمام الاستثمارات والشراكات الدولية، مع توقعات بزيادة حجم الصادرات خلال الأشهر المقبلة بما يوفر مصدرا مهما للعملات الأجنبية ويسهم في تخفيف الضغوط الاقتصادية.

منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، تراجع إنتاج النفط من أكثر من 400 ألف برميل يوميا إلى أقل من 20 ألفًا في مناطق سيطرة الحكومة، في حين تهيمن قوات سوريا الديمقراطية على معظم الحقول الكبيرة في شرق البلاد.

هذا التراجع جعل البلاد تعتمد بشكل كبير على استيراد المشتقات النفطية، وهو ما زاد الأعباء المالية على الخزينة العامة.

في هذا الإطار، أوضح مصطفى معراتي، مدير العلاقات العامة في الإدارة العامة للنفط، للجزيرة نت أن الصفقة الأخيرة تمثل نقطة تحول مهمة للقطاع، حيث ستُستخدم العوائد المالية المتوقعة في تطوير الحقول وزيادة كفاءتها التشغيلية.

كما شدد على أن الأموال ستوجَّه إلى صيانة المعدات والبنية التحتية النفطية، إلى جانب الاستثمار في تقنيات جديدة تسهم في استكشاف الحقول غير المستغلة.

واعتبر أن هذه الخطوات ستساعد على تحسين العمليات الإنتاجية وتعزيز القدرة التشغيلية، إضافة إلى توفير فرص عمل جديدة وزيادة الإيرادات الحكومية، وهو ما يساهم بدوره في دعم الاستقرار الاقتصادي وتحسين الخدمات العامة.

كما أكد أن تصدير هذه الشحنة لا يُعد حدثًا منفردًا، بل خطوة أولى ستتبعها عمليات أخرى خلال الفترة المقبلة. وربط نجاح هذه المساعي بالاستقرار السياسي والأمني، مشيرًا إلى أن استدامة العوائد النفطية تتطلب مواصلة الاستثمار في البنية التحتية وتوسيع الشراكات مع الشركات الأجنبية.

تعقيدات الإنتاج وتوزع السيطرة

رغم الحديث عن عودة التصدير، يواجه قطاع النفط السوري تحديات معقدة مرتبطة بواقع السيطرة على الحقول. فمعظم الثروة النفطية تتركز في محافظتي دير الزور والحسكة، حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي على حقول رئيسية مثل العمر والسويدية، اللذين يُنتجان معًا أكثر من 200 ألف برميل يوميا. في المقابل، تقتصر سيطرة الحكومة على بعض الحقول الصغيرة والمتوسطة، التي لا تكفي لتغطية الاستهلاك المحلي.

وفي هذا السياق، أوضح الخبير النفطي أسامة عدنان للجزيرة نت أن الإنتاج في مناطق سيطرة الحكومة لا يغطي سوى نسبة ضئيلة من الاحتياجات المحلية، إذ يتراوح بين 15 و20 ألف برميل يوميًا، بينما تنتج الحقول الشرقية كميات أكبر بكثير قد تصل في بعض المواقع إلى أكثر من 100 ألف برميل يوميًا.

واعتبر أن تصدير 600 ألف برميل من ميناء طرطوس تحقق نتيجة تراكم فائض من عدة حقول، إلى جانب التفاهمات التي بدأت مطلع 2025 بين الحكومة وقوات سوريا الديمقراطية، والتي سمحت بتزويدها بكميات من النفط الخام.

وأشار عدنان إلى أن الإستراتيجية المعلنة للسنوات المقبلة تقوم على إعادة هيكلة المنشآت النفطية وصيانتها، واستكشاف آبار جديدة، والتعاون مع شركات إقليمية ودولية، مع الاستفادة من التخفيف الجزئي للعقوبات منذ منتصف 2025.

ورأى أن استمرار هذا التوجه مرهون بمدى متانة العلاقة مع قوات سوريا الديمقراطية، التي تسيطر على أكثر من 95% من الثروة النفطية والغازية، معتبرًا أن أي توتر أو انهيار في هذا التفاهم سيؤثر بشكل مباشر على قدرة سوريا على استعادة مستويات الإنتاج السابقة.

كما لفت إلى أن نجاح الشحنة الأولى أظهر جهوزية البنية التحتية في ميناء طرطوس، لكنه شدد على أن استمرار التصدير يتطلب استثمارات ضخمة وظروفًا أمنية مستقرة.

فرص العوائد والتحديات التمويلية

إلى جانب الأبعاد الفنية والإنتاجية، يطرح تصدير النفط بعدا اقتصاديا حيويا يتعلق بقدرة الدولة على تحصيل عوائد مالية تساعدها في مواجهة الأزمات المتفاقمة، فالاقتصاد السوري يعاني من معدلات تضخم مرتفعة، وتدهور قيمة العملة، وفقر يطال أكثر من ثلثي السكان، مع عجز متزايد في الموازنة العامة.

وفي هذا الإطار، أكد الخبير الاقتصادي أسامة العبد الله للجزيرة نت أن شحنة واحدة بحجم 600 ألف برميل يمكن أن توفر نحو 40 مليون دولار، ومع انتظام عمليات التصدير بمعدل يتراوح بين مليون ومليوني برميل شهريًا يمكن أن تدخل عشرات الملايين من الدولارات إلى خزينة الدولة.

واعتبر أن استعادة مستوى الإنتاج الذي بلغ قبل عام 2011 نحو 400 ألف برميل يوميا سيؤمّن عوائد سنوية تصل إلى 15 مليار دولار، وهو رقم كفيل بدعم جهود إعادة الإعمار وتخفيف معدلات الفقر المرتفعة.

وأشار العبد الله إلى أن المكاسب لا تقتصر على الإيرادات المباشرة، بل تشمل توفير فرص عمل جديدة وتقليل الاعتماد على استيراد المشتقات النفطية التي تكلف البلاد أكثر من 1.8 مليار دولار سنويا.

لكنه شدد على أن التحديات تبقى هائلة، إذ يحتاج القطاع إلى استثمارات تتراوح بين 250 و300 مليار دولار لإعادة إعماره، فضلا عن استمرار العقوبات الجزئية والتوترات الأمنية والسياسية المرتبطة بالسيطرة على الحقول الشرقية.

كما رأى أن سوريا تسعى لأن تعود لاعبا مهما في سوق الطاقة الإقليمي، ليس فقط من خلال تصدير النفط الخام، بل أيضًا عبر دورها الجغرافي كممر محتمل لخطوط النفط والغاز من الشرق الأوسط باتجاه أوروبا، وهو ما يمنحها وزنا إستراتيجيا في حال تحقق الاستقرار السياسي والأمني.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من نحن

“نحن في موقع نيوز عربي نولي اهتمامًا كبيرًا بتجربة المستخدم، حيث يتم تحسين المحتوى والعروض الترويجية بناءً على تحليلات دقيقة لاحتياجات الزوار، مما يسهم في تقديم تجربة تصفح سلسة ومخصصة.”

البريد الالكتروني: [email protected]

رقم الهاتف: +5-784-8894-678