وردا على مواقفه شن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هجوما حادا عليه، وقال إنه “خان إسرائيل”.
المولد والنشأة
ولد أنتوني نورمان ألبانيز في الثاني من مارس/آذار 1963، في ضاحية دارلينغ هيرست بمدينة سيدني جنوب شرق أستراليا.
والده إيطالي يدعى كارلو ألبانيز، كان يعمل مضيفا في سفينة تعرف فيها على أمه الأسترالية ذات الأصول الأيرلندية ماريان إليري أثناء رحلة لها من مدينة سيدني إلى المملكة المتحدة، وتزوجها في مارس/آذار 1962.
انفصل الزوجان بسبب خلافات دبت بينهما، وبعد الانفصال أنجبت الأم طفلا سمّته أنتوني، وربته في مسكن حكومي من معاش إعاقة كانت تحصل عليه بعد إصابتها بشلل في المفاصل بسبب الالتهابات.
وكان أنتوني يقول عن تلك الفترة “لم تكن الحياة سهلة، كانت أمور كثيرة غامضة، لكن شيئا واحدا لم يكن كذلك، إنه إصرار ماريان على أن تكون حياة ابنها أفضل من حياتها”، مضيفا “لقد تعلمت من أمي قيم العدالة الاجتماعية والإنصاف”.
وفي السنوات الأولى من حياته أخبرته والدته أن والده توفي في حادث سير، لكنه علم وهو في سن المراهقة أنها كذبت عليه وأن والده على قيد الحياة، وفي عام 2009 سافر مع عائلته إلى إيطاليا للقائه.
وتزوج أنتوني مرتين، الأولى بكارمل تيبوت، وقد انفصل عنها عام 2019، وفي فبراير/شباط 2024 أعلن خطوبته على جودي هايدون.
الدراسة والتكوين
بدأ دراسته الابتدائية في مدرسة سانت جوزيف الابتدائية، وبعد انتهاء دوامه المدرسي كان يبيع الصحف.
وبعد الانتهاء من دراسته الثانوية، التحق بكلية كاتدرائية سانت ماري، ومن ثم درس الاقتصاد في جامعة سيدني، التي تخرج منها بدرجة البكالوريوس عام 1984، وأصبح بذلك أول فرد في عائلته ينهي تعليمه الثانوي والجامعي.
وأثناء دراسته الجامعية، تنقل بين وظائف عدة بدوام كامل، وعمل عام 1980 موظفا في أحد البنوك مدة عام.
التجربة السياسية
انخرط أنتوني في السياسة في سن مبكرة، إذ انضم أثناء دراسته الثانوية إلى حزب العمال (يسار الوسط) وانخرط في أنشطته الطلابية.
وبعد تخرجه من الجامعة، عمل باحثا لدى نائب رئيس الحزب ووزير المحليات والخدمات الإدارية توم يورين 4 سنوات، وأصبح مندوب مؤتمر الحزب عن ولاية نيو ساوث ويلز من عام 1983 إلى 2008.
وتقلد بين عامي 1985و1987 منصب رئيس حزب العمال الشباب في ولاية نيو ساوث ويلز، وشغل عضوية اللجنة الوطنية لمراجعة تنظيم الحزب من 1990 إلى 1994.
وعمل بين عامي 1989 و1995 مساعدا للأمين العام للحزب في الولاية، ومن ثم مستشارا سياسيا أول لرئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز.
وعمل سكرتيرا للحزب عن فرع ولاية وارن من 1991 إلى 1999، ورئيسا للمجلس الانتخابي الفدرالي للحزب في ولاية جرايندلر من 1992 إلى 1996.
وكان انتخابه عام 1996 عضوا بالبرلمان عن دائرة غريندلر نافذته الكبرى على عالم السياسية، إذ أعيد انتخابه عن دائرته 11 مرة حتى عام 2025.

وقال في خطابه الأول بعد ظفره بعضوية البرلمان إنه سيدافع عن “مصالح ناخبيه والطبقة العاملة والحركة العمالية”.
وبعد أن بدأ مسيرته السياسية عضوا في البرلمان خدم في العديد من لجان المجلس، وعمل في عام 1998 سكرتيرا برلمانيا في حكومة الظل لوزير شؤون الأسرة والخدمات المجتمعية.
وقدم أنتوني عام 1998 مشروع قانون لمنح الشواذ جنسيا مزايا التقاعد المقدمة للأزواج، لكن مشروعه باء بالفشل، وأعاد طرحه 3 مرات حتى أقر عام 2007.
ومنذ عام 2001 تقلد رئاسة العديد من الوزرات في حكومة الظل التي شكلتها المعارضة، أبرزها: وزير الظل لشؤون الشيخوخة وكبار السن، ووزير الظل لخدمات التوظيف والتدريب، ووزير الظل للبيئة والتراث، ووزير الظل للمياه والبنية التحتية.
وتقلد أنتوني ألبانيز عضوية اللجنة التنفيذية الوطنية لحزبه منذ عام 2004، كما شغل منصب نائب مدير أعمال المعارضة في مجلس النواب في الفترة الممتدة من عام 2004 حتى عام 2007، وفي الفترة من 12 فبراير/شباط 2008 إلى الخامس من أغسطس/آب 2013، وكان هو زعيم الأغلبية في المجلس.
كما تولى عددا من المناصب الحكومية، أبرزها:
- وزير البنية التحتية والنقل والتنمية الإقليمية والحكم المحلي من 2007 إلى 2010.
- وزير في مجلس الوزراء من 2007 إلى 2013.
- وزير البنية التحتية والنقل من 2010 إلى 2013.
- وزير التنمية الإقليمية والحكم المحلي في 2013.
- نائب رئيس مجلس الوزراء عام 2013.
- وزير النطاق العريض والاتصالات والاقتصاد الرقمي عام 2013.
عام 2013، كان حافلا في حياة أنتوني الحزبية، إذ ارتقى في صفوف حزب العمال سريعا، وأصبح نائبا لرئيس الحزب.
إعلان
وفي العام نفسه، قاد أنتوني مشروع نظام التأمين الوطني للإعاقة عبر البرلمان، واعدا بمستوى جديد من الرعاية لكل أسترالي.
وبعد خسارة حزب العمال السلطة في الانتخابات الفدرالية في سبتمبر/أيلول 2013، تقلد أتنوتي ألبانيز أكثر من منصب في حكومة الظل التي شكلتها المعارضة حكومة موازية للحكومة القائمة، منها وزير الظل للبنية التحتية والنقل والسياحة والمدن، وأصبح نائبا لزعيم المعارضة في البرلمان.
وأثناء توليه منصب وزير البيئة في حكومة الظل لحزب العمال، وضع أنتوني مخططا لمواجهة التغير المناخي، وهو المخطط الذي أصبح أساس عمل الحزب في الحكومة.
رئيسا للوزراء
في 2019، انتُخب أنتوني ألبانيز بالإجماع رئيسا لحزب العمال وزعيما للمعارضة. وقاد الحزب ببرنامجه القائم على العدالة الاجتماعية إلى الفوز في الانتخابات العامة، التي أُجريت في يونيو/حزيران 2022، وتولى منصب رئيس الوزراء في الشهر التالي.
وفي 13 مايو/أيار 2025، أُعيد انتخابه لولاية ثانية مدتها 3 سنوات، بعدما حقق حزبه انتصارا واسعا في الانتخابات العامة مطلع الشهر نفسه.
عُرف ألبانيز بتبنيه برنامجا إصلاحيا معتدلا يرتكز على العدالة الاجتماعية، واتخاذه شعار “لن يُترك أي أسترالي خلف الركب” محورا رئيسيا لخطابه السياسي.
انتهج سياسة اقتصادية ركزت على إنعاش الاقتصاد المحلي عبر خفض تكاليف المعيشة، إلى جانب إقرار حزمة من التخفيضات الضريبية الموجهة لدافعي الضرائب.
وفي قطاع الصحة دافع بقوة عن نظام الرعاية الصحية المجاني في أستراليا، وسعى إلى تعزيز هذا النظام بزيادة الحوافز المالية للممارسات الطبية بهدف تشجيع الفحص الشامل للمرضى، فضلا عن التوسع في إنشاء عيادات الرعاية العاجلة.
أما في مجال الإسكان، فقد أطلق حزما مالية لمساندة ذوي الدخل المحدود والمتوسط، بغية تمكينهم من امتلاك المنازل أو استئجارها بأسعار معقولة، كما دعم بشكل لافت برنامج الإسكان الاجتماعي.
وفيما يتعلق بالسكان الأصليين الذين يشكلون نحو 4% من سكان أستراليا، تبنّت حكومته مبادرة لإجراء استفتاء وطني في أكتوبر/تشرين الأول 2023، أطلق عليها اسم “ذا فويس” (الصوت)، وكان يهدف إلى إنشاء هيئة استشارية للسكان الأصليين في البرلمان. غير أن الاستفتاء قوبل بالرفض بأغلبية كبيرة، بعد نقاش مجتمعي اتسم بالانقسام والتوتر.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، عمل ألبانيز على توثيق علاقات بلاده مع عدد من القوى الدولية، ولا سيما الولايات المتحدة، كما سعى إلى تعزيز العلاقات مع الصين، التي اختارها وجهة لأول زيارة خارجية له عقب توليه رئاسة الوزراء في ولايته الأولى.
أما في قضايا المناخ والطاقة، فقد تبنى سياسة تهدف إلى الوصول بصافي الانبعاثات الكربونية إلى مستوى الصفر بحلول عام 2050، ورغم ذلك وافقت حكومته على تنفيذ مشاريع جديدة في مجالي النفط والغاز.
كما أكد في خطابه الأول بعد فوزه بالانتخابات أن إستراتيجيته في الطاقة “لا تتعلق بالبيئة فقط، بل بعدالة الفرص الاقتصادية”، مشددا على التزامه بإصلاحات تضمن تحولا عادلا يشمل جميع الأستراليين.
موقفه من الحرب على قطاع غزة
واجه أنتوني ألبانيز تحديا معقدا في صياغة موقفه من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي اندلع عقب عملية “طوفان الأقصى”، التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد مستوطنات غلاف غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ففي بداية الأحداث، أكد ألبانيز أن “من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها”، غير أن تصاعد المجازر بحق المدنيين في غزة دفعه إلى تعديل موقفه تدريجيا، وبدأ بدعوة تل أبيب إلى وقف دائم لإطلاق النار وحثها على ضبط النفس.
هذا التحول أثار انتقادات من المحافظين في أستراليا، الذين اتهموه بالتخلي عن إسرائيل، وزعموا أن مواقفه أسهمت في “ارتفاع الهجمات المعادية للسامية” داخل البلاد.
إعلان
وفي الثاني من أبريل/نيسان 2024، أعرب ألبانيز عن غضب بلاده من مقتل العاملة الأسترالية في مجال الإغاثة زومي فرانككوم و6 من زملائها من منظمة المطبخ المركزي العالمي بغزة في غارة جوية إسرائيلية، معتبرا أن التفسيرات الأولية المقدمة من تل أبيب بشأن الحادث “غير مرضية وغير كافية”.
ومع استمرار الحرب، صعّد ألبانيز من لهجته، وصرّح لهيئة الإذاعة الأسترالية في 27 يوليو/تموز 2025 أن “سقوط ضحايا مدنيين في غزة أمر غير مقبول مطلقا ولا يمكن تبريره أبدا”، مضيفا أن إسرائيل “تنتهك القانون الدولي بوضوح”.
وفي 11 أغسطس/آب 2025، أعلن عزمه الاعتراف بدولة فلسطين في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2025، وهو ما أثار غضب الحكومة الإسرائيلية.
كما انتقد في 13 أغسطس/آب 2025، سياسة التجويع التي تمارسها إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة، واعتبرها جريمة حرب.
في المقابل وصفه نتنياهو بأنه “سياسي ضعيف خان إسرائيل وتخلى عن يهود أستراليا”، معتبرا أن “سجله سيظل مشوّها بسبب ضعفه” في مواجهة حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وبدوره أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إلغاء تصاريح الإقامة لممثلي أستراليا لدى السلطة الفلسطينية.
ورغم ذلك رفض ألبانيز الرد بالمثل، وقال “أتعامل مع زعماء الدول الأخرى باحترام، وأنخرط معهم بطريقة دبلوماسية، ولا آخذ هذه الأمور على محمل شخصي”.
وأشار إلى أن هناك “قلقا عالميا متزايدا لأن الناس يريدون نهاية لدائرة العنف التي طال أمدها”، موضحا أن ما يريده الأستراليون هو توقف إراقة الدماء، سواء كان الضحايا من الإسرائيليين أو الفلسطينيين، وعدم انتقال الصراع إلى الداخل الأسترالي.