ورغم أن هذه التقنية ما زالت جديدة في العالم العربي، بل وتواجه قيودا في دول مثل الإمارات وتركيا، فإنها تفتح بابا لتجربة سفر أكثر مرونة وسهولة في الاتصال بالعالم من خلال شبكة الإنترنت.
في هذا المقال نقدم لك دليلا عمليا مبسطا لاستخدام شرائح الهاتف الرقمية قبل وأثناء السفر.
ما هي الشرائح الإلكترونية؟
شرائح “إي سيم” هي نسخة رقمية من شريحة الهاتف التقليدية، لكنها مدمجة داخل الهاتف ولا تحتاج تركيب بطاقة فعلية. ويمكن تفعيلها عن بُعد باستخدام رمز “كيو آر” (QR) أو تطبيق في الهاتف.
واستخدام الشريحة الإلكترونية لا يغير أي شيء عند إجراء المكالمات الهاتفية أو تصفح الإنترنت، وبمجرد تفعيلها فإن الشريحة ستحتوي على البيانات نفسها، فهي مثل الشريحة التقليدية” (Nano SIM)، غير أنها تمتاز بسهولة التعامل معها وحفظ بياناتها عبر الإنترنت واستعادتها بسهولة في أي وقت.
خيارات المسافر للاتصال بالإنترنت
أمام المسافر 3 خيارات أساسية للاتصال بالإنترنت أثناء السفر وهي:
- الخيار الأول التجوال الدولي باستخدام شريحة الاتصال المحلية، وهو الخيار الأسهل لكنه الأغلى، ولا يناسب إلا رحلات السفر القصيرة.

- الخيار الثاني شريحة محلية عند الوصول، وهو خيار متداول وتكلفته متفاوتة، حيث يمكّنك من الحصول على رقم محلي يتيح لك إجراء المكالمات واستخدام الإنترنت.
لكن هذا الخيار يتطلب وقتا وجهدا للتفعيل، مع ضرورة استبدال شريحتك الأصلية أو إضافتها مع الشريحة الأصلية لهاتفك وهو ما لا يتوفر في بعض الهواتف.
- الخيار الثالث يتمثل في شريحة مدمجة ويمكن شراؤها عبر الإنترنت قبل السفر وتفعيلها في دقائق، مما يجعلها خيارا مرنا وعمليا للمسافرين، مع ضرورة التأكد من قابلية هاتفك أولا لاستخدام شريحة رقمية.
مميزات الشريحة المدمجة
وعلى الرغم أن خيار الشرائح الرقمية يبدو مغريا لكنه يحمل عيوبا تقابل المزايا التي تقدمها، ويجب عليك عزيزي المسافر المفاضلة بينهما.
فمن مميزات استخدام الشريحة عند السفر أنها لا تحتاج سوى تثبيت رقمي، فلا حاجة لزيارة مركز خدمة أو تبديل بطاقة فعلية، كما تتيح إمكانية التبديل بين باقات أو مزودي خدمات مختلفين بسهولة.

وفي بعض الأحيان تكون تكلفة استخدام الشريحة الرقمية في الصفر الدولي أرخص من شراء شريحة محلية، كما أنها توفر مساحة في الهاتف لا تحتاج إلى منفذ بطاقة الشريحة الإلكترونية، مما يتيح تصاميم أنحف للأجهزة.
ويضاف لما سبق سهولة النقل عند تغيير الهاتف أو فقدانه، كما يمكن تنزيل بيانات الخط من جديد مباشرة عبر الإنترنت، بدل انتظار شريحة جديدة.
عيوب الشريحة
أما إذا نظرنا بعين الإنصاف لعيوب هذا الخيار للمسافر، فسنجد أن تلك الخدمة حديثة وغير مدعومة من العديد من الهواتف مما يحدّ من الوصول إليها بناء على طراز الجهاز.
كما أنها تحتاج وجود إنترنت لتفعيلها، وليست متاحة في كل الدول، فقد تكون محجوبة أو مُقيدة في بعض الوجهات.

يضاف إلى ذلك أن جودة التغطية تختلف من شركة إلى أخرى، وقد يواجه المستخدم ضعفا في الخدمة أو توقفها تماما في بعض المناطق.
كما أن بعض الباقات اليومية القصيرة مكلفة إذا كانت الرحلة طويلة لأنها تحتاج إلى التجديد، مقارنة بخيار الشريحة المحلية.
ومن العيوب أيضا أن معظم الشرائح الدولية توفر بيانات فقط دون رقم محلي، وأن الكثير من العروض المعلنة كـ”غير محدودة” تخضع لقيود الاستخدام العادل التي تقلل السرعة بعد حد معيّن من الاستهلاك.
التجربة العربية والشرق أوسطية
تختلف تجربة الشرائح في العالم العربي والشرق الأوسط من بلد إلى آخر، فمنذ صيف 2024، قامت تركيا بحجب مواقع وتطبيقات بيع الشرائح المدمجة الأكثر استخداما في العالم مثل “هولا فلاي” (Holafly) و”إيرالو” (Airalo) و”إي ترافل سيم” (eTravelSim).

أما الإمارات فقد ذكر بعض المسافرين عدم قدرتهم على شراء أو تفعيل الشريحة الدولية أثناء الوجود داخل الإمارات عبر الشبكات التقليدية.
وأما إذا كانت الشريحة المخصصة للزيارة من مشغل محلي مثل “e&” أو “فيرجن” (Virgin) فإنها تعمل بشكل طبيعي، مما يفرض على المسافر شراء الشريحة وتفعيلها قبل المغادرة من بلاده عند التوجه لهاتين الدولتين، مع ضرورة التحقق من قابلية استخدام الخدمة الدولية للشريحة الرقمية قبل السفر إلى أي دولة.

أما في المملكة العربية السعودية فخدمة الشريحة متاحة رسميا، من خلال مزودي باقاتها مثل “نوماد” (Nomad) و”إيرالو” بسرعة الجيل الخامس، بالإضافة إلى شركات الاتصالات الموجودة في المملكة والمُدرجة ضمن مقدِّمي خدمات الشريحة المدمجة.

ومع ذلك ما زالت لم تصل بعد لمرحلة الاستخدام الواسع الذي يتوقع أن يصعد سريعا خلال الفترة المقبلة مع الإصدار الأحدث لهواتف آيفون 17 الذي يدعم فقط استخدام الشريحة لأول مرة.
كما أشارت بعض المنصات الإعلامية إلى أن المملكة تنوي إطلاق خدمة استخراج شرائح الاتصال المدمجة للحجاج القادمين من الخارج العام القادم 2026، لتكون متاحة فور الوصول دون الحاجة لزيارة مراكز الخدمة أو انتظار شريحة مادية.

وفي مصر والمغرب سمحت بعض الشركات مؤخرا باستخدام الشرائح المدمجة لكن مع تطبيق سياسة “الاستخدام العادل”، ويعني ذلك أن الباقات المعلنة كـ “غير محدودة” ستخضع لقيود في السرعة أو الاستخدام بعد حد معين من الاستهلاك.
لذا على المسافر قراءة الشروط بعناية قبل الشراء، مع أخذه بعين الاعتبار أن سياسة استخدام نفس الشريحة الرقمية قد يختلف من دولة لأخرى، بحسب سياسات واشتراطات الاتصالات في كل دولة.
خطوات تفعيل الشريحة
1- ادخل على إعدادات جهازك وقم باختيار المزود، سواء كنت ستستخدم تطبيقا دوليا أو مشغلا محليا في بلدك، واشترِ الباقة المناسبة لك إما عبر التطبيقات المسبقة الدفع أونلاين، أو عبر المشغل المحلي بزيارة مركز الخدمة أو بطلب من التطبيق الرسمي.

2- ثّبت الشريحة بعد استلام رمز “كيو آر” أو رابط عن طريقه بمسحه بكاميرا الهاتف يُثبت الملف الرقمي تلقائيا ويظهر كخط إضافي في جهازك.
3- يتم تفعيل الخدمة بمجرد تشغيل خيار تجوال البيانات في هاتفك، ثم اختر خط الشريحة كخط أساسي للبيانات.
4- اختبر الشريحة المدمجة: افتح الإنترنت أو أجرِ مكالمة للتأكد من أن الشريحة تعمل.
تجارب المسافرين العرب
انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي قصص وتجارب متباينة حول استخدام الشرائح أثناء السفر. كثيرون أشادوا بتطبيق “إيرالو” لانتشاره العالمي وسهولة شراء الباقات من خلاله، في حين فضّل آخرون شركات مثل “هولا فلاي” أو “إي ترافل سيم”، والتي توفر خيارات أكثر مرونة وتغطية متنوعة في دول متعددة.

ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أن العديد من التجارب التي تروج لمزودي خدمة شرائح إلكترونية دولية معينة قد يكون مدفوعا بمزايا أو دعم مالي حصل عليها من خلالهم.
ولذلك لا تصدق كل ما تقرأه على وسائل التواصل الاجتماعي لمؤثري السفر، بل ابحث جيدا عن الباقات والشركات المختلفة في وجهتك القادمة قبل أن تسافر، وتأكد بنفسك من كافة شروط وأحكام الاستخدام.
وفي هذا الصدد، ومن واقع تجربة مستخدم من منشور على منصة إكس (تويتر سابقا) معلقا على منشور دعائي لشريحة مدمجة دولية ذكر تجربة سلبية حدثت له بعد استخدامه لشريحة تم الترويج لها من أحد مؤثرى السفر فقال “جربتها في طاجيكستان وما اشتغلت نهائيا، وأنا على خلاف معهم عشان يرجّعوا لي قيمة الشريحة”.
في حين شارك مسافر آخر تجربة إيجابية على نفس المنصة، قائلا: إنه كان يدفع ما بين 300 و500 درهم لباقات التجوال من شركات الاتصال المحلية مقابل 10 غيغابايت فقط، قبل أن يكتشف شركات توفر الشرائح بباقة غير محدودة بحوالي 5 يورو يوميا.
حيث كانت الخدمة كانت مريحة له، ومع ذلك واجه مرة ضعفا في التغطية، لكن الشركة عوضته مباشرة برصيد إضافي قدره 35 يورو.
يشيرالمسافر نفسه إلى أن السبب الرئيس لتفضيل هذه الشرائح هو الكلفة العالية للباقات المحلية، مؤكدا أن الأسعار إذا كانت معقولة أكثر فلن يمانع المستخدمون من شراء التجوال من شركاتهم الوطنية.
نصائح مهمة للمسافرين
- تأكد أن هاتفك يدعم تقنية الشريحة قبل شراء أي باقة.
- اشترِ الشريحة المدمجة وقم بتفعيلها قبل مغادرة بلدك، خصوصا إذا كنت متجها إلى دولة لا يمكن للمسافر فيها تفعيل الشريحة الرقمية، ولأنها تحتاج إلى إنترنت لتعمل بكفاءة.
- اقرأ الشروط جيدا وانتبه لسياسة “الاستخدام العادل” التي قد تقلل السرعة أو تحدد البيانات بعد استهلاك معين، حتى لو كانت الباقة “غير محدودة”.
- احتفظ ببيانات تواصل الدعم الفني (مثل رقم واتساب) للشركة التي اشتريت منها الشريحة لتلجأ إليها إذا واجهتك مشكلة.

- قارن الأسعار بين التطبيقات المختلفة في وجهتك التي تنوي التوجه إليها، واختر الأنسب من الأسعار والشروط والتغطية.
- وازن بين الخيارات قبل السفر، وقارن بين تكلفة التجوال الدولي، وشراء شريحة محلية عند الوصول، أو استخدام الشريحة لتجد الحل الأنسب لرحلتك حسب مكان ومدة إقامتك بها.
- تجنّب الرسوم غير المتوقعة، فإذا كنت لا تنوي استخدام بيانات التجوال، عطّلها من إعدادات الهاتف قبل الإقلاع. ولتفادي أي تكاليف إضافية، يُفضّل تشغيل وضع الطائرة والاكتفاء بالـWi-Fi عند الحاجة.
ويبدو أن شرائح الهاتف المدمجة لم تعد رفاهية، بل وسيلة عملية لتوفير المال والوقت أثناء السفر. ورغم أنها ما تزال حديثة نسبيا في عالمنا العربي أو غير منتشرة وأحيانا مُقيدة في بعض الدول، فإن شراء شريحة وتفعيلها قبل المغادرة أو الاعتماد على شريحة مدمجة من مزود محلي يبقى حلا عمليا للاستخدام في أي وقت.
ويتجه مستقبل السفر يوما بعد يوم أكثر نحو الحلول الرقمية، ومعها تصبح الشريحة الإلكترونية المدمجة رفيقا أساسيا لكل مسافر عربي يبحث عن إنترنت سريع ودون مفاجآت، وسنراه في العام القادم وسيلة لحجاج بيت الله الحرام في التواصل مع ذويهم بسهولة ومرونة.