• Home  
  • خريطة طريق غرف الأخبار لاستخدام الذكاء الاصطناعي
- تكنولوجيا

خريطة طريق غرف الأخبار لاستخدام الذكاء الاصطناعي

يُعدّ انتشار الذكاء الاصطناعي بنماذجه وأدواته المتعددة من أبرز التحولات التقنية التي واجهت المؤسسات وغرف الأخبار مؤخرا.لكن هذا الانتشار رافقته سلبيات واضحة، أهمها الفوضى في استخدام النماذج والأدوات، ومحاولات اللحاق بكل ما يظهر من جديد رغم إدراك استحالة ذلك، فضلا عن غياب الفهم العميق لما يمكن أن يقدمه الذكاء الاصطناعي فعليا في تطوير المؤسسات. وهكذا […]

خريطة طريق غرف الأخبار لاستخدام الذكاء الاصطناعي
يُعدّ انتشار الذكاء الاصطناعي بنماذجه وأدواته المتعددة من أبرز التحولات التقنية التي واجهت المؤسسات وغرف الأخبار مؤخرا.لكن هذا الانتشار رافقته سلبيات واضحة، أهمها الفوضى في استخدام النماذج والأدوات، ومحاولات اللحاق بكل ما يظهر من جديد رغم إدراك استحالة ذلك، فضلا عن غياب الفهم العميق لما يمكن أن يقدمه الذكاء الاصطناعي فعليا في تطوير المؤسسات.

وهكذا برزت تساؤلات حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي أداة مفيدة فعلا داخل المؤسسات أم هو مجرد ضجة إعلامية وترند سريع الزوال لا يلبث أن تخبو لمعاته؟

وقد ولّدت هذه التساؤلات تخوّفا حقيقيا لدى إدارات كثيرة من اتخاذ قرار إدخال الذكاء الاصطناعي إلى بيئة عملها، خشية انتقال الفوضى إلى سير العمل، وهو ما لا يرغبه أي مسؤول أو مدير، غير أن المفارقة أن هذه الفوضى تسللت بالفعل إلى العديد من المؤسسات عبر الاستخدام الفردي للكوادر، مما ولّد العديد من الفجوات في الأداء والعمل.

ومن هنا، تسعى هذه المقالة إلى رسم خريطة طريق عملية تساعد المؤسسات على تجاوز هذه الفجوات، والانتقال بخطوات آمنة وواعية نحو استثمار الذكاء الاصطناعي بما يخدم أهدافها.

قرار استخدام الذكاء الاصطناعي بالمؤسسات

وتتمثل النقطة الجوهرية في إدخال الذكاء الاصطناعي، إلى غرف الأخبار والمؤسسات المختلفة، في القرار الذي تتخذه الإدارة العليا في إدخال الذكاء الاصطناعي إلى المؤسسة.

ولا يُعد هذا القرار الخطوة الأولى في الخريطة، وإنما يمثل جوهر التغيير في مفاهيم العمل عند الإدارات العليا أولا، ثم انعكاس ذلك على مفاصل العمل، والبدء بتنفيذ خريطة طريق مخصصة للمؤسسة.

ومن غير هذا القرار الإستراتيجي لا قيمة لأي خطوات أو حتى تجارب واستخدامات للأفراد لنماذج وأدوات الذكاء الاصطناعي.

وهذا ما يُلمس بشكل مباشر في مؤسسات مختلفة لم تقرر الإدارات العليا فيها بعد أن تُدخل الذكاء الاصطناعي إلى بيئتها العملية، في حين بدأ العديد من الكوادر في مختلف مستويات المؤسسة باستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل شخصي، ما ولد العشوائية من جهة وعدم الاتساق مع السياسات التحريرية أو حتى التفاوت الكبير بين أداء كوادر المؤسسة.

وقد أصبح هذا واقعا أن تسبق الكوادر بالمؤسسات الإدارات العليا في قرار استخدام أدوات ونماذج الذكاء الاصطناعي.

وإذا كان قارئ المقال يمثل أحد مستويات الإدارات العليا في أي غرفة أخبار أو مؤسسة، فربما عليه فعلا مراجعة واقع مؤسسته، وسيرى فجوات كثيرة على مستويات العمل والموظفين والأدوات والمهارات، مما يخلّف عدم اتساق حقيقي في تحقيق أهداف المؤسسة.

رباعية خريطة طريق المؤسسات باستخدام الذكاء الاصطناعي

استخدام الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار أصبح ضرورة ولكن مع تحديد احتياجات كل مؤسسة (نيوز عربي)

ووفق التجربة العملية في العديد من المؤسسات، فإنها توصلت إلى أن هناك رباعية تمثل خريطة طريق حقيقية وعملية في غرف الأخبار والمؤسسات بمختلف تخصصاتها للوصول الذكي والآمن لاستخدام أدوات ونماذج الذكاء الاصطناعي، وهي وفق الآتي:

  1. تحديد الواقع الحالي والأهداف المطلوب الوصول إليها.
  2. تحديد الاحتياجات الحقيقية من أدوات الذكاء الاصطناعي.
  3. التدريب والتوعية المستمرة.
  4. التغذية الراجعة والتقييم المستمر.

تحديد الواقع الحالي للمؤسسات وغرف الأخبار

وفق استطلاع أولي أجريت على مجموعة مؤسسات بتخصصات مختلفة، من غرف أخبار أو منظمات مجتمع مدني وحتى وكالات تجارية تعمل في مجالات متعددة، توصلت إلى أن نسبة من يستخدم أدوات ونماذج الذكاء الاصطناعي في عملهم، على نحو مباشر ويومي، تتراوح بين 20% و40%، من إجمالي العاملين في هذه المؤسسات.

وربما لم يخضع الاستطلاع لقواعد البحث العلمي مكتمل الأركان، لكنه يمثل في تقديري واقعا في الكثير من المؤسسات.

ورغم سلبياته على المستوى الإستراتيجي في المؤسسات -نظرا لأنه يخلّف فجوات المهارة بين العاملين، ولا يسير بوضوح باتجاه إستراتيجيات المؤسسة- فإن استخدام الذكاء الاصطناعي الفعلي بالعمل يمثل نقطة قوة يمكن للمؤسسات أن تستثمره بالشكل الأمثل.

فالكوادر التي بدأت الخطوات الأولى -في تضمين واستخدام الذكاء الاصطناعي في المؤسسات- لمسوا عمليا حجم الفائدة الحقيقية التي تعود على عملهم من خلال هذه الأدوات أو النماذج.

وبالتالي يمكن لأي مؤسسة أن تشكل النواة الأولى الداخلية منها على وجه التحديد، من خلال الفريق الذي أدخل أدوات ونماذج الذكاء الاصطناعي إلى المؤسسة.

وبالتأكيد لن يمثل عمل هذه النواة إستراتيجية عمل المؤسسة بالذكاء الاصطناعي بشكل كاف أو كامل في مراحلها الأولى، لكن ستكتشف الإدارات العليا أن هناك عتبة مهمة تم تجاوزها، وتصورا أوليا تم تشكيله، وبالتالي فإن قرار الانتقال لا يبدأ من الصفر، وإنما من عتبات يمكن البناء عليها.

وفي حال لم يكن لدى المؤسسة هذه النواة العاملة، فبالإمكان طلب الاستشارة من خبراء الذكاء الاصطناعي لقراءة وتقديم الواقع الحالي للمؤسسة، وبناء خطط إدخال أدوات ونماذج الذكاء الاصطناعي حسب طبيعة المؤسسة.

الخطوات العملية:

  • تشكيل فريق متعدد الوظائف يضم أعضاء من أقسام مختلفة من المؤسسة، والأفضل أن يتنوع بين المحتوى والتقنية وأدوار المؤسسة الأخرى.
  • العصف الذهني وتبادل الأفكار من خلال التركيز على استخدام الأدوات المتوفرة في نماذج الذكاء الاصطناعي.
  • تجربة بعض الأدوات والنماذج، وتقييم مدى الاستفادة منها.
  • صياغة النموذج الأولي الذي تم التوصل إليه بالتجارب لخدمة أهداف المؤسسة.
  • تطوير خريطة طريق للتنفيذ تشمل الموارد التي ستحتاجها المؤسسة، وكيف سيتم تطبيقها.

تحديد التحديات التي تواجهها المؤسسة

ربما السؤال الأهم للمؤسسات: لماذا نُدخل الذكاء الاصطناعي إلى مؤسستنا؟ هل الموضوع عبارة عن ترند تكنولوجي لا بد من استخدامه؟ أم هو فعلا حاجة مهمة للمؤسسة تختصر الوقت والجهد والموارد، وتقدم جودة أعلى في الكثير من مفاصل العمل؟

والجواب عن هذه الأسئلة يتمثل بتحديد التساؤلات العملية الخاصة بالمؤسسة، مثل:

  • ما التحديات التي تواجهها المؤسسة في مراحلها المختلفة؟
  • كيف تؤثر هذه التحديات على مسار العمل؟
  • هل يمكن فعلا أن يقدم الذكاء الاصطناعي حلولا عملية لهذه التحديات؟
  • ما الحلول التي سيقدمها الذكاء الاصطناعي لمواجهة هذه التحديات؟
  • كيف ستنعكس هذه الحلول المطورة بالذكاء الاصطناعي على عملنا؟
  • هل ستختصر علينا هذه الحلول الجهد والوقت والموارد؟
  • هل سننتقل بهذه الحلول إلى جودة أعلى في مخرجات الشركة؟

وهذه الأسئلة وغيرها ستجعل المؤسسة تقف بوضوح على حجم التحديات التي تواجهها، وستدرك ما الذي يمكن أن يقدمه الذكاء الاصطناعي لمعالجة هذه التحديات.

ثلاثية المؤسسات في العمل والذكاء الاصطناعي

بعد استعراض حجم التحديات وكيف يمكن الوصول إليها وفق التساؤلات أعلاه، تأتي مرحلة “تحديد الاحتياجات الحقيقية من أدوات الذكاء الاصطناعي”. ولكي يكون هذا التحديد عمليا، فلا بد من استعراض آلية عملية تمر بها معظم المؤسسات بثلاثية واضحة المعالم، تتحدد فيها المدخلات والمعالجة والمخرجات.

الأولى: المدخلات، وتمثل كل ما يرتبط بالرصد والجمع والتحقق والبيانات الأولية.

الثانية: المعالجة، وتمثل كل ما يرتبط بصياغة المحتوى الخبري ومعالجته وإعداد التقارير والخطط.

الثالثة: المخرجات، وتمثل كل ما يرتبط بالنشر والتوزيع والتقييم.

نماذج من المواقع المزورة بالذكاء الاصطناعي وفق موقع برس غازيت
البعض استغل الذكاء الاصطناعي لإنشاء مواقع مزورة (برس غازيت)

وهذه المراحل الثلاث، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد فيها بشكل كبير جدا، وهي آلية لا تختلف فيها المؤسسات كثيرا باختلاف أنواعها، إذ إن فلسفة العمل واحدة في كل قطاعات العمل تقريبا، من حيث وجود مدخلات ومعالجات ومخرجات.

ولو تأملنا نموذجا متنوعا يضم 5 أنواع من المؤسسات، لتبيّن لنا بوضوح وجود اتفاق جوهري في فلسفة العمل، بغض النظر عن آلياته، وجميعها يدخل الذكاء الاصطناعي في المراحل الثلاث آنفة الذكر بشكل جوهري، ومثال ذلك:

  • غرف الأخبار والمؤسسات الصحفية.
  • مؤسسات المجتمع المدني.
  • المؤسسات التجارية.
  • المؤسسات العلمية/البحثية.
  • المؤسسات الإغاثية والقطاع الثالث.
  1. المدخلات، تمثل المواد الأولية أو المعلومات الخام التي تعتمد عليها المؤسسة في بناء عملياتها، ودور الذكاء الاصطناعي في المدخلات سيتركز على:
  • الجمع الآلي للمعلومات.
  • تحليل البيانات الأولية.
  • تلخيص النصوص الطويلة.
  • التعرف على الأنماط والاحتياجات

2. المعالجة، وتمثل مرحلة تحويل المدخلات إلى منتج أو قرار أو محتوى ذي قيمة، ودور الذكاء الاصطناعي فيها سيتمثل في:

  • إنتاج محتوى نصي أو بصري آلي.
  • اقتراح حلول/قرارات بناء على بيانات.
  • إعداد جداول ورسوم بيانية احترافية.
  • الترجمة، التدقيق، التصنيف.

3- المخرجات، وتمثل النتيجة النهائية الموجهة للجمهور أو العملاء أو المانحين أو صناع القرار، ويتمثل دور الذكاء الاصطناعي في:

  • تصميم المنشورات باحترافية عالية.
  • توليد فيديوهات وصور بالذكاء الاصطناعي.
  • تحليل مدى التأثير والتفاعل.
  • التوصية بمحتوى أو قرارات لاحقة.

التدريب والتوعية المستمرة

بعد تحديد الاحتياجات وآليات إدخال وتفعيل الذكاء الاصطناعي، يبقى إدراك أن التحديات ليست تقنية فقط، بل بشرية أيضا، ومرتبطة بردود فعل الكوادر داخل المؤسسة.

فقبول الموظفين لهذا التحول يشكل شرطا أساسيا لنجاح أي خطة، وأي رفض أو تخوف داخلي قد يُعطل التنفيذ مهما كانت الخريطة واضحة، وهو ما نصطلح عليه بمعوّقات التنفيذ الداخلي.

ولذلك، فإن المؤسسة التي قررت إدخال الذكاء الاصطناعي ضمن عملها ستجابَه غالبا بردود فعل مختلفة، وأهم هذه الردود هي المرتبطة برفض العديد من الكوادر التغيير، وهذا ما لمسته بشكل مباشر من صحفيين مميزين في مجال عملهم لكنهم خائفون جدا من أن يأخذ هذا التطور القادم أدوارهم، أو يقلص تأثيرهم.

وبرأيي تعود أسباب هذا الرفض الداخلي لكوادر المؤسسة إلى العديد من التخوفات، أهمها:

  • عدم إدراك مفهوم الذكاء الاصطناعي.
  • عدم فهم ماذا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدم فعلا في مجال العمل.
  • التخوف من “الإشاعات الدولية” بخصوص استبدال الآلة بالبشر.
  • عدم إدراك أن نماذج الذكاء الاصطناعي إنما هي مساعدة وليست بديلة.
Vancouver, CANADA - Feb 6 2023 : Website of Artifact (artifact.news) seen in iPhone. Artifact is personalized news feed app powered by AI, by Instagram co-founders Kevin Systrom and Mike Krieger
مديرة ياهو نيوز: الاستحواذ على تطبيق “Artifact” سهّل عملية تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي بغرفة الأخبار (شترستوك)

وهنا يأتي دور التدريب والتوعية المستمرة لكوادر المؤسسة لحل كل الإشكاليات، سواء منها التي يتعلق بأصل المفهوم، أو التخوفات، مرورا بإتقان الأدوات والنماذج، وانتهاء بالتطوير المستمر.

ويأخذ التدريب في المؤسسات أشكالا عدة، أبسطها الدورات النظرية، وأعلاها الممارسة العملية وكسر كل حواجز إدخال هذا الزائر المقيم إلى مفاصل العمل.

ونتيجة إنشاء وتكوين الوعي الكامل بالذكاء الاصطناعي، يسير عمل المؤسسة باتساق وبالشكل الأفضل بما ينعكس على تطوير العمل مستقبلا.

التغذية والتقييم المستمر

المتابع للتطور السريع في نماذج الذكاء الاصطناعي يجد مثالا حيا على أن هذا القطاع ما زال في بداياته. ولهذا، ومع تسارع تطور هذه النماذج، على المؤسسات وغرف الأخبار أن تدرك أن ما وصلت إليه لا يمثل النهاية في هذا المجال.

فالأمر بحاجة إلى مراجعة مستمرة وتغذية راجعة من قبل كل جمهور المؤسسة، سواء كان جمهورا داخليا يمثل الكوادر، أو جمهورا خارجيا يقيم ويتفاعل بطرق مختلفة، أو حتى عملاء مرتبطين بالمؤسسة.

وستجعل هذه التغذية الراجعة المؤسسة على قدم التطور المستمر، رغم إدراكها بوضوح أن ليس كل ما يظهر في هذا المجال يمكن أن يكون مفيدا لها.

دليل المؤسسة والسياسة التحريرية

لأن أحد أهم ميزات نماذج الذكاء الاصطناعي هي “توليد المحتوى” فهذا يعني أن هذه النماذج ستعمل إما على توليد محتوى غير متسق مع سياسة المؤسسة أو تبدأ ببعض “الهلوسات” لهذا من الضروري أن يكون لكل مؤسسة دليل بالمصطلحات الخاص بها أو سياسة تحريرية تتبعها عن التعامل مع هذه الأدوات.

ويتم تلقيم هذه السياسة أو الدليل للنماذج التي سيتم اعتمادها داخل المؤسسة، وبالتالي سيكون المحتوى المولد متسقا تماما مع سياسة المؤسسة.

التعاون مع الخبراء والمؤسسات

الانفتاح نحو التعاون بين المؤسسات من خلال الاستعانة بالخبرات المشتركة، أو حتى الاستفادة من خبرات المدربين بهذا المجال يُعد محورا مهما يجب ألا يُغفل. فهو أحيانا يكون من أبرز المتطلبات النجاح، لأن المؤسسات ستواجه تحديات وستقدم حلولا مشتركة، وهذا ما يختصر الوقت والجهد والموارد بشكل كبير.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من نحن

“نحن في موقع نيوز عربي نولي اهتمامًا كبيرًا بتجربة المستخدم، حيث يتم تحسين المحتوى والعروض الترويجية بناءً على تحليلات دقيقة لاحتياجات الزوار، مما يسهم في تقديم تجربة تصفح سلسة ومخصصة.”

البريد الالكتروني: [email protected]

رقم الهاتف: +5-784-8894-678