وأعلن الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أن دولة فلسطين توصلت إلى اتفاق مع السلطات اللبنانية يقضي بتسليم السلاح الموجود داخل المخيمات للجيش اللبناني على سبيل “الوديعة”.
مخرجات
وجاءت هذه الخطوة تنفيذا لمخرجات القمة اللبنانية الفلسطينية التي عقدت يوم 21 مايو/أيار الجاري وجمعت الرئيس اللبناني جوزيف عون بنظيره الفلسطيني محمود عباس، والتي أكدت “سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها ومبدأ حصرية السلاح”.
كما أنها جاءت استكمالا لمداولات لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني برئاسة رئيس الحكومة نواف سلام في الـ23 من الشهر ذاته، والتي أفضت إلى وضع آلية تنفيذية وجدول زمني واضح لمعالجة ملف السلاح الفلسطيني.
ويأتي تسليم السلاح في ظل جدل واسع حول مستقبل الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان وسط ترقب لانعكاسات هذه الخطوة على المخيمات الفلسطينية وجوارها، خاصة مع استمرار رفض بعض الفصائل تسليم أسلحتها بعدما تعثرت المرحلة الأولى التي حددت في منتصف يونيو/حزيران الماضي وتشمل مخيمات بيروت الثلاثة: برج البراجنة ومار إلياس وشاتيلا.
وأوضح قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب، للجزيرة نت، أن السلاح الذي تم تسليمه هو الذي دخل إلى برج البراجنة بطرق غير شرعية قبل 48 ساعة فقط.
وكشف أن المستودع الذي ضبط فيه السلاح يعود إلى مسؤول عسكري مفصول من الأمن الوطني، وأنه احتوى على رشاشات ثقيلة من نوع “دوشكا” وصواريخ عيار 107 وصواريخ “شامل”، إلى جانب 3 مدافع “بي 10” وكميات من الذخائر.
وأضاف أبو عرب أن الدولة اللبنانية طالبت باستلامه، وأن التسليم تم بتنسيق كامل بين الجانبين، مؤكدا أننا “نلتزم بقرار القيادة السياسية الفلسطينية العليا”. ووجّه رسالة إلى اللبنانيين قائلا “نحن والشعب اللبناني جسد واحد، وغايتنا المشتركة هي الحفاظ على أمن المخيمات واستقرارها”.

مرحلة أولى
بدوره، أكد رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني السفير رامز دمشقية للجزيرة نت أن ما جرى لم يكن نتيجة تنسيق مسبق مع الفصائل الفلسطينية كافة، بل اقتصر على حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) كون الخطوة مرتبطة بسلاحها وسلاح السلطة الفلسطينية.
وأضاف أن ما حدث يشكّل المرحلة الأولى من مسار متكامل لنزع السلاح الفلسطيني “غير الشرعي”، على أن تتبعه خطوات لاحقة وبوتيرة سريعة تشمل مختلف المخيمات، في إشارة إلى تقسيم العملية إلى 3 مراحل تمتد من بيروت والشمال ثم الجنوب اللبناني.
ووصف دمشقية الخطوة بـ”الممتازة”، موضحا أن المرحلة الأولى بدأت أمس الخميس من مخيم برج البراجنة، حيث تم تسليم دفعة أولى من الأسلحة إلى الجيش اللبناني، ومن المقرر أن تستكمل العملية خلال الأسابيع المقبلة عبر تسلّم دفعات إضافية في هذا المخيم وسائر المخيمات الفلسطينية.
في المقابل، أصدرت الفصائل الفلسطينية في لبنان -التي تضم تحالف القوى الفلسطينية وعلى رأسه حركتا المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي، والجبهتان الشعبية والديمقراطية- بيانا أكدت فيه أن “ما يجري داخل برج البراجنة شأن تنظيمي داخلي يخص حركة فتح وحدها، ولا يمت بصلة إلى ملف السلاح الفلسطيني في المخيمات”.
وأضاف البيان “إننا في الفصائل الفلسطينية في لبنان، إذ نؤكد حرصنا على أمن واستقرار مخيماتنا وجوارها، نعيد التشديد على التزامنا بالقوانين اللبنانية واحترام سيادة الدولة ومؤسساتها، ونؤكد في الوقت نفسه أن سلاحنا سيبقى مرتبطا بالقضية الفلسطينية وحق العودة، ولن يستخدم إلا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، إلى أن ينال شعبنا حريته ويقيم دولته المستقلة على أرضه”.
هناك شكوك حول نجاح أي #اتفاق لبناني مع #الرئيس_عباس بخصوص نزع سلاح #المخيمات_الفلسطينية، لأن قوى فلسطينية ترفض تمثيله لها، وتطلب أن تتعامل #السلطة_اللبنانية معها مباشرة بهذا الخصوص. pic.twitter.com/OyE38lZXAC
— نيوز عربي للدراسات (@AJStudies) May 29, 2025
شأن داخلي
من جانبه، قال المسؤول الإعلامي لحركة حماس في لبنان وليد كيلاني، للجزيرة نت، إن ما جرى في برج البراجنة يندرج ضمن الشؤون الداخلية لحركة فتح أو القضايا الفصائلية.
وأوضح أن “الخلاف نشأ بين أحد قيادات فتح المفصولة مؤخرا، التي كانت بحوزتها مجموعة من الأسلحة اعتبرت قيادات الحركة، من بينها اللواء صبحي أبو عرب، أنها غير شرعية، وقد دخلت إلى المخيم قبل 48 ساعة من تسليمها”، وأكد “هذه هي الوقائع”.
وشدد كيلاني على أن الحديث عن معارضة الفصائل الفلسطينية لتسليم السلاح لم يرد على لسان أي منها، موضحا “نحن تحدثنا عن تنظيم وضبط السلاح في المخيمات، وهناك لجنة مخصصة لهذا الموضوع هي لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، التي تتولى كل القضايا المتعلقة بالشأن الفلسطيني، ومسألة السلاح يجب أن تُطرح في مكانها الصحيح، أي على طاولة هذه اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء”.
وأشار إلى أن اللجنة برئاسة دمشقية التي تضم جميع الفصائل الفلسطينية الرئيسية، تناقش أي قضية تخص الشأن الفلسطيني، مؤكدا “من الطبيعي أن نصل إلى تفاهمات وقواسم مشتركة كما حصل سابقا في موضوع السلاح خارج المخيمات والمواقع، حيث تم تسليمه بروح تفاهم كاملة ودون أي مشاكل”.
وتضم خريطة القوى الفلسطينية في لبنان:
- أولا: منظمة التحرير الفلسطينية وتشمل حركة فتح، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وجبهة التحرير الفلسطينية، وحزب الشعب الفلسطيني، وجبهة النضال الشعبي، وجبهة التحرير العربية، والجبهة العربية الفلسطينية، وحزب “فدا”، وحركة الانتفاضة الفلسطينية، وقد انشق مسؤلوها عن “فتح الانتفاضة”.
- ثانيا: تحالف القوى الفلسطينية: يضم 8 تنظيمات فلسطينية تشمل حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وجبهة التحرير الفلسطينية، وحركة “فتح الانتفاضة”، ومنظمة طلائع حرب التحرير الشعبية “الصاعقة”، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين “القيادة العامة”، وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، والحزب الشيوعي الثوري الفلسطيني.
- ثالثا: القوى الإسلامية وتضم “عصبة الأنصار”، والحركة الإسلامية المجاهدة.
- رابعا: تنظيم “أنصار الله”، وهو فلسطيني إسلامي مستقل، لم ينضو تحت سقف المنظمة ولا التحالف أو القوى الإسلامية.
- خامسا: قوى متنوعة تضم التيار الإصلاحي الديمقراطي في حركة فتح، وحزب التحرير الإسلامي، وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش)، والناشطين الإسلاميين الذين شكلوا مجموعات كثيرة منها “عصبة النور” و”جند الشام” و”فتح الإسلام” و”تجمع الشباب المسلم”.
تُعدّ منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها، وفي لبنان تم تشكيل هيئة العمل الفلسطيني المشترك برعاية رئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل نبيه بري بوصفها إطارا جامعا لكل هذه القوى لمتابعة أوضاع المخيمات السياسية والأمنية والخدماتية.