توصل فريق دولي من الباحثين إلى أن المبيدات الحشرية، مبيدات الأعشاب، والمواد الكيميائية الزراعية الأخرى تعد من بين الأسباب الرئيسية لتراجع أعداد الحشرات في جميع أنحاء العالم. وأظهرت الدراسة التي نُشرت في دورية “ساينس” أن أعداد الحشرات تنخفض بمعدل 2-3% سنويًا.
في هذه الدراسة، قام الباحثون بتعريض يرقات ذبابة الفاكهة لأكثر من ألف جزيء كيميائي موجود داخل مكتبة مختبر البيولوجيا الجزيئية الأوروبي. ووجدوا أن 57% من المواد الكيميائية التي تم اختبارها تسببت في تغيير سلوك يرقات ذبابة الفاكهة بشكل كبير، حتى عند تعرضها لجرعات صغيرة تعتبر غير قاتلة.
وأوضح المؤلف الرئيسي للدراسة، لاوتارو جاندارا، أن هذه النتائج أظهرت أن التعرض لجرعات منخفضة جدًا من المواد الكيميائية يمكن أن يؤدي إلى تغييرات كبيرة في العمليات الفسيولوجية التي تتحكم في نمو وسلوك اليرقات.

وأضاف جاندارا في تصريحاته للجزيرة نت أن الفريق البحثي قام بفحص تأثير ارتفاع درجات الحرارة على التغييرات التي طرأت على سلوك يرقات ذبابة الفاكهة، حيث قاموا بمحاكاة الاتجاهات المرتبطة بالاحتباس الحراري العالمي. بدأت التجربة بزيادة تدريجية في درجة حرارة بيئة النمو من 25 إلى 29 درجة مئوية، وعند هذه الدرجة العالية، لاحظوا تأثيرًا أكثر وضوحًا على اليرقات.
وأوضح جاندارا: “قمنا أيضًا بخلط بعض المواد الكيميائية المحمولة جواً التي تعتبر شائعة في البيئة بجرعات ذات صلة بيئية، ثم عرضنا اليرقات لهذه المواد منذ فقسها. ووجدنا أن التأثير كان أقوى بكثير، بما في ذلك انخفاض بنسبة 60% في معدلات وضع البيض وظهور سلوكيات أخرى مثل الانحناء”.
الانحناء القاتل هو سلوك يظهر عندما تثني اليرقات أجسادها بشكل مفرط، وهو ما قد يشير إلى الإجهاد أو التعرض للسمية. وأضاف جاندارا: “قد يبدو الانحناء غير مهم على السطح، لكن حتى التغييرات الصغيرة في السلوك قد تؤثر على اللياقة البدنية لليرقات إذا أثرت سلبًا على التغذية والتزاوج والهجرة”. وعلى الرغم من أن العلماء لم يتمكنوا من تحديد السبب الدقيق للانحناء، إلا أنهم ربطوه بتأثيرات سلبية أخرى مثل انخفاض معدلات وضع البيض. وهذا يعني أن اليرقات قد تمضي وقتًا طويلاً في الانحناء بدلاً من الأكل، ما يهدد بقاءها.
وأوضح جاندارا أيضًا أن الحشرات تلعب دورًا حيويًا على كوكب الأرض، حتى تلك التي تُعتبر آفات، حيث تساهم في تلقيح النباتات التي نستهلكها وتعد جزءًا أساسيًا من شبكة الغذاء. وأضاف أن الدراسة تسلط الضوء على تأثير المواد الكيميائية على سلوك الحشرات، مؤكداً أن الكميات الصغيرة من بعض المواد الكيميائية يمكن أن تحدث تأثيرات كبيرة.
وتأتي هذه الدراسة في وقت حساس، مع انعقاد المؤتمر الأممي “كوب 16” للتنوع البيولوجي في كولومبيا، والذي يشارك فيه أكثر من 15 ألف مشارك من جميع أنحاء العالم. يهدف المؤتمر إلى مناقشة كيفية الحفاظ على التنوع البيولوجي في كوكب الأرض، مع التركيز على الإطار الزمني لوقف فقدان التنوع البيولوجي بحلول عام 2030.