إسرائيل وتدمير التراث الثقافي الفلسطيني: حرب خفية ضد الهوية
نيوز عربي – في إطار عملياتها العسكرية المستمرة، تشن إسرائيل حروبًا خفية موازية لعمليات القتل والتدمير المعلنة، حيث يستهدف الجيش الإسرائيلي المعالم الأثرية والتاريخية في قطاع غزة، في محاولة ممنهجة لإبادة الهوية الثقافية الفلسطينية العريقة، كما ورد في تقرير “المرصد” بتاريخ 14 أبريل 2024.
تدمير المعالم الثقافية: استهداف للهوية الفلسطينية
في خطوة مفاجئة، شملت عمليات التخريب الإسرائيلية عشرات المواقع التاريخية والدينية في قطاع غزة، حيث تعرضت المساجد، الكنائس، المتاحف، المراكز الثقافية، والمكتبات العامة لأضرار جسيمة، تحوّل خلالها العديد من هذه المعالم إلى ركام. وتعد هذه العملية واحدة من أوسع محاولات التدمير للإرث الثقافي الفلسطيني والإنساني، ما يعكس سعيًا لتصفية الهوية الثقافية للمدينة.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور حمود الدهدار، مدير دائرة المواقع والتنقيب في وزارة السياحة والآثار، أن مدينة غزة تعتبر واحدة من أقدم وأهم المدن في العالم، حيث تعود جذورها إلى العصر الكنعاني. وأشار الدهدار إلى أن غزة تضم أكثر من 70% من المعالم الأثرية في قطاع غزة، وقد تضرر 316 موقعًا تاريخيًا وتراثيًا جراء الحرب الإسرائيلية.
دمار متحف قصر الباشا والمساجد التاريخية
من أبرز المعالم التي دُمّرت بشكل كامل خلال الهجوم الإسرائيلي هي 11 مسجدًا تاريخيًا من أصل 14، بالإضافة إلى تدمير متحف قصر الباشا. كان هذا المتحف يضم قطعًا أثرية تعود إلى الشعب الفلسطيني والعصور التي سبقت العهد العثماني، وهو واحد من أهم المتاحف في القطاع. وقال الدهدار إن عمليات بحث جارية لاستخراج القطع الأثرية التي كانت موجودة في المتحف، والتي بلغ عددها أكثر من 70 ألف قطعة.
وقد أوضحت ناريمان خلة، مديرة متحف قصر الباشا، أن القصر كان يمثل جزءًا من تاريخ غزة، حيث يعود تاريخه إلى نهاية الدولة المملوكية وبداية الدولة العثمانية. وكان المتحف يضم قطعًا أثرية من العصور اليونانية والبيزنطية والرومانية وغيرها، قبل أن يدمره الاحتلال خلال توغله في حي الدرج شرقي غزة أواخر عام 2023.
محاولات الاحتلال لتزييف التاريخ الفلسطيني
وأكد الكاتب والروائي يسري الغول أن تدمير المكونات الثقافية في غزة يمثل محاولة إسرائيلية لتزييف الوعي التاريخي للفلسطينيين، وإنكار وجودهم وهويتهم على هذه الأرض.
الجرائم المستمرة: مخلفات الحروب
فيما يخص الجرائم المستمرة من الحروب، تناول “المرصد” في قصته الثانية الخطر المستمر للألغام والمخلفات الحربية. على الرغم من مرور نصف قرن على نهاية حرب فيتنام، لا تزال آثار هذه الحرب تتسبب في موت وتشوه المدنيين بسبب الألغام والمواد الكيميائية التي تم استخدامها خلالها. وبمناسبة اليوم الدولي للتوعية بمخاطر الألغام، حذرت الأمم المتحدة من أن حوالي 100 مليون شخص حول العالم ما زالوا مهددين بخطر الألغام والمخلفات الحربية.
وفي دول مثل لبنان وأفغانستان، حيث زرعت إسرائيل ملايين القنابل العنقودية، تظل الألغام قاتلًا صامتًا يتربص بالمدنيين، وخصوصًا الأطفال، مما يؤدي إلى حالات وفاة وإعاقات لا تعد ولا تحصى.