الولايات المتحدة وحملة تفكيك المليشيات الموالية لإيران في العراق
على مدار ما يقرب من عقدين، حاولت الولايات المتحدة تفكيك المليشيات الموالية لإيران في العراق، حيث استخدم كل من الديمقراطيين والجمهوريين في البيت الأبيض استراتيجيات مختلفة لتحقيق هذا الهدف، لكن النتائج كانت متباينة، تعكس التغيرات في السياسات الأميركية.
تعكس هذه المحاولات الأوسع لمواجهة النفوذ الإيراني بعد الغزو الأميركي للعراق، وكان لها تداعيات على العلاقة بين الحكومة العراقية وواشنطن، التي شهدت صعودًا وهبوطًا في ردود فعلها.
مشروع القانون “تحرير العراق من إيران”
في تطور حديث، تقدم النائبان الجمهوريان، جو ويلسون وجيمي بانيتا، بمشروع قانون إلى الكونغرس الأميركي تحت عنوان “قانون تحرير العراق من إيران”، والذي يهدف إلى دعم الشعب العراقي في طرد النفوذ الإيراني من بلاده. يركز المشروع على تفكيك المليشيات المدعومة من إيران، مع تعزيز هذه الخطوة عبر إيقاف المساعدات الأمنية الأميركية إلى العراق، وتقديم الدعم للمجتمع المدني العراقي، فضلًا عن مساعدة النشطاء المناهضين للوجود الإيراني.
ويشمل المشروع أيضًا تصنيف المليشيات الموالية لإيران كمنظمات إرهابية، وفرض عقوبات على قادتها وأصولها المالية. كما يحظر على العراق استيراد الغاز الإيراني، وهو ما يُعتبر خطوة نحو تجفيف منابع تمويل هذه المليشيات.
خلفية صعود المليشيات الموالية لإيران
جاء صعود المليشيات المدعومة من إيران في العراق بعد الغزو الأميركي في 2003، الذي أسفر عن فراغ أمني كبير، خاصة بعد قرار الحاكم الأميركي بول بريمر بحل الجيش العراقي. هذا الفراغ استغلته إيران من خلال إنشاء ودعم المليشيات الشيعية التي قاتلت ضد نظام صدام حسين، مستفيدة من المنافع الاقتصادية والنفوذ السياسي الذي تحقق من دعمها لهذه الجماعات.
محاولات سابقة لتفكيك المليشيات
محاولات الولايات المتحدة لتفكيك المليشيات بدأت منذ 2003، لكنها اصطدمت بواقع محلي معقد. في البداية، عملت المليشيات على مقاومة القوات الأميركية، لكن مع تحالف واشنطن مع هذه الجماعات ضد تنظيم “داعش”، باتت الأمور أكثر تعقيدًا. وبالنظر إلى التطورات السياسية في العراق، استمرت المليشيات في تعزيز قوتها العسكرية، بل أصبحت جزءًا من النظام السياسي من خلال دمجها في القوات المسلحة العراقية.
نقد مشروع “تحرير العراق من إيران”
من الجوانب المثيرة للجدل في المشروع الأميركي هو عدم فهم العلاقة المعقدة بين المليشيات وإيران، فإيقاف المساعدات الأمنية للعراق قد يعزز قوة هذه المليشيات، التي تُعد أقوى من الجيش العراقي. كما أن دعم المجتمع المدني قد يؤدي إلى مواجهات سياسية، حيث سيتهم العراقيون هذه المنظمات بالعمالة للولايات المتحدة. في الوقت ذاته، فشل مشروع القانون في دعم حقيقي للثوار العراقيين، كما حصل في ثورة تشرين، حيث استطاعت المليشيات اختراق صفوف المحتجين وإخماد الثورة.
هل سيحرر مشروع القانون العراق من النفوذ الإيراني؟
بالرغم من العقوبات المفروضة على المليشيات، فإن قدرة أميركا على “تحرير العراق” من النفوذ الإيراني تبقى موضع تساؤل، خاصة في ظل السياسة العراقية الداخلية المعقدة والتنوع العرقي والديني في البلاد. فحتى إذا نجحت الولايات المتحدة في تطبيق هذا القانون، يبقى السؤال الأساسي: من سيستطيع إدارة العراق بعد الغزو الأميركي؟ ستكون الإجابة على هذا السؤال جزءًا من التحديات التي تواجه السياسة الأميركية في المنطقة.
خاتمة
يتبقى أن ننتظر كيف ستتعامل الحكومة الأميركية مع مشروع القانون “تحرير العراق من إيران”، وهل سيواجه ردود فعل دبلوماسية فعالة من الحكومة العراقية أو من المليشيات المدعومة من إيران.