ويهدف الاتفاق إلى دعم العودة المؤقتة ولمّ شمل العائلات وتعزيز الروابط الاقتصادية والاجتماعية مع الداخل السوري، لكنه طرح تساؤلات بشأن شموليته، خاصة مع استثناء السوريين المقيمين في تركيا، مما أثار ردود فعل متباينة بين المغتربين.
ووفق مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية مازن علوش، فإن الاتفاق جاء بعد جهود متواصلة لتسهيل عودة السوريين إلى وطنهم وتعزيز ارتباطهم به.
تفاصيل الاتفاق
وأوضح علوش للجزيرة نت أن التعليمات الجديدة تشمل السوريين المقيمين في مختلف دول العالم باستثناء تركيا ممن يحملون جنسية أخرى أو إقامة سارية المفعول ويرغبون بالقدوم إلى سوريا عبر الأراضي التركية، وتشمل تفاصيل الاتفاق:
- الفئات المستهدفة: السوريون المغتربون خارج تركيا الحاملون لجنسية أخرى أو إقامة سارية.
- البالغون: ويُسمح لهم بالدخول بشرط امتلاكهم جواز سفر سوريا حتى لو كان منتهي الصلاحية، إلى جانب جواز السفر الأجنبي.
- الأطفال دون 18 عاما: يُسمح لأبناء المغتربين الذين لا يملكون جوازا سوريا بالدخول بجواز سفرهم الأجنبي فقط.
- المعابر المشمولة: تشمل معابر كسب وباب الهوى والحمام والسلامة والراعي وجرابلس.
- السيارات الخاصة: تتيح الآلية الجديدة دخول السيارات الخاصة عبر المعابر بعد تسديد الرسوم المحددة، مع الالتزام بفترة الإقامة المسموح بها.
وكشف علوش عن وعود تركية بتوسيع التسهيلات لتشمل حاملي بطاقة الحماية المؤقتة (الكملك) وحاملي الإقامة التركية المتزوجين من مواطنين أتراك، إضافة إلى موظفي الحكومة السورية، مؤكدا أن الهيئة ستواصل عملها لتوفير التسهيلات اللازمة للسوريين المغتربين لضمان بقاء صلتهم بوطنهم قوية ودائمة.
ورغم سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون أول 2024 فإن سوريا تواجه تحديات كبيرة تحول دون جعل العودة الدائمة خيارا جذابا للكثيرين، ولا سيما حالة الدمار الواسع النطاق ونقص السكن وارتفاع تكاليف المعيشة وغياب البنية التحتية الكافية تجعل العودة صعبة.
وهذه العوامل تدفع العديد من السوريين -خاصة في تركيا- لتفضيل البقاء حيث اندمجوا في المجتمع عبر الزواج والتجارة أو الحصول على الجنسية.
قيود وتحديات
ويواجه السوريون في تركيا -والذين يُقدّر عددهم بنحو 2.5 مليون- تحت نظام الحماية المؤقتة قيودا إدارية صارمة، وتؤدي العودة الطوعية الدائمة إلى إلغاء بطاقة “الكملك” (بطاقة الحماية المؤقتة)، مما يمنعهم من العودة إلى تركيا إلا بعد تقييم فردي.
أما الزيارات المؤقتة التي سمح بها منذ يناير/كانون ثاني 2025 وبمعدل 3 مرات حتى يوليو/تموز من العام نفسه فتخضع لشروط معقدة تشمل تقديم طلب إلكتروني، والعودة من نفس المعبر، وتعطيل الكملك أثناء الإقامة في سوريا.
كما تواجه هذه الفئة تحديات إدارية كتحديث الوثائق أو تسجيل الأوضاع المدنية، مع حالات رفض إعادة الدخول إلى تركيا بسبب مشكلات إدارية.
وعبّر المواطن السوري المقيم مع عائلته في بريطانيا منذ سنوات عبد الملك الأخرس عن فرحته الكبيرة بهذا القرار، وقال إنه سيساهم بإنهاء البيروقراطية والقيود التي تواجه السوريين.
وأضاف الأخرس للجزيرة نت أنه حاول العودة إلى سوريا عبر معبر باب الهوى خلال العام الماضي، لكنه واجه مشكلات لوجستية كبيرة، وقال إن أولاده كانوا ملتحقين بالمدارس في لندن، وقد اضطر إلى البقاء في سوريا 50 يوما حتى حصل على موافقة الخروج من الجانب التركي، مما تسبب في دفع غرامات كبيرة للمدارس بسبب غياب أبنائه لأيام عنها.
أما أحمد محمود -وهو سوري مقيم في إسطنبول تحت نظام الحماية المؤقتة- فلم يخف حزنه العميق لاستثناء السوريين في تركيا من الاتفاق.
وقال محمود للجزيرة نت “كنت آمل أن يشملني القرار لزيارة عائلتي في حلب، لكن القيود المفروضة على حاملي الكملك تجعل العودة المؤقتة مغامرة محفوفة بالمخاطر، ونخشى فقدان إقامتنا القانونية إذا غادرنا تركيا، مما يعني خسارة استقرارنا هنا”.
وأضاف أن الإجراءات الإدارية المعقدة تجعل الزيارات المؤقتة صعبة، خاصة مع عدم وضوح الوعود التركية بتوسيع التسهيلات.

لا عراقيل
من جهته، أوضح رئيس بيت الإعلاميين العرب ومستشار شركة “تركسات” التركية في الشرق الأوسط جلال ديمير أن ما جرى تداوله بشأن الاتفاقية قد نُشر أحيانا بشكل غير دقيق أو من طرف واحد، وربما أسهمت الترجمة في حدوث سوء فهم لدى البعض.
وأكد ديمير في تصريح للجزيرة نت أن بيانات وزارة الداخلية التركية وعدد من المحافظات أوضحت أن الاتفاق يشمل جميع السوريين دون استثناء، سواء المقيمين في تركيا أو خارجها، وبغض النظر عن حملهم جنسية أخرى، بما في ذلك الجنسية التركية.
وبيّن أن تركيا لا تضع عراقيل أمام عودة السوريين، بل تدعم هذا الخيار كحق طبيعي، مشيرا إلى مبادرات محلية مثل مراكز دعم العودة الطوعية في غازي عنتاب التي توفر النقل والاحتياجات الأساسية.
لكنه أشار إلى غياب خطة وطنية شاملة للعودة، مع وجود تحديات إدارية مثل مشكلات الوثائق والتسجيل لبعض الحالات الفردية.
ووصف ديمير العلاقات السورية التركية بالعميقة، مؤكدا أن تركيا تعتبر سوريا حليفة، وأن المخاوف من عدم العودة إلى تركيا بعد زيارة سوريا غير دقيقة، متوقعا تسهيلات إضافية مستقبلا بفضل العلاقات المتينة بين الشعبين.
يذكر أن وزارة الداخلية التركية كانت قد أعلنت الخميس الماضي أن 411 ألفا و649 لاجئا سوريا عادوا إلى بلادهم منذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي.