تشير جمعية القلب الأمريكية إلى أن معظم البالغين يستهلكون يوميا ما يقارب 3400 ملغ من الصوديوم، وهو معدل يفوق بكثير الحد الأقصى الموصى به البالغ 2300 ملغ. أما الفئات الأكثر عرضة للخطر، مثل مرضى الضغط والقلب، فتوصي الجمعية بألا يتجاوز استهلاكهم 1500 ملغ يوميا فقط.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsend of list
لكن يبقى السؤال الذي يطرحه كثيرون: هل يعني تقليل الملح أن يفقد الطعام مذاقه الشهي؟
الإجابة: ليس بالضرورة، فقد شهدت السنوات الأخيرة نموا متزايدا في سوق بدائل الملح، التي تقدم حلولا صحية تساعد في تقليل استهلاك الصوديوم دون التنازل عن النكهة.
كيف تعمل بدائل الملح؟
تعتمد أغلب بدائل الملح التجارية على كلوريد البوتاسيوم بدلا من كلوريد الصوديوم، مما يمنحها طعما قريبا من الملوحة التقليدية، إلى جانب فوائد إضافية لصحة القلب والأوعية الدموية.
أظهرت الأبحاث أن استخدام هذه البدائل يسهم في خفض ضغط الدم بشكل ملموس. ففي عام 2021، نشرت مجلة “نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن” دراسة واسعة أوضحت أن استبدال الملح التقليدي ببدائل غنية بالبوتاسيوم أدى إلى انخفاض معدلات السكتة الدماغية والأزمات القلبية والوفيات.
كما أكدت دراسة أخرى نشرت عام 2022 في مجلة “هارت” الطبية أن بدائل الملح تقلل ضغط الدم الانقباضي بمقدار 4 إلى 6 ملم زئبقي والانبساطي بمقدار 2 ملم زئبقي. ورغم أن هذا التحسن يبدو بسيطا، إلا أن أثره على المدى الطويل كبير في تقليل مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية.
ليست خالية من المخاطر
في المقابل، ورغم الفوائد العديدة، فإن بدائل الملح لا تناسب الجميع، بل قد تمثل خطرا حقيقيا على بعض الفئات. أهم هذه المخاطر هو زيادة بوتاسيوم الدم، حيث يؤدي الإفراط في استهلاك البوتاسيوم إلى ارتفاع مستوياته في الدم إلى حد خطير قد يسبب اضطرابا في ضربات القلب أو حتى توقفها.
أشارت “هارفارد هيلث” إلى أن هذه البدائل قد تشكل خطرا على مرضى الكلى أو أولئك الذين يتناولون أدوية معينة مثل مدرات البول أو مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE inhibitors) أو مثبطات مستقبلات الأنجيوتنسين “إيه آر بي إس” (ARBS)، إذ تزيد من احتمال الإصابة بفرط بوتاسيوم الدم الذي قد يهدد الحياة.
إضافة إلى ذلك، قد يواجه بعض الأشخاص تحديات أخرى مثل الطعم المعدني أو المر الذي يتركه البوتاسيوم في الفم، وهو ما يقلل من تقبلهم لهذه المنتجات. ووفق تقارير “مايو كلينك”، فإن بعض المستخدمين قد يعانون أيضا من اضطرابات هضمية طفيفة مثل الانتفاخ أو الغثيان عند استخدام بدائل الملح الغنية بالبوتاسيوم.
لهذا السبب، تبقى الاستشارة الطبية ضرورية قبل اعتماد هذه البدائل في النظام الغذائي.

بدائل طبيعية بلا مخاطر
بعيدا عن البدائل المصنعة، تقدم لنا الطبيعة خيارات آمنة وصحية يمكن أن تعوض عن الملح التقليدي، مع فوائد إضافية للصحة:
- الحمضيات والخل: يمنح عصير الليمون أو قشر البرتقال الأطعمة لمسة منعشة، بينما يضفي خل التفاح أو خل البلسميك طعما لاذعا يُبرز النكهة ويقلل الحاجة للملح. كما أن مركبات مثل الهسبيريدين والإريوسيترين في الحمضيات تساعد على توسيع الأوعية وخفض ضغط الدم، في حين يحسن حمض الأسيتيك في الخل الهضم ويوازن سكر الدم.
- الأعشاب الطازجة والمجففة: يضيف الزعتر والأوريغانو وإكليل الجبل، والمريمية والريحان والبقدونس والنعناع والشبت طعما للطعام، وتحتوي على مضادات أكسدة ومركبات مضادة للالتهابات. وتشير بعض الدراسات إلى أن الكزبرة والريحان الحلو والمريمية قد تساعد أيضا في خفض ضغط الدم.
- الطحالب البحرية: مثل النوري والواكامي، وهي غنية بالبوتاسيوم وقليلة الصوديوم، وتمنح الأطعمة نكهة آسيوية مميزة. كما تحتوي على ألياف تساعد الجسم في التخلص من الصوديوم الزائد عبر البول، مما يدعم توازن ضغط الدم ويقلل احتباس السوائل.
- التوابل: يضيف الفلفل الأسود والكركم والكاري، والبابريكا والقرفة والزنجبيل والهيل والزعفران نكهات مميزة، وتحتوي على مركبات طبيعية مضادة للالتهابات قد تساعد أيضا في خفض ضغط الدم.
- الخميرة الغذائية: تستخدم بشكل خاص في الأطباق النباتية، وتمنح نكهة شبيهة بالجبن. كما أنها غنية بفيتامينات بي ومضادات الأكسدة، وتعد خيارا صحيا يُغني عن الجبن التقليدي ويمنح الطعام قيمة غذائية إضافية.
- الثوم والبصل: مكونات أساسية لا تضيف فقط نكهة غنية، بل فوائد صحية مثبتة. فالثوم يحتوي على مركبات توسع الأوعية وتخفض ضغط الدم، في حين يوفر البصل مضاد الأكسدة كيرسيتين الذي يحسن وظائف الأوعية الدموية. كما أن البصل المكرمل يطلق سكريات طبيعية تعزز المذاق، في حين يمنح البصل الأخضر والثوم المعمر لمسة منعشة للسَّلطات.

التوازن هو الحل!
يمكن لبدائل الملح -سواء كانت صناعية أو طبيعية- أن تمنح نكهة غنية وتساعد في حماية القلب والأوعية الدموية، لكنها ليست حلا سحريا للجميع. فبعضها يحمل مخاطر تتطلب إشرافا طبيا، خصوصا لدى مرضى الكلى والقلب.
ولتقليل الاعتماد على الملح بطرق آمنة، يُنصح بـ:
- تقليل استهلاك الأغذية المصنعة الجاهزة، الغنية بالصوديوم.
- الاعتماد على الطهي المنزلي مع إضافة الأعشاب والتوابل لتعزيز الطعم.
- استخدام الحمضيات والخل والطحالب البحرية لإبراز النكهات الطبيعية.
وفي النهاية، يبقى الاعتدال والتوازن هما المفتاح: تقليل استهلاك الملح وبدائله مع اعتماد أسلوب حياة صحي متكامل يضمن الجمع بين المذاق الشهي وصحة الجسم على المدى الطويل.