• Home  
  • “تجميل الفقر”.. غياب مؤشر الفقر النقدي يثير الجدل في مصر
- أبعاد - اقتصاد - مصر

“تجميل الفقر”.. غياب مؤشر الفقر النقدي يثير الجدل في مصر

القاهرة – كم يبلغ عدد الفقراء في مصر؟ سؤال معلّق بلا إجابة رسمية منذ 5 أعوام، بعد أن غاب (بحث الدخل والإنفاق) عن إصدارات جهاز الإحصاء، وهو المصدر الأساسي لقياس الفقر وخطوطه، تاركًا الساحة لتقديرات غير رسمية ومؤسسات دولية تملأ الفراغ بأرقامها. وفقًا لآخر بيانات رسمية (2019 /2020)، صُنّف نحو 3 من كل 10 مصريين […]

"تجميل الفقر".. غياب مؤشر الفقر النقدي يثير الجدل في مصر | اقتصاد

القاهرة – كم يبلغ عدد الفقراء في مصر؟ سؤال معلّق بلا إجابة رسمية منذ 5 أعوام، بعد أن غاب (بحث الدخل والإنفاق) عن إصدارات جهاز الإحصاء، وهو المصدر الأساسي لقياس الفقر وخطوطه، تاركًا الساحة لتقديرات غير رسمية ومؤسسات دولية تملأ الفراغ بأرقامها.

وفقًا لآخر بيانات رسمية (2019 /2020)، صُنّف نحو 3 من كل 10 مصريين فقراء، لكن محللين يشيرون إلى أن الضغوط الاقتصادية اللاحقة –من جائحة كورونا إلى تداعيات الحرب الأوكرانية– رفعت العدد كثيرا، حتى أصبح نحو 60% من المصريين على خط الفقر أو قريبين منه.

تعتزم الحكومة المصرية إعلان نتائج بحث الدخل والإنفاق لعام 2023 /2024 في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، إلا أن الجدل يتجدد في توجه الحكومة إلى الاعتماد على مؤشر الفقر متعدد الأبعاد بديلاً من المؤشر النقدي التقليدي.

رد الحكومة

ردًا على ما يُثار بشأن غياب نتائج بحث الدخل والإنفاق طوال السنوات الخمس الماضية، أوضح الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن المؤشرات الخاصة ببحث 2019 /2020 قد جرى نشرها فعلا، كما تم الإعلان في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 عن نتائج مؤشر الفقر متعدد الأبعاد المستخلصة من بحث 2021 /2022.

ورغم أن بحث الدخل والإنفاق 2019 /2020 سجّل نسبة فقر بلغت 29.7%، فإن تقرير 2021 /2022 أظهر عبر “مؤشر الفقر متعدد الأبعاد” تراجعًا مفاجئًا إلى 21.2% فقط، ما يثير تساؤلات جدية عن مدى دقة هذه الأرقام.

فخلال الفترة الفاصلة لم تشهد مصر أي تحسن اقتصادي يُذكر، بل تعرضت لسلسلة من الأزمات الحادة، بدءًا من جائحة كورونا، مرورا بالحرب الروسية الأوكرانية، وصولًا إلى قرارات متكررة بتحرير سعر الصرف ورفع الدعم عن الوقود والكهرباء والغاز.

كل ذلك يعزز الشكوك بأن هذا التراجع المعلن لا يعكس الواقع المعيشي، بقدر ما يبدو أقرب إلى محاولة “تجميل للأرقام” أكثر منه توصيفًا حقيقيا لأوضاع المصريين، وفق مراقبين.

ما مؤشر الفقر متعدد الأبعاد؟

مؤشر الفقر متعدد الأبعاد هو أول دليل وطني من نوعه، وقد أُعد بالتعاون بين جهات محلية ودولية، ويتضمن 19 مؤشرًا، تغطي 7 أبعاد رئيسية:

أُعد المؤشر بالتعاون بين الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ووزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي والجهات الوطنية المعنية، وبدعم من لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، ومبادرة أكسفورد للتنمية البشرية ومكافحة الفقر.

ومؤشر الفقر النقدي هو أداة لقياس نسبة السكان غير القادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية، بتحديد “خط الفقر”، أي الحد الأدنى من الدخل أو الإنفاق اللازم لتأمين الغذاء والمسكن والملبس والخدمات الأساسية.

ويُعتبر هذا المؤشر الأكثر مباشرة في قياس القدرة الشرائية للأسر.

أما مؤشر الفقر متعدد الأبعاد، فرغم أنه يسلط الضوء على جوانب أخرى مثل التعليم والصحة والسكن والخدمات، فإنه لا يعكس بدقة ما إذا كان دخل الأسر يغطي تكاليف المعيشة المتزايدة، لذلك يرى الخبراء أن المؤشر النقدي يظل الأكثر وضوحا في تشخيص حجم الفقر الحقيقي في مصر.

ارتفاع مستوى رصد الفقر في عالمٍ سريع التغير: خط الفقر الخاص بالبنك الدولي البالغ 6.85 دولارات

ما الهدف من مؤشر الفقر الجديد؟

تقول الحكومة إن من أبرز أهداف مؤشر الفقر متعدد الأبعاد أنه صُمم ليكون أداة إرشادية لصنّاع السياسات العامة، بحيث يساعد في تحديد الفئات الأكثر عرضة للمخاطر التي ينبغي أن تستهدفها برامج الحد من الفقر.

ويُتوقع أن يساهم في تحسين آليات توجيه المعونات الغذائية والتحويلات النقدية، بما يضمن أكبر قدر من الفعالية والكفاءة في برامج الحماية الاجتماعية.

سؤال برلماني

وجه النائب فريدي البياضي، عضو مجلس النواب، سؤالاً برلمانيًا للحكومة بشأن حذف مؤشر الفقر النقدي لأول مرة من نتائج بحث الدخل والإنفاق عام 2021 /2022، والاكتفاء بمؤشر “الفقر متعدد الأبعاد”.

وقال البياضي، عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، في تعليق لـ (نيوز عربي)، إنه تقدّم بسؤال برلماني إلى الحكومة عمّا وصفه بـ”التلاعب بمؤشرات الفقر”، بعد أن توقفت عن نشر التقرير السنوي لمؤشر الفقر النقدي لثلاث سنوات متتالية، ثم أعادت نشر بحث الدخل والإنفاق لعام 2021 /2022 بعد حذف هذا المؤشر الذي اعتُمد عقودا عدة”.

وأوضح البياضي أن الحكومة اكتفت بالإعلان عن مؤشر “الفقر متعدد الأبعاد”، وهو مهم في تقييم أوضاع التعليم والصحة والسكن والخدمات، لكنه لا يمكن أن يكون بديلاً من المؤشر النقدي الذي يعكس بوضوح قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية من طعام وشراب وملبس ومسكن.

مخالفة دستورية وتجميل أرقام الفقر

أكد عضو مجلس النواب أن استبعاد المؤشر النقدي يمثل “محاولة لإخفاء الواقع عن المواطنين وصناع القرار”، واعتبر أن هذا التوجه يتعارض بوضوح مع الدستور، الذي يكفل حق المواطن في الحصول على المعلومات، ويلزم الدولة بوضع سياسات واقعية للحد من الفقر، ويؤكد تحقيق العدالة الاجتماعية.

وأضاف: “التلاعب في الأرقام قد يزيّن التقارير الرسمية، لكنه لا يخدع بطون الجائعين، ولا يمحو معاناة المصريين الذين يواجهون الفقر بموائد فارغة ووجوه مكشوفة”.

الفقر متعدد الأبعاد يكشف جوانب أخرى مثل التعليم والصحة والسكن والخدمات (نيوز عربي)

ما شكل مؤشر الفقر المرتقب؟

أكدت أستاذة الإحصاء بجامعة القاهرة ومستشار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، هبة الليثي أن مؤشر الفقر متعدد الأبعاد لا يمكن أن يكون بديلاً من مؤشر الفقر النقدي، بل يشكلان معًا أدوات مكملة، ولا يصح الاعتماد على أحدهما دون الآخر.

وقالت لـ (نيوز عربي)، إن “أهداف التنمية المستدامة تقوم على القضاء على الفقر بجميع أشكاله، مشيرة إلى أن المؤشر الأساسي المعتمد عالميا هو مؤشر الفقر النقدي، ومن ثم فإن الاكتفاء بالمؤشر متعدد الأبعاد لا يعكس الصورة الكاملة”.

وأوضحت الليثي أن الاكتفاء بنشر الجزء المتعلق بالفقر متعدد الأبعاد من بحث الدخل والإنفاق لعام 2021 /2022، من دون نشر النتائج الكاملة، يرجع لأسباب أو ضغوط لم تفصح عنها الحكومة.

وشددت الليثي على أن مؤشر الفقر النقدي يظل ركيزة أساسية لفهم الواقع المعيشي، مؤكدة أن البحث الجديد للدخل والإنفاق المقرر صدوره في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل يجب أن يتضمن المؤشرين معًا، لأنهما متكاملان ولا يغني أحدهما عن الآخر.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من نحن

“نحن في موقع نيوز عربي نولي اهتمامًا كبيرًا بتجربة المستخدم، حيث يتم تحسين المحتوى والعروض الترويجية بناءً على تحليلات دقيقة لاحتياجات الزوار، مما يسهم في تقديم تجربة تصفح سلسة ومخصصة.”

البريد الالكتروني: [email protected]

رقم الهاتف: +5-784-8894-678