فوضى في قطاع تكوين المبصاريين بالمغرب
وجه المستشار البرلماني عن فريق الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، خالد السطي، سؤالًا كتابيًا إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، بشأن ما وصفه بـ”حالة الفوضى” التي يعيشها قطاع تكوين المبصاريين. وأكد خطورة تفشي ظاهرة بيع الشهادات والدبلومات المهنية دون احترام المعايير العلمية.
مخاطر مباشرة على صحة المواطنين
أوضح السطي أن الرأي العام، سواء المهني أو الوطني، يتابع بقلق هذه التجاوزات داخل مؤسسات التكوين المهني الخاصة. إذ تُصدر هذه المؤسسات شهادات مهنية دون الالتزام بالشروط العلمية المطلوبة، مما يشكل خطرًا مباشرًا على صحة المواطنين وبصرهم.
انتشار بيع الشهادات وتكوين عشوائي
في السياق ذاته، كشف نعمان الشرقاوي، الكاتب العام للنقابة المهنية الوطنية للمبصاريين بالمغرب، في حوار مع جريدة “نيوز عربي”، عن أزمة حادة تهدد قطاع البصريات. وتتمثل هذه الأزمة، حسب قوله، في فوضى التكوين المهني، وانتشار بيع الشهادات، إضافة إلى تجاهل الوزارة للمشاكل المتراكمة. وعليه، حذر من إفلاس مهني يهدد مستقبل المبصاريين بالمغرب.
غياب الرقابة وامتحانات التخرج الموحدة
من جهة أخرى، أشار المستشار البرلماني إلى رفض النقابة المهنية لهذا الوضع، محذرًا من انعكاساته السلبية على مصداقية المهنة وصحة المواطنين. ويرجع السبب في ذلك إلى دخول أشخاص غير مؤهلين إلى القطاع، خاصة في ظل غياب رقابة فعلية، وعدم وجود امتحانات موحدة للتخرج.
تأخر تفعيل قانون حماية المهنة
علاوة على ذلك، استنكر السطي عدم تفعيل القانون رقم 45.13، المتعلق بمزاولة مهن الترويض والتأهيل الوظيفي. وبيّن أن تأخر صدور المرسوم التطبيقي، رغم مرور سنوات على إقراره، أبقى مهنة المبصاريين دون حماية قانونية كافية، مما سمح باستمرار ممارسات غير مشروعة.
مطالب بإجراءات صارمة وتقييم العرض التكويني
في المقابل، طالب السطي وزير الصحة باتخاذ إجراءات صارمة لوضع حد لظاهرة بيع الشهادات. كما دعا إلى فتح تحقيق رسمي عاجل، وتقييم مدى ملاءمة العرض التكويني الحالي لحاجيات سوق الشغل. إضافة إلى ذلك، شدد على ضرورة الحد من منح التراخيص الجديدة لمؤسسات التكوين، نظراً لتشبع القطاع.
أدلة قضائية ومؤسسات ما زالت تشتغل
مع ذلك، أشار الشرقاوي إلى أن النقابة قامت بمراسلات عديدة للجهات المعنية بشأن ظاهرة بيع الدبلومات، دون استجابة فعلية. لكن، بفضل التنسيق مع السلطات القضائية، تم جمع أدلة أفضت إلى الحكم على مدير إحدى المؤسسات بتسعة أشهر حبسًا، تم تخفيضها إلى ستة أشهر في الاستئناف. رغم ذلك، لا تزال المؤسسة المعنية تواصل تقديم التكوين في المجال نفسه.
ثغرات قانونية تتيح التكوين دون تأهيل
من جهة ثانية، حمّل الشرقاوي الوزارة المسؤولية الأولى عن هذه الفوضى. وأوضح أن القانون رقم 13.00 المنظم للتكوين المهني الخاص لا يُلزم المؤسسات بالحصول على “التأهيل” أو “الاعتماد”، بل يكتفي بـ”الترخيص”، وهو الإجراء الأسهل. وبالتالي، تخرج العديد من المدارس بصريين مرخصين دون توفر تكوين حقيقي مؤهل.
دعوة لوقف التكوين المهني في البصريات
وفي هذا الصدد، أكد الشرقاوي أن الحصول على “التأهيل” يفرض التزام المؤسسات بمعايير واضحة تشمل المواد الدراسية، كفاءة الأساتذة، والمعدات التقنية. وبما أن هذه المعايير غير ملزمة قانونيًا، تركز العديد من المؤسسات على الربح فقط. لذلك، دعت النقابة إلى وقف التكوين المهني في مجال البصريات، مع التركيز على التعليم العالي لتوحيد شروط الولوج للمهنة، وفرض امتحان وطني موحد.
امتحان موحد غائب رغم الإجماع المهني
وفي الختام، انتقد الشرقاوي غياب أرضية قانونية لامتحان موحد، رغم اقتناع الفرق البرلمانية والمهنيين بضرورته. كما أشار إلى تناقض الوزارة، التي تمنح المزيد من التراخيص لمؤسسات التكوين، بينما تعترف في الوقت نفسه بعدم توفرها على الموارد البشرية الكافية لمراقبة هذه المؤسسات.