• Home  
  • بحيرة غامضة تظهر بصحراء مصر.. بين التفسير الرسمي والتأويل الشعبي
- مصر

بحيرة غامضة تظهر بصحراء مصر.. بين التفسير الرسمي والتأويل الشعبي

Published On 15/9/20 القاهرة – شهدت منطقة البهنسا التابعة لمحافظة المنيا جنوبي مصر، خلال الأيام الماضية ظاهرة نادرة أثارت اهتمام السكان والمسؤولين وخبراء الجيولوجيا، بعد ظهور بحيرة كبيرة بشكل مفاجئ في قلب الصحراء الغربية، مما جعلها محط أنظار ومثار جدل متزايد حول طبيعتها وأسباب نشأتها. وأثار ظهور “بحيرة البهنسا” في صحراء قرية البهنسا، بمركز بني […]

بحيرة غامضة تظهر بصحراء مصر.. بين التفسير الرسمي والتأويل الشعبي

القاهرة – شهدت منطقة البهنسا التابعة لمحافظة المنيا جنوبي مصر، خلال الأيام الماضية ظاهرة نادرة أثارت اهتمام السكان والمسؤولين وخبراء الجيولوجيا، بعد ظهور بحيرة كبيرة بشكل مفاجئ في قلب الصحراء الغربية، مما جعلها محط أنظار ومثار جدل متزايد حول طبيعتها وأسباب نشأتها.

وأثار ظهور “بحيرة البهنسا” في صحراء قرية البهنسا، بمركز بني مزار شمال المنيا في صعيد مصر، تساؤلات عدة حول ما إذا كانت ناجمة عن نشاط جيولوجي أو تسربات مياه أو حتى عوامل مناخية، لكن محافظة المنيا حسمت الجدل في بيان رسمي، أوضحت فيه أن ما ظهر ليس سوى تجمع مائي في منخفض طبيعي.

اقرأ أيضا

list of 4 itemsend of list

وأكدت المحافظة أن الجهات المختصة سحبت عينات لفحصها، لتظهر النتائج أن المياه مصدرها تسريبات جيولوجية طبيعية وليست نتيجة تدخل بشري.

وأشارت النتائج إلى ارتفاع نسبة الملوحة بشكل كبير، مما جعل مياه البحيرة الناشئة غير صالحة للشرب أو الزراعة، ورغم تأكيد المحافظة أن البحيرة لا تمثل خطورة مباشرة، فقد شددت على أن التعامل معها قد يشكل خطرا على سكان المنطقة، محذرة من استخدامها.

محاجر قديمة وراء التجمعات

وفي إطار متابعة الظاهرة، انتقلت لجنة علمية مكونة من مسؤولين بمعاهد بحوث المياه والصرف، إضافة إلى خبراء من المعامل المركزية للرصد البيئي ومديريتي الري والمياه الجوفية بالمنيا، إلى موقع البحيرة.

وأكدت اللجنة أن المنطقة تحتوي على تجمعين مائيين ناتجين عن محاجر قديمة منخفضة يتراوح عمقها بين 10 و15 مترا، وأن المياه تجمعت بفعل تسربات طبيعية.

وأظهرت التحاليل ارتفاعا كبيرا في نسبة الأملاح، إذ بلغت 9 آلاف جزء في المليون بأحد المواقع، و20 ألفا في موقع آخر، مما يجعل المياه غير قابلة للاستخدام في أي نشاط بشري.

وكشف أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي أن بحيرة البهنسا ليست جديدة، بل تعود نشأتها إلى عام 2016.

وأوضح شراقي أن الاهتمام المتزايد بالبحيرة يعود إلى اتساعها التدريجي وزيادة كمية المياه بها لتقترب من 3 ملايين متر مكعب، مؤكدا أنها ليست الوحيدة في المنطقة، حيث تنتشر بحيرات مشابهة على طول الطريق الصحراوي.

وفي تصريحات خاصة للجزيرة نت، عزا شراقي ظهور البحيرة إلى النشاط الزراعي المتزايد بالصحراء، حيث قام بعض السكان بحفر آبار جوفية ومد خطوط أنابيب لسحب المياه من إحدى الترع، مما أدى إلى توسع المساحات المزروعة مقارنة بما كانت عليه عام 2016.

وأضاف أن التربة الرملية في هذه المناطق ساهمت في تسرب المياه بسرعة نحو المنخفضات، لاسيما المحاجر القديمة التي تحولت إلى أحواض عميقة يصل عمق بعضها إلى 8 أمتار، ومع مرور الوقت وتوسع الزراعة، زادت كمية المياه المنصرفة لتشكل البحيرة الحالية، وفق تقديره.

ظهور بحيرة كبيرة في قلب الصحراء الغربية في مصر
ظهور البحيرة المفاجئ أثار خوفا لدى السكان (الصحافة المصرية)

“بحيرة الموت” تخيف الأهالي

وعن سبب القلق الشعبي، أوضح شراقي أن الأهالي ظلوا يتعاملون مع البحيرة على أنها بركة سطحية، قبل أن تتسبب في مأساة بعد غرق أحد الأشخاص الذي حاول السباحة فيها رغم عدم إجادته لذلك، مما دفع البعض لإطلاق اسم “بحيرة الموت” عليها.

وأشار إلى أن أساطير محلية انتشرت حول البحيرة، إذ يرى البعض أنها تشبه “البقيع” في المدينة المنورة لوجود مقابر أولياء صالحين بجوارها، في حين يصفها آخرون بـ”المسحورة”.

وشدد شراقي على ضرورة تنظيم عمليات الري والزراعة لتفادي تسرب كميات كبيرة من المياه إلى المنخفضات، لافتا إلى أن ترشيد استخدام المياه الجوفية يتيح الاستفادة منها بشكل أفضل، خصوصا أن بعض المزارعين يزيدون كميات الري في محاولة للتقليل من ملوحة التربة.

وفي السياق ذاته، أكد رئيس مركز معلومات تغير المناخ الدكتور محمد علي فهيم أن بحيرة البهنسا ليست ظاهرة جديدة ولا طارئة، بل عرفها السكان منذ سنوات نتيجة تجمع مياه الصرف الزراعي في المنخفضات.

وأشار فهيم في تصريحات للجزيرة نت إلى أن حجم المياه هذه المرة بدا أكبر، مما جعل البحيرة تبدو أكثر وضوحا، لكنه أكد أن عمقها ليس كبيرا وأنها ظاهرة طبيعية متكررة في مناطق صحراوية عدة.

منظر جوي لأبعاد البحيرة الغامضة (الصحافة المصرية)

من الظاهرة إلى الفرصة

ودعا فهيم إلى التعامل مع البحيرة كفرصة لا كأزمة، مقترحا استثمارها عبر إجراء رصد علمي دوري لمتابعة التغيرات في التجمع المائي، واستغلالها في تنشيط السياحة البيئية وتنظيم رحلات وجولات.

كما أشار إلى ضرورة توعية السكان بعدم استخدام المياه لعدم صلاحيتها للشرب أو الزراعة أو تربية المواشي، وتحويلها إلى مادة علمية للباحثين لفهم العلاقة بين المياه الجوفية والزراعة الصحراوية.

من جهته، حذر أستاذ الجغرافيا المتفرغ بجامعة المنيا الدكتور محمد البدري من التوسع المستمر لبحيرة البهنسا، لافتا إلى أنها تتزايد يوما بعد يوم وقد تمتد آثارها مع مرور الوقت إلى مساكن القرى والعزب المحيطة، مما يهدد استدامتها على المدى الطويل.

وأضاف أن أسلوب الري بالغمر، المنقول من تجربة وادي النيل والدلتا إلى مناطق الاستصلاح الزراعي الواقعة على خطوط كونتور مرتفعة، أسهم في ظهور هذه البرك، خاصة مع طبيعة التربة الرملية المفككة التي تسمح بتسرب المياه وذوبان الأملاح.

وأكد البدري أن مياه بحيرة البهنسا غير صالحة لأي استخدام، سواء للشرب أو الاستحمام، واصفا إياها بالخطرة والملوثة، ومرجعا ذلك إلى الإفراط في الري من دون مراعاة خصائص التربة أو الفروق في منسوب الأرض بين المناطق المستصلحة والأراضي القديمة.

ولم يستبعد البدري إمكانية الاستفادة الاقتصادية من هذه الظاهرة عبر زراعة نباتات من فصيلة المانغروف في هذه المساحات المغمورة، نظرا لقيمتها البيئية والاقتصادية.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من نحن

“نحن في موقع نيوز عربي نولي اهتمامًا كبيرًا بتجربة المستخدم، حيث يتم تحسين المحتوى والعروض الترويجية بناءً على تحليلات دقيقة لاحتياجات الزوار، مما يسهم في تقديم تجربة تصفح سلسة ومخصصة.”

البريد الالكتروني: [email protected]

رقم الهاتف: +5-784-8894-678