وبهذا الرقم، عززت المملكة موقعها كأكبر منتج إقليمي، واحتلت المرتبة الثانية أفريقيا خلف جنوب أفريقيا التي سجلت إنتاجا في حدود 599 ألفا و755 مركبة، في حين لم يتجاوز إنتاج الجزائر 30 ألفا و108 مركبات، بينما غابت مصر عن المشهد الصناعي بعدم تسجيل أي إنتاج خلال العام نفسه.
وسجل الإنتاج المغربي ارتفاعا بنسبة 5% مقارنة مع سنة 2023، وهو ما انعكس على تصنيف المملكة عالميا حيث ارتقت إلى المرتبة الـ23 ضمن كبار المنتجين، في وقت تراجع فيه إنتاج جنوب أفريقيا بنسبة مماثلة ليستقر في المركز العشرين.
هذا الأداء يكرس صورة المغرب كأحد أبرز مراكز التصنيع الواعدة، خصوصا مع توجهه المتسارع نحو إنتاج السيارات الكهربائية والهجينة، ما يعزز قدرته على الاستجابة للتحولات الكبرى في سوق التنقل المستدام.
ويعزى هذا النمو إلى جملة من العوامل المتكاملة، أبرزها البنية التحتية الصناعية المتطورة، سواء عبر المناطق الصناعية المتخصصة أو الموانئ والطرق والمطارات التي تتيح سهولة الربط بالأسواق الدولية. كما أن السياسات العمومية شجعت بقوة الاستثمار في القطاع، من خلال تحفيزات مالية وضريبية، واتفاقيات مع كبار المصنعين العالميين مثل “رونو” و”ستيلانتيس”.
إضافة إلى ذلك، يوفر الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة قربا مباشرا من السوق الأوروبية، ما يجعلها منصة مثالية للشركات العالمية الباحثة عن التكلفة التنافسية وسلاسة التصدير.
وتحول المغرب خلال السنوات الأخيرة إلى مركز صناعي إقليمي في قطاع السيارات، مستفيدا من شبكة اتفاقيات التجارة الحرة التي تربطه بأوروبا وأفريقيا وأمريكا، فضلا عن التحولات في سلاسل التوريد العالمية التي دفعت العديد من الشركات إلى نقل استثماراتها نحو أسواق أقل كلفة وأكثر استقرارا.
في المقابل، يواجه القطاع في جنوب أفريقيا تحديات متعددة، من بينها تباطؤ الطلب المحلي وتنامي المنافسة من السيارات الصينية منخفضة التكلفة، بالإضافة إلى تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على صادراتها، وهو ما أضعف قدرتها التنافسية وأثر على مكانتها التقليدية كأكبر منتج بالقارة.
عالميا، واصلت الصين هيمنتها على صناعة السيارات بإنتاج قياسي بلغ 31 مليونا و281 ألفا و592 مركبة خلال 2024، مستفيدة من الطلب الداخلي القوي والتوسع الكبير في إنتاج السيارات الكهربائية. كما حافظت الولايات المتحدة واليابان على موقعهما ضمن الثلاثة الكبار، حيث شكلت الدول الثلاث مجتمعة نحو 54% من الإنتاج العالمي الذي بلغ 92 مليون مركبة.
في المقابل، جاءت صربيا في مؤخرة الترتيب بإنتاج 235 مركبة فقط، تلتها ميانمار بـ2,711 مركبة، ما يعكس التباين الكبير في قدرات الدول على دخول مجال التصنيع المعقد.
وتؤكد المؤشرات الحالية أن المغرب ماض في تعزيز موقعه كمحور صناعي رئيسي لصناعة السيارات على الصعيدين الإقليمي والدولي، خاصة مع انخراطه في مشاريع الطاقات المتجددة وتوطين صناعة البطاريات الكهربائية، ما يؤهله لاحتلال موقع متقدم في صناعة النقل المستدام خلال السنوات المقبلة.