في ظل التطورات المتسارعة في الشرق الأوسط، برزت تقارير إعلامية تشير إلى أن إسرائيل تسعى إلى تقسيم سوريا إلى “كانتونات” أو مقاطعات بهدف حماية حدودها الشمالية وتعزيز مصالحها الإقليمية. وفقًا لصحيفة “يسرائيل هيوم”، عُقد اجتماع سري رفيع المستوى لمجلس الوزراء الإسرائيلي، برئاسة وزير الدفاع يسرائيل كاتس، نوقش فيه اقتراح لعقد مؤتمر دولي يهدف إلى تقسيم سوريا إلى مناطق حكم ذاتي. يهدف هذا الاقتراح إلى ضمان أمن إسرائيل على حدودها الشمالية في ظل التغيرات الجيوسياسية في المنطقة.
الاجتماع السري، الذي حضره عدد محدود من المسؤولين، ركّز على المتغيرات في سوريا، مع التأكيد على مواقف القائد العام للإدارة السياسية الجديدة، أحمد الشرع. كما تم التطرق إلى المخاوف المتعلقة بسلامة وأمن الأقليتين الدرزية والكردية، واللتين تعتبران صديقتين لإسرائيل. وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، أوضح أن الهدف من هذا الاقتراح هو ضمان أمن حدود إسرائيل الشمالية والسماح لها بالدفاع عن نفسها بشكل فعال ضد التهديدات المحتملة من التنظيمات المسلحة في سوريا.
من جهة أخرى، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى تأكيدهم على ضرورة الحفاظ على وجود عسكري داخل الأراضي السورية بعمق 15 كيلومترًا، لضمان عدم تمكن حلفاء النظام الجديد من إطلاق صواريخ باتجاه مرتفعات الجولان. كما أشار هؤلاء المسؤولون إلى الحاجة إلى “منطقة نفوذ” تمتد 60 كيلومترًا داخل سوريا تحت سيطرة الاستخبارات الإسرائيلية لمراقبة ومنع التهديدات المحتملة.
في السياق ذاته، دعا الكاتب الإسرائيلي رامي سيمني إلى تقسيم سوريا إلى خمس دويلات، معتبرًا أن هذا التقسيم سيكون وسيلة لمواجهة التوسع التركي بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان وتعزيز المصالح الإسرائيلية. ويرى سيمني أن تفكيك سوريا سيخدم مصالح إسرائيل، حيث يمكن دعم الكانتونات المختلفة مثل الدروز والأكراد، مشيرًا إلى أن الأكراد يُنظر إليهم كحلفاء تاريخيين لإسرائيل، ودعم استقلالهم سيعزز الضغط على تركيا.
تأتي هذه التحركات الإسرائيلية في وقت تسعى فيه تل أبيب إلى تعزيز وجودها في المناطق الحدودية مع سوريا، حيث أعلنت عن خطط لاستثمار ملايين الدولارات بهدف مضاعفة عدد المستوطنين في مرتفعات الجولان السورية المحتلة. هذا التوجه يعكس استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى فرض واقع جديد على الأرض، مستغلةً الأوضاع المضطربة في سوريا لتحقيق أهدافها التوسعية.
الخطط الإسرائيلية لتقسيم سوريا تواجه انتقادات واسعة من قبل المجتمع الدولي، حيث تُعتبر انتهاكًا لسيادة الدولة السورية وتجاوزًا للقوانين الدولية. كما يُحذّر مراقبون من أن مثل هذه التحركات قد تؤدي إلى تصعيد التوترات في المنطقة وتفاقم الصراعات القائمة، مما يهدد الاستقرار الإقليمي برمته.