الأطعمة فائقة المعالجة: خطر صامت يهدد صحتك اليومية
أثناء تجوّلك في ممرات المتاجر أو السوبرماركت، لا بد أنك لاحظت انتشار مجموعة ضخمة من الأطعمة الجاهزة التي تغري بمذاقها وسهولة تحضيرها. تُعرف هذه المنتجات باسم “الأطعمة فائقة المعالجة”، وتشمل تشكيلة واسعة من الأطعمة التي أصبحت جزءاً أساسياً من النظام الغذائي اليومي لملايين الناس حول العالم.
من الحبوب إلى النقانق… القائمة تطول
تتنوع هذه الأطعمة ما بين حبوب الإفطار الجاهزة، الخبز الأبيض، البسكويت، الكعك، الحلويات، رقائق البطاطس، المشروبات الغازية، الوجبات المجمدة، والأطباق الجاهزة. وتشير الدراسات إلى أن هذه المنتجات تُشكّل ما يقارب 73% من إمدادات الغذاء، وأكثر من 60% من السعرات الحرارية اليومية لدى سكان الولايات المتحدة وحدها.
ورغم سهولة استهلاكها وشعبيتها، فإن الإفراط في تناولها يرتبط ارتباطاً وثيقاً بارتفاع خطر الإصابة بأمراض مزمنة وحتى الوفاة المبكرة، بحسب ما أكدته دراسات حديثة نشرتها منصات علمية مرموقة.
النقانق على رأس القائمة السوداء
وفقاً لتقارير صحية، تُعد اللحوم المصنعة، وبالأخص النقانق (السجق)، من بين أكثر الأطعمة ضرراً. فقد صنّفتها الوكالة الدولية لبحوث السرطان ضمن المواد المسببة للسرطان، خاصة سرطان القولون والمستقيم.
وفي هذا السياق، تقول نيكول أندروز، خبيرة التغذية المتخصصة في مساعدة مرضى السرطان:
“النقانق هي أول طعام قررت استبعاده من نظامي الغذائي بالكامل.”
ليست كل الأطعمة المعالجة ضارة… ولكن!
تشير الدراسات إلى أن الأطعمة فائقة المعالجة ليست جميعها بنفس الخطورة، إذ يحتوي بعضها على مكونات قد لا تخلو من فوائد غذائية، بينما يشكل بعضها الآخر تهديداً حقيقياً للصحة العامة.
وتؤكد أليس كالاهان، الكاتبة المتخصصة في شؤون الغذاء والصحة، أن معظم الحالات المرتبطة بأمراض القلب، السكري من النوع الثاني، السرطان، الخرف، وحتى القولون العصبي، قد يكون لها صلة وثيقة بتناول كميات كبيرة من هذه الأطعمة.
ماذا تعني “الأطعمة فائقة المعالجة”؟
بحسب جامعة كامبريدج البريطانية، فإن هذا النوع من الأطعمة يُعرّف على أنه:
“تركيبات صناعية تحتوي على القليل من الطعام الحقيقي أو لا تحتوي عليه نهائياً، وتعتمد على مواد حافظة، ألوان صناعية، نكهات، سكر مضاف، ملح، زيوت، ودهون مصنّعة لتحسين الطعم والشكل.”
الرسالة الأهم للقراء
رغم أن هذه الأطعمة تُسهّل حياتنا اليومية، إلا أن الاعتدال في استهلاكها، والتركيز على الأطعمة الطبيعية وغير المُصنّعة، هو الخيار الأفضل للحفاظ على صحة الجسد والعقل على المدى الطويل.

الأطعمة فائقة المعالجة: نتائج علمية جديدة تحذر من خطر يهدد الحياة
في السنوات الأخيرة، تسارعت وتيرة التحذيرات العلمية بشأن الأضرار العميقة التي قد تسببها الأطعمة فائقة المعالجة على الصحة العامة، إذ تؤكد دراسات متواترة أنها لا تؤدي فقط إلى زيادة الوزن، بل ترتبط كذلك بارتفاع خطر الإصابة بما لا يقل عن 32 حالة صحية خطيرة، أبرزها:
✔️ السرطان
✔️ السكري من النوع الثاني
✔️ أمراض القلب
✔️ السمنة
✔️ القلق والاكتئاب
✔️ الخرف
كما تشير الأدلة العلمية إلى أن هذه الأطعمة تؤدي إلى التهابات في الدماغ وتُضعف من استجابة الجسم للإنسولين، وتُحدث اختلالًا في توازن البكتيريا المفيدة داخل الأمعاء، مما يسهم في زيادة معدلات الالتهاب المزمن في جميع أنحاء الجسم.
هل هناك دليل قاطع؟
رغم كل هذه المؤشرات، تقول صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية إن بعض الدراسات لا تزال محدودة، إما بسبب صغر حجم العينة أو قصر مدة المتابعة أو عدم وضوح أسباب الوفاة بشكل دقيق.
دراسة هارفارد: 30 سنة من البحث تؤكد الخطر
في واحدة من أكبر الدراسات وأكثرها شمولًا، أجراها باحثون في كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد تي إتش تشان، وتناولت الحالة الصحية لـ نحو 115 ألف بالغ أميركي لا يعانون من أمراض مزمنة مسبقة، توصل الباحثون إلى أن تناول سبع حصص أو أكثر يوميًا من الأطعمة فائقة المعالجة، يزيد من خطر الوفاة:
-
بنسبة 4% لأي سبب
-
وبنسبة 8% بسبب أمراض تنكسية مثل الخرف ومرض باركنسون
وحددت الدراسة أكثر أنواع الأطعمة ارتباطًا بارتفاع معدلات الوفاة:
🔴 اللحوم المصنعة
🔴 المشروبات المحلاة صناعياً (مثل الصودا الدايت)
🔴 الحلويات المحتوية على منتجات الألبان
وحثّ البروفيسور مينغيانج سونج، المشرف على الدراسة، على تجنب أو تقليل استهلاك هذه الفئات تحديدًا، مؤكداً أن “ليست كل الأطعمة فائقة المعالجة متساوية في ضررها”، وأن بعض الأنواع مثل “الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة”، قد توفر فوائد غذائية مثل الألياف والمعادن.
دراسة “لانسيت”: خطر مباشر على القلب
وفي دراسة أخرى نُشرت بمجلة The Lancet الطبية، وشملت أكثر من 200 ألف بالغ أميركي، كشف الباحثون أن من يتناولون أكبر قدر من الأطعمة فائقة المعالجة معرضون بنسبة:
-
11% لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية
-
16% لأمراض القلب التاجية
-
مع ارتفاع بسيط في احتمالية الإصابة بالسكتة الدماغية
وعند دمج نتائج هذه الدراسة مع 19 دراسة إضافية شملت 1.25 مليون شخص، ارتفعت النسب لتصل إلى:
📌 17% خطر أكبر لأمراض القلب والأوعية الدموية
📌 23% لأمراض القلب التاجية
📌 9% للسكتة الدماغية

ليست كلها ضارة: بعض الأطعمة المعالجة أقل خطرًا
في إطار التعمق أكثر في فهم تأثير أنواع محددة من الأطعمة فائقة المعالجة، قام الباحثون في دراسة هارفارد أيضًا بتحليل الفروقات الدقيقة بين الفئات المختلفة لهذه الأطعمة، للوقوف على مدى ارتباطها بأمراض القلب والأوعية الدموية.
الأسوأ من بين الأسوأ
وبينما تم فحص 10 فئات رئيسية من الأطعمة فائقة المعالجة، تبين أن اثنتين منها ترتبطان بوضوح بمخاطر أكبر على صحة القلب:
🔴 اللحوم المصنعة والدواجن والأسماك
وتشمل: الهوت دوغ، النقانق، السلامي وغيرها من المنتجات المشابهة.
🔴 المشروبات المحلاة بالسكر
مثل: المشروبات الغازية والعصائر الصناعية ومشروبات الطاقة المحلاة.
وأكد الباحث كيني ميندوزا، من جامعة هارفارد تي إتش تشان والمشرف على الدراسة، أن “عندما تم استبعاد هاتين الفئتين من التحليل، اختفت معظم المخاطر الصحية المرتبطة باستهلاك الأطعمة فائقة المعالجة”.
مفاجأة في الطرف الآخر
في المقابل، كانت هناك بعض المفاجآت، إذ أن بعض أنواع الأطعمة فائقة المعالجة ارتبطت بانخفاض طفيف في خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ومنها:
✔️ حبوب الإفطار المدعّمة
✔️ الزبادي المُنكّه
✔️ الآيس كريم
✔️ الوجبات الخفيفة مثل الفشار والمقرمشات
رغم أنها مصنّفة كأطعمة معالجة، إلا أن الباحثين أشاروا إلى أن هذه الأصناف قد تحتوي على عناصر غذائية مفيدة، أو تكون منخفضة الضرر نسبيًا إذا تم استهلاكها باعتدال.
“نيوز عربي”: الاعتدال هو الأساس
تشير هذه النتائج المتقدمة إلى أن تصنيف “الأطعمة فائقة المعالجة” لا يجب أن يكون تعميميًا أو جامدًا، إذ يختلف التأثير الصحي من منتج لآخر، ويعتمد على التركيبة والمكونات، وكذلك نمط الحياة العام.
🔹 الابتعاد عن اللحوم المصنعة والمشروبات المحلاة يظل خطوة أساسية للوقاية.
🔹 وفي المقابل، يمكن استهلاك بعض المنتجات الأخرى بوعي، شرط ألا تحل محل الأطعمة الكاملة الطبيعية كالخضار والفواكه والبقوليات.