وأضافت أنه وبغض النظر عن حقيقة أن ميلي حليف قوي لإسرائيل، فهو لا يستطيع أن ينكر أن الأرجنتين -حتى الآن- طرف في نظام روما الأساسي، ومدرجة في المادة (23) من القانون 26200 في دستور البلاد. لذلك، يجب عليه احترام مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.
رفض شعبي
بدوره، يقول المحامي رودولفو يانزون، الذي شارك مع المحامي الفلسطيني راجي صوراني برفع دعوى قضائية ضد نتنياهو، للجزيرة نت، “في الأرجنتين، يتواجه دعم القضية الفلسطينية الواسع مع دعم الرئيس ميلي القوي لإسرائيل، لذا ينتقد المجتمع السياسي النشط هذه العلاقة بشدة”.
ويضيف يانزون “قُدمت أول شكوى ضد نتنياهو من قِبل منظمة حقوق الإنسان “أتس آي جي أوو إس”، ونقابة عمال القطاع العام”، كما شهدت بوينس آيرس -السبت الماضي- مظاهرة حاشدة احتجاجا على الزيارة المحتملة لنتنياهو”.
ويقول عضو قيادة حزب العمال الاشتراكي الموحد في الأرجنتين ريكاردو بروبيرزي، للجزيرة نت، إن حركة التضامن مع فلسطين تتزايد في الأرجنتين، لكن بصعوبة بالغة، بسبب وجود جالية يهودية قوية ومؤثرة.
رغم ذلك، يقول بروبيرزي إن حركة التضامن مع فلسطين تنمو وتتطور، لا سيما بين الشباب، عبر تشكيل “لجنة التضامن مع فلسطين، التي تضم معظم الأحزاب اليسارية، وقد شهدت هذه اللجنة حشدا متزايدا في الآونة الأخيرة”.
وشارك في مسيرة بوينس آيرس -حسب تيلدا رابي- أكثر من 10 آلاف شخص بقيادة ممثلين عن منظمات حقوق إنسان مختلفة، مثل حركة “أمهات ساحة مايو”، واتحادات اجتماعية، وطلاب، وجمعيات، ومثقفين محليين، ومتقاعدين، وفنانين، وأرجنتينيين من جميع الأعراق.
وتقول رابي إن المسيرات انطلقت متزامنة في أكثر من 14 مقاطعة بأنحاء الأرجنتين، وبنسب مشاركة متفاوتة. ولكن أيضا بشعارات مثل “لا لغزو غزة وإبادة شعبها”، و”لا لزيارة نتنياهو”، و”اقطعوا العلاقات مع إسرائيل”، و”لا لضم الضفة الغربية المحتلة”، و”فلسطين حرة من النهر إلى البحر”، و”عاشت مقاومة الشعب الفلسطيني”.
وأكدت رابي استمرار الفعاليات والأنشطة في مختلف المراكز الأكاديمية والفكرية والفنية، “وفي الإبداع من أجل فلسطين”.
ضد الإبادة
وأكد المحامي يانزون، أن أحزابا يسارية، وجزءا كبيرا من الحركة البيرونية (اشتراكية اعتنقت أفكار الرئيس خوان دومينغو بيرون)، ومنظمات حقوق الإنسان، والنقابات العمالية، والمنظمات الاجتماعية، بادروا بالاحتجاج على الإبادة الجماعية، ويطالبون بحقوق الشعب الفلسطيني، ويدعون لإنهاء الإفلات من العقاب، ولإخضاع نتنياهو لقرار المحكمة الجنائية الدولية أو للمحاكمة في الأرجنتين “كما طلبنا”.
في حين تقول رابي إن نحو 55% من سكان الأرجنتين يعارضون وقوع “الهجوم الإبادي” على غزة، فقد اتضح للشعب الأرجنتيني من هم أعداء الإنسانية الحقيقيون، رغم دعم حكومتهم لنتنياهو والولايات المتحدة.
وهذا يتجلى -حسب رابي- ليس فقط في القطاعات التي انضمت فعلا للجنة الأرجنتينية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بل أيضا في المشاركة بالأنشطة والفعاليات.
وتضيف “على سبيل المثال، نجحنا هنا في شن حملة واسعة النطاق ضد الاتفاقيات المزيفة مع شركة المياه الإسرائيلية (ميكوروت)، التي تسرق المياه من الفلسطينيين”.
وتم تأسيس هذه الحملة في المحافظات الأرجنتينية، حيث أدركت الجمعيات البيئية أن الضرر لا يقتصر على الشعب الفلسطيني فقط، فالإبادة الجماعية ليست قضية بعيدة، كما يريدوننا أن نصدق، بل هي مرتبطة بواقعنا هنا بالأرجنتين.
الرئيس الأرجنتيني حليف الصهاينة الذي زار إسرائيل واتهم المقاومة الفلسطينية بالإرهاب ووافق على نقل سفارته إلى القدس ، يتعرّض لهجوم من الأرجنتينيين ورجموه بالحجارة حتى لاذ بالفرار على خلفية فضائح سياسية pic.twitter.com/KCX6moTArW
— Dr.Sam Youssef Ph.D.,M.Sc.,DPT. (@drhossamsamy65) August 28, 2025
من جهتها، تقول الأكاديمية الأرجنتينية غراسييلا كامالي، للجزيرة نت، “نظمنا العديد من التحركات الشعبية للتنديد بالإبادة الجماعية وبدولة إسرائيل المجرمة وزيارة نتنياهو لبلادنا”.
وتضيف رفعنا شعاراتنا: “إسرائيل إرهابية ونسخة عن النازية ودولة قاتلة مجرمة على أرض فلسطين”، و”سنعود إلى فلسطين”، و”القدس عاصمة فلسطين”، و”نتنياهو قاتل ومجرم”، و”فلسطين حرة من النهر إلى البحر”.

ملاحقة قضائية
ويؤكد المحامي رودولفو يانزون، أنه تم تقديم عدة شكاوى في البرازيل، وأن القوانين الدولية والمحلية واضحة تماما، فالأرجنتين ملزَمة باعتقال نتنياهو إذا جاء، لأنها طرف في نظام روما الأساسي.
لكن -يضيف يانزون- “نعلم بتواطؤ الرئيس ميلي مع إسرائيل وجرائمها، ولكن يجب على المحكمة الفدرالية إصدار مذكرة اعتقال حال وصوله إذا تجرّأ على المجيء”. مضيفا “هذا ما نأمله، ولكن يجب أن نضع في اعتبارنا أيضا أنه من الصعب على القضاة معارضة شخصية نافذة (الرئيس)”.
ويتابع “أعمل لدعم القضية الفلسطينية منذ عدة سنوات، وأتواصل مع محامين من دول مختلفة، لقد قدمتُ شكوى قبل عامين نيابة عن بعض الناجين من مسيرة العودة الكبرى وعملية “الرصاص المصبوب” الإسرائيلية (العدوان الإسرائيلي عام 2008 على غزة)”.

يقول يانزون، على خلفية الشكاوى التي رفعناها والخطوات المشتركة من قبل منظمات أرجنتينية وفلسطينية، “كالعادة، اتهمونا بمعاداة السامية، وتم تهديدنا من منظمة غير حكومية إسرائيلية بالإبلاغ عنا بتهمة التعاون مع الإرهاب”.
وختم قائلا “هذا هراء كبير، وأود أن أقول لمن يدعمون الإبادة الجماعية، نحن نعلم أننا في صف الحق، صف الضحايا، صف المظلومين، صف القانون والإنسانية”.