كوالالمبور- تظاهر مئات النشطاء الماليزيين اليوم السبت ضد زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب نهاية الشهر القادم، وطالبوا الحكومة بالتراجع عن دعوة من وصفوه بمجرم حرب متورط بحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة، ومتجاوز للقوانين الدولية.
وانطلق المتظاهرون من أمام مطعم ماكدونالد في حي الأعمال (بوكيت بينتانغ)، حيث هتفوا بمقاطعة الشركات التي يتهمونها بدعم الاحتلال الإسرائيلي، ثم توجهوا إلى ساحة برجي بتروناس وسط كوالالمبور، وهم يهتفون ضد ما يعتبرونه رعاية أميركية كاملة لجرائم الإبادة الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، واتهموا واشنطن بالاستمرار في إمداد إسرائيل بالسلاح والمال والغطاء السياسي.
وحملت المسيرة شعار “ترامب – لا تأتي”، وكان لافتا أن أغلبية المشاركين من النساء والأطفال، إضافة إلى نشطاء وقادة مؤسسات ومنظمات معروفة بدعمها للقضية الفلسطينية، بعضها محسوب على الحكومة.
وكان رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم أكد قبول الرئيس ترامب الدعوة التي وجهها له للمشاركة في قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والدول التي ترتبط معها باتفاقيات شراكة وحوار، والمتوقع انعقادها في الأسبوع الأخير من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
تحد وازدراء
ويقول الناشط على وسائل التواصل الاجتماعي المعروف باسم “حكيم” إن دعوة ترامب لزيارة ماليزيا تحد لمشاعر الشعب الماليزي، لأن ترامب، برأيه، مسؤول شخصيا عن تمويل حرب الإبادة، والشعب الماليزي محب للسلام ولا يريد أن يرى “قدمي مجرم” تطأ أراضيه.
ودأب حكيم على التظاهر منفردا أمام السفارة الأميركية في كوالالمبور، متحديا إجراءات الشرطة، ورفع لافتات تندد بجرائم الحرب وتتهم الولايات المتحدة بالمشاركة في الجرائم.
ودعا حكيم الحكومة إلى التراجع عن دعوة ترامب، وقال في حديثه للجزيرة نت إنه لا فرق بين مجيء ترامب لحضور قمة آسيان أو لغيرها، فهو “مجرم حرب” وفق المادة الثالثة من اتفاقية جنيف التي تصنف التواطؤ مع الإبادة الجماعية جريمة حرب.
وفي السياق ذاته ذهب تيان تشوا، الأمين العام لسكرتارية التضامن مع فلسطين، إلى اعتبار زيارة ترامب المرتقبة إهانة لآسيان، فاستقبال ترامب، برأيه، يخالف ميثاق آسيان والروح التي قامت عليه، وهو السلام والاستقرار والتعاون الإقليمي والازدهار.
وأضاف تشوا للجزيرة نت أن أفكار ترامب تتناقض مع الأسس التي قامت عليها آسيان، وأشار إلى منع الوفد الفلسطيني بالكامل من زيارة الأمم المتحدة، ومنع قضاة محكمة العدل الدولية وحتى مسؤولي اليونسكو الذين هم موظفون في الأمم المتحدة، ووصف تشوا هذه الإجراءات تعبير عن الوقاحة في التصدي للقانون الدولي، وينبغي لمنظمة آسيان، برأيه، عدم السماح بمشاركة “مجرم حرب” لأن مشاركته تجلب العار لها.
المجتمع المدني
وأشار رئيس مؤسسة إكرام، بدلي شاه شام بحرين، إلى بيانات وتصريحات مؤسسات المجتمع المدني الماليزية بشأن إجماعها على التنديد بموقف الولايات المتحدة، واعتبارها شريكة في جرائم الحرب.
وبينما وصف شام بحرين في حديثه للجزيرة نت رئيس الوزراء أنور إبراهيم بالداعم قوي للقضية الفلسطينية، أعرب عن تفهمه للسياق الدبلوماسي الذي تأتي به زيارة الرئيس الأميركي.
وقال إن رئيس الوزراء بصفته رئيسا للدورة الحالية لآسيان يسعى إلى تعزيز الدور الجيوسياسي للكتلة إقليميا ودوليا، ومن هنا تأتي دعوة ترامب رغم مخالفتها للمشاعر الشعبية المرتبطة بـ”الجرائم” التي ترتكبها إسرائيل في فلسطين بأسلحة أميركية.

وأضاف شام بحرين بأن الاحتجاجات الشعبية مهمة لتراكم الضغط الدولي على الولايات المتحدة من أجل وقف دعمها لإسرائيل، واعتبرها رسالة لرئيس الوزراء لكي يوصلها للرئيس الأميركي وهي أن “الشعب الماليزي ينكر عليكم المشاركة في جرائم الإبادة، وأن الرئيس الأميركي يمكنه وقف الجرائم في غزة بأمره إسرائيل التوقف، لكنه لا يفعل”.
وعنونت العشرات من مؤسسات المجتمع المدني بيانا مشتركا بـ”رئيس الإبادة غير مرحب به في ماليزيا”، وانتقد البيان ما وصفها بالسعادة التي عبر عنها رئيس الوزراء لاستجابة ترامب لدعوته، وبأنها لا تنسجم مع اتهاماته الغرب بالنفاق، وأضاف البيان أن إعلان ألمانيا عزمها وقف تزويد الاحتلال بالسلاح، يجعل الولايات المتحدة القوة الدولية الوحيدة المسلحة لإسرائيل و”جرائم الإبادة” ضد الشعب الفلسطيني.
وبينما اعتبر مقربون من الحكومة دعوة الرئيس ترامب فرصة لإيصال رسالة ماليزيا وآسيان مباشرة برفض الإبادة الجماعية رأت مؤسسات المجتمع المدني في بيانها أن الرسالة يجب أن تكون في البحث عن بدائل للتعامل مع الولايات المتحد، مثل التحالف مع الصين.
وتساءل البيان عن صدقية ادعاء ماليزيا بدعم مفتوح للشعب الفلسطيني بينما تعزز علاقاتها مع أكبر مانح لحصانة إسرائيل من العقاب بل ويكاد يكون الوحيد المشارك في جرائمها.
ورأى شام بحرين حاجة لمواصلة الاحتجاجات الشعبية ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، وقال إن الاحتجاجات الشعبية وحدها التي جعلت من إسرائيل دولة منبوذة، حتى إن عمال الموانئ في إيطاليا هددوا بالإضراب إذا ما تعرضت إسرائيل لأسطول الصمود المتوجه لفلسطين.