عرف بين زملائه بمهنيته العالية، وتمسكه بأداء رسالته وواجبه المهني على أكمل وجه، وببشاشته وابتسامته التي لم تكن تفارق محياه حتى في أحلك الظروف، كما تميز بشخصيته المرحة بين كل من عاشره.
المولد والنشأة
ولد محمد صابر إبراهيم سلامة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2000، في بلدة عبسان الكبيرة إلى أقصى الشرق من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، وعاش وترعرع بين أزقتها.
عاش طفولته يتيم الأم، في حين كان والده من دون عمل.
عقد قرانه بذكرى ميلاده في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 على الصحفية هالة عصفور، لكنه كان يؤجل حفل زفافه على أمل أن تأتي تهدئة أو وقف لإطلاق النار، لكنه زُفّ شهيدا قبل أن يحقق حلمه.
الدراسة والتكوين العلمي
درس المراحل الابتدائية والإعدادية في مدارس بلدة عبسان الكبيرة، وأنهى الثانوية العامة عام 2018، والتحق بإحدى الكليات المهنية وحصل منها على دبلوم مهني في التصوير.
منذ صغره كان شغوفا بالتصوير الصحفي، والتحق بالعديد من الدورات لتعلم فنونه، وكان يلازم العديد من المصورين الصحفيين حتى تعلم منهم أسس ومهارات التصوير الصحفي.
التجربة الصحفية
منذ حصوله على الثانوية العامة عام 2018، عمل الزميل محمد سلامة مع العديد من المؤسسات الصحفية المحلية والدولية لتغطية انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي وعملياته العسكرية وحروبه ضد قطاع غزة.
وما إن بدأ الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة بعد معركة طوفان الأقصى، التي شنتها فصائل المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حتى حمل محمد سلامة كاميرته على كتفه ليوثق حرب الإبادة الجماعية ضد القطاع.
التحق بقناة نيوز عربي في فبراير/شباط 2024، وعمل مصورا لها في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ويعد من الصحفيين القلائل الذين أصروا على البقاء فيها أثناء اجتياح الجيش الاسرائيلي المنطقة في ديسمبر/كانون الثاني 2023.
وظل في خان يونس حتى اضطر للخروج مجبرا في فبراير/شباط 2024، حين اقتحم الجيش الإسرائيلي مستشفى ناصر وأجبر النازحين والطواقم الصحفية والصحية على الخروج إلى مدينة رفح تحت تهديد السلاح.
ويقول عنه مراسل نيوز عربي بمدينة خان يونس الزميل رامي أبو طعيمة إنه كان يتمتع بمهارة عالية في التصوير الصحفي، وكان شجاعا جدا ومتفانيا في عمله، وله أعمال كثيرة فضحت انتهاكات الاحتلال بحق أهالي غزة.
ولم تكن الكاميرا بالنسبة لمحمد سلامة مجرد أداة عمل، بل كانت عدسته تروي قصصا، وتوثق جرائم ترتكب كل لحظة ضد الأبرياء من أبناء شعبه، ووثقت عدسته فيديوهات مميزة وصورت العشرات من التقارير الإنسانية وغيرها من الإنتاجات الإعلامية التي خرجت إلى العالم عبر منصات نيوز عربي المختلفة.
الاستشهاد
استشهد محمد سلامة الاثنين 25 أغسطس/آب 2025، إثر استهداف إسرائيلي لقسم الاستقبال في مستشفى ناصر الطبي، ما أسفر أيضا عن استشهاد 3 صحفيين آخرين هم: حسام المصري المصور في وكالة رويترز، ومريم أبو دقة المصورة في وكالة أسوشيتد برس، ومعاذ أبو طه المصور الصحفي المستقل.
كما أسفر القصف عن استشهاد 15 فلسطينيا آخرين، إضافة إلى عشرات الجرحى، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
ووري الشهيد الثرى مساء اليوم نفسه في مقبرة الحي النمساوي غرب مدينة خان يونس، وشيع جثمانه أفراد من عائلته وزملاؤه الصحفيون ومحبوه، وسط هتافات نددت بعملية الاغتيال ودعت إلى محاسبة إسرائيل على جرائمها.
وقد أدانت شبكة نيوز عربي الإعلامية جريمة استهداف الزميل محمد سلامة، إلى جانب آخرين، وأكدت في بيان أن “استهداف الصحفيين وقتلهم على هذا النحو يعد جزءا من حملة ممنهجة لإسكات صوت الحقيقة”.
وأضاف البيان أن الجريمة التي أودت بحياة الزميل محمد سلامة رفعت عدد شهداء نيوز عربي في غزة إلى 10 صحفيين منذ بدء الحرب الإسرائيلية في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
بدوره استنكر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة جريمة الاغتيال، وحمل الاحتلال وداعميه المسؤولية الكاملة، وطالب الهيئات الصحفية الدولية بالتحرك الفوري لحماية الصحفيين ومحاسبة الاحتلال.